حاجة تفرح والله، المبادرة التى أطلقتها رئاسة الجمهورية تحت شعار «100 مليون صحة»، لمواجهة أمراض الضغط والسكر والبدانة بالإضافة إلى استمرار مواجهة فيروس سى، فالدولة التى واجهت انتقادات فى الماضى بأنها لا تولى ملف الرعاية الصحية الاهتمام الكافى، ها هى تنزل بهيئاتها ومسؤوليها وطواقمها الطبية إلى القرى والنجوع والمشروعات الكبرى والمصانع والمصالح الحكومية، تقدم الكشف الطبى والعلاج للمرضى بالمجان، كما تقدم الرعاية الصحية الممتدة لمن يثبت إصابتهم بأحد الأمراض المزمنة.
وزيرة الصحة والسكان فى عرضها للترتيبات الخاصة بالمبادرة أوضحت أنها تستهدف الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدى سى، إلى جانب التقييم والعلاج من خلال وحدات علاج الفيروسات الكبدية المنتشرة فى جميع محافظات الجمهورية، وكذا الكشف المبكر عن مرض السكر وارتفاع ضغط الدم والسمنة، وتوجيه المكتشف إصابتهم بأحد هذه الأمراض لتلقى العلاج بمختلف وحدات ومستشفيات الجمهورية، وذلك بهدف التوصل إلى مصر خالية من فيروس سى بحلول عام 2020، وخفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية التى تمثل حوالى %70 من الوفيات فى مصر.
تفكير رشيد وتوجه سليم من الحكومة بتوجيهات رئاسية، ترسخ مفهوم أن الصحة العامة مورد من الموارد وثروة قومية يجب الحفاظ عليها وتنميتها، وأن المجتمع الذى يتمتع الغالبية العظمى منه بالصحة ويخلو من الأمراض السارية وغير السارية هو مجتمع أقدر على النمو والازدهار، وأن الالتفات إلى إدارة مواردنا البشرية بالطريقة المثلى التى تستوجب توفير الظروف المواتية حتى يتمتع النسبة الغالبة بالصحة الجيدة، يعنى اقتصاديا توفير موارد ضخمة تذهب إلى ميزانيات علاج الأمراض المزمنة والأمراض الطارئة والحالات الحرجة وأمراض كبار السن والأمراض الخطيرة مثل السرطان والفشل الكبدى والكلوى.
المبادرة الرئاسية قسمت المسح الشامل للمواطنين على مراحل على أن يتم اختيار محافظات ممثلة عن جميع الأقاليم فى كل مرحلة، وتمتد المرحلة الأولى من أكتوبر حتى نوفمبر 2018، وتضمُ 9 محافظات، هى جنوب سيناء ومطروح وبورسعيد والإسكندرية والبحيرة ودمياط والقليوبية والفيوم وأسيوط، ثم المرحلة الثانية بين ديسمبر 2018 وفبراير 2019، وتضم 11 محافظة، هى شمال سيناء والبحر الأحمر والقاهرة والإسماعيلية والسويس وكفر الشيخ والمنوفية وبنى سويف وسوهاج وأسوان والأقصر، وأخيرا المرحلة الثالثة، ما بين مارس وإبريل 2019، وتضم 7 محافظات، وهى الوادى الجديد والجيزة والغربية والدقهلية والشرقية والمنيا وقنا، أى أن المبادرة الرئاسية تحقق المسح الصحى الشامل لجميع المواطنين وتقدم العلاج والرعاية الصحية لهم خلال سبعة أشهر فقط، فضلا عن امتلاك أول قاعدة بيانات شاملة للحالة الصحية للمصريين، يمكن أن تبنى عليها مشروعات التنمية خلال السنوات المقبلة.
آن الأوان لنعيد التفكير بإدارة منظومة الصحة المصرية وتوجيه الرعاية الصحية للمواطنين، للوقاية من الأمراض واكتشافها فى بداياتها والتوعية بضرورة إجراء الكشف الدورى، فمهما تكلفت هذه الخطط الصحية من موارد، فهى إلى جانب تحقيقها هدف الرعاية الصحية للمواطنين، أقل بكثير من تكلفة علاج الأمراض الخطيرة والأمراض المزمنة والأمراض السارية وغير السارية.
وفى السياق نفسه، علينا أن نفكر فى القضاء على كل مسببات المرض حتى نتحول إلى مجتمع يتمتع بالوفرة الصحية، ومن ثم بالوفرة الإنتاجية والاقتصادية، وحتى نوطن مفهوم الاستمتاع بالحياة بدلا من اليأس منها، على عادة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، وما مشروع مد الصرف الصحى إلى جميع قرى مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة إلا حلقة فى هذا المشروع الكبير الذى يستهدف رفع مستوى الصحة العامة، وفى هذا السياق فإن منظمات المجتمع المدنى وجمعيات خدمة المجتمعات المحلية المنتشرة فى كل محافظات ومدن مصر مطالبة بدعم المبادرة الرئاسية «100 مليون صحة»، بالمشاركة فى نشر الوعى بضرورة التقدم للكشف المجانى، وتلقى الرعاية الصحية المناسبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة