كرم الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة، الشاعرة والروائية المغربية عائشة البصرى، لحصولها جائزة أفضل كتاب عربي في مجال الرواية، فى معرض الشارقة الدولى للكتاب بدورته الـ37، عن روايتها "الحياة من دونى"، الصادرة عن الدار اللبنانية المصرية ومكتبة الدارة العربية.
"اليوم السابع" التقى الروائية المغربية، خلال مشاركتها فى المعرض، وكان معاها هذا الحوار:
س/ حدثينا عن رواية "الحياة من دونى" الفائزة بجائزة معرض الكتاب؟
الرواية تتناول اغتصاب الحروب، ومعاناة النساء فى أماكن النزاع المسلح، وتدور أحداثها فى فضاءات متعددة بين المغرب والصين وفيتنام ثم تعود مرة أخرى إلى المغرب، وبطلات الرواية صينيات والساردة الرئيسية هى "كوتشين"، المرأة التى عاشت فى فترة 1937م بقرية جسر تشولنج فى الشمال الشرقى للصين، وهى الفترة التى أعتدت فيها اليابان الصين وتم اعتقال الرجال وقتلوهم واغتصبوا النساء فى طريق "لنجين"، المدينة التى تعرف باسم مذبحتها أواخر 1973م، وهى أكبر مذبحة فى تاريخ القرن الـ 20، وتعرف أيضًا باسم "اغتصاب لنجين"، نظرًا لعدد حالات الاغتصاب التى عرقتها تلك الفترة، فلعلك تتخيل أنه فى 6 أسابيع فقط اغتصبت 20 ألف امرأة.
س/ لماذا بدأت حياة بطلة روايتك من المغرب؟
لكى تكون هناك سياق للرواية حيث ولدت فى الصين وعاصرت الحرب فيها، وبعدها هربت مع بائع سلاح إلى فيتنام، ووجدت هناك حرب أخرى وهى حرب الهندوصينية، والتقت هناك بجندى مغربى، مجند ضمن الجيش الفرنسى، لأن من ضمن المستمعرات كانوا يجندون جنود من مستعمرتهم، وسوف تتزوج بهذا المغربى فتعيش فى الدار البيضاء، لكن فى عام 2001، ستحن وتعود إلى الصين بحثًا عن شقيقتها التوأم، "اتشين ماى" التى عاشت فى الصين وشهدت تحول الحرب، "والبطلة كوتشين هى الاخت المشاغبة التى هربت من الواقع الصينى بحثًا عن الأمان.
س / اعتمدى تيمة جديدة فى الكتابة بين الرواية والقصص المتصلة، لماذا اخترتى هذا الأمر؟
الرواية بها 3 عناوين، و3 ساردات، فالسيدة الأولى هى الراوية وتحكى عنوان الغلاف "الحياة من دونى"، ولا تظهر فى الأحداث إلا فى البداية والنهاية، والقصة الثانية تأتى على لسان سيدة أخرى "تشين ماى" الاخت التوأم للبطلة كوتشين، فتحكى الأحداث التى عاشتها فى الصين، أما الرواية الثالثة تسرد على لسان "كوتشين" البطلة التى فرت من الصين، وأردت خلق أسلوب وتقنية جديدة غير مكررة.
س/ هل شعرت بالقلق من اختيار هذه التيمة؟
أنا دائمًا أحب أن أجرب، وبهذه التقنية قدمت للقارئ مساعدة للعب على الخطوط، فهناك الخط العريض للراوية والخط المائل لشقيقة البطلة، والخط العادى على لسان البطلة، وتوزيع الرواية خدع للتواريخ والأماكن فبداية كل فصل هناك مكان مثل "لوجين، والدار البيضاء، سان جون"، حسب الواقعة والتاريخ، وأطن أن القارئ سيجد طريقة بنفسه، واضحة من خلال التواريخ المذكورة بالرواية.
س/ لماذا اختارتى "لنجين" مكانا لإنطلاق احداث الرواية؟
لأنه يجب أن تكون هناك مسافة زمنية ومكانية للإبتعاد عن القضية حتى تعطينا نظرة أشمل، وثانيا تعتبر حادثة اغتصاب لنجين من البصمات السوداء خصوصا للنساء فى القرن الـ 20، لهذا حاولت خلق فضاء بعيد عن الفضاء العربى، لأنه حتى الآن ليس لدينا معلومات عن معاناة النساء فى الحروب.
س/ هل تتناول الرواية شخصيات حقيقية؟
لا، الرواية من الخيال، ولكن جميع التواريخ التى ذكرتها ثابتة وحدث بالفعل.
س/ كم مرجع أطلعتي عليه حتى تكتبى رواية بها أحداث حدثت بالفعل؟
هناك كاتب إيطالى قال عندما وجه له سؤال كيف تكتب فرد عليه قائلا :انا لا أعرف ولكن يكفى أن تنظروا إلى كمية النشارة تحت طاولتى وستعرفون كيف كتبت هذه الكتب"، وهذه المقوله دائما أسقطها على نفسى، فأنا قرأت عن الحروب وتاريخها والحرب العالمية الثانية وشاهدت أفلام، واخذت منى كتابة أربع سنوات أى منذ 2014 وصدرت فى 2018م.
س/ ما هى الصعوبات التى واجهتك فى كتابة الرواية؟
بكل تأكيد، فالحرب ليست حربى، اما اللغة فقد قضيت 6 اشهر فى تنقيح وتثبيت الاسماء، لأن الأسماء باللغة الصينية تنطق ليس كما تنطق، وتختلف الكلمة من شكل إلى أخر، وقد استعنت بمترجمة صينية لمساعدتى، لتصحيح وتثبيت بعض الأشياء، كما كان لابد من زيارة الصين والأماكن التى أتحدث عنها فى الرواية، وبالفعل أرسل لى دعوة من وزارة الثقافة الصينية للذهاب إلى الصين، وهذا الرواية كانت بها نوع من الغرائيبية، لأنى كتبت أكثر من ثلثى الرواية ووضعتها جانبا.
س/ لماذا توقفتى فترة عن الكتابة ثم عاودتى العمل من جديد؟
فى البداية أعتمدت على حسى، لكن الرواية كان ينقصها شئ، وهو الجانب الروحى فى الأداء والتحدى فى المخيلة لهذا وضعتها جانبًا وانتظرت حتى زرت الصين، والأماكن التى وقعت بها تلك الحادثة، فرأيت القرية التى ولدت فيها البطلة ومدينة لنجين كما زرت متحف الحروب الذى يحتوى على وثائق ومقابر جمعية حقيقية، فلمست الجانب الروحى للصينيين، المتشبع بمذهب الكونفوشية والبوذية، لأن هذه المذاهب حتى التى تمثل الجانب الروحى لدى الصينين، وحتى الشيوعية لم تستطع أن تقضى على هذا الجانب، وبعد عودتى من الصين غيرت فى أسماء الأشخاص، ولكن الوقائع كما هى، فالزيارة كانت تجميع مادة بنيت عليها الرواية، واكتشفت أن مرافقتى فى الصين الكثير من ملامحها بها الكثير من شقيقة بطلة الرواية، واكتشفت بعد ذلك أن سلوكها تشبهها.
س/ وكيف اختلفت رؤيتك للرواية قبل زيارتك للصين وبعدها؟
ما لحظته هو اختبار نبوءة الكاتب، فبالصدفة المكان الذى كان من المقرر زيارته والذى بنيت عليه أحداث الرواية كان به امطار كثيرة فتم تغيير البرنامج، لأذهب لقرية قريبة اكتشفت أنها هى القرية التى أتحدث عنها فى روايتى "الحياة من دونى"، هى نفس القرية التى تقع على الجسر وكأننى دخلت إلى روايتى، وساءلت نفسى هل أنا فى الرواية أم فى الرحلة.
س/ هل هناك مشاريع لترجمة الرواية إلى اللغة الصينية؟
هناك عدد من دور النشر لترجمة الرواية إلى الصينية.
س/ لماذا لا تكتبى رواية عن ضحايا نساء داعش؟
لكل نص إبداعى له شرارة لتوقده والذى حفزني على كتابة روايتى "الحياة من دونى"، هم نساء داعش، فعندما رايت كيف يتم أخذ النساء ليذهبوا إلى العراق وسوريا لجهاد "النكاح" فهذا الموضوع استفزنى وأثار غضبى، ومن هنا جاءت روايتى، ولكى نكتب على ضحايا داعش لابد أن يمر وقت طويل حتى نستطيع جمع المادة ونكتب بكل تفاصيها.
س/ وكيف كان شعورك عن إعلان اسم روايتك كأفضل كتاب عربي في مجال الرواية بمعرض الشارقة؟
بكل تأكيد كانت سعادتى لا توصف، وبالمناسبة أوجه الشكر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة، وهيئة الشارقة للكتاب وهيئة التحكيم، ودار المصرية اللبنانية، لثقتهم بالرواية، وبطبيعة الحالى ستكون بصمة إيجابية فى مسار الكتابة، والجائزة قيمة ثقافية لأنها تقدم فى معرض الشارقة للكتاب العريق، وبوابة الأدب العربى نحو العالم، ووصول هذه الرواية للجائزة تعنى تحقيق الهدف من الرواية، وهذا طموحى منذ البداية، واتمنى من هذه الجائزة أن تفتح مجال أوسع للتعاون بين المغرب بلدى ودولة الإمارات العربية المتحدة.
س/ ما مشروعك الجديد؟
لدى مشروع جاهز، وهو شهادات حقيقية عن الحرب، وفى إطار عملى على رواية "الحياة من دونى" اخذت كمادة أولية عدة شهادات من المغرب والصين وغيرها، والآن الكتاب تقريبًا جاهز، وهدفه أن المعاناة تصل بلسان النساء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة