فى عام 1869 افتتح الخديوى إسماعيل دار الأوبرا المصرية، ومرت سنوات طويلة منذ ذلك اليوم، حرقت الأوبرا القديمة وبنيت أخرى جديدة فى أرض الجزيرة، يقال بأن اليابانيين لم يكن قصدهم أن تكون أوبرا، كانوا يرونها مجموعة من المسارح، لكن المصريين لا ينشغلون بهذه الشكليات واعتبروها أوبرا، وتواتر مؤخرًا أن الدولة تبنى واحدة جديدة بمواصفات عالمية فى مدينة الفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة، كل ذلك مهم، لكن الأكثر أهمية هو ضبط علاقة الناس بالأوبرا نفسها، يجب أن يعرف الناس ما الذى يحدث هناك.
للأسف لا يعرف الناس الكثير عن الأوبرا ومعظمهم يتعاملون معها بناسها وموسيقاها ومبانيها وفنانيها وجمهورها على أساس أنهم نخبة لا علاقة لهم بالواقع، وأنهم يحلقون فى سمائهم بعيدا، لكن هذا ليس حقيقيا، وعلينا أن نعرف أن ليس كل ما يقدم فيها فن غربى أو حفلات أوبرالية بموسيقى وأداء غربى رغم أهمية ذلك، فهى حافلة بكثير من الفنون المصرية والموسيقى العربية.
وهنا أريد أن أذكر وزارة الثقافة ببروتوكول التعاون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى يقوم على أساس إذاعة هذه الحفلات حتى يشاهدها الكثيرون وهم فى بيوتهم، وذلك انطلاقا من العلاقة المعروفة بين الموسيقى والحالة الصحية النفسية للإنسان، فكثير من البحوث العالمية دارت حول هذه النقطة، وجاءت جميعها لصالح الموسيقى، وهو أمر من وجهة نظرى «فطرى»، فالموسيقى تعيد للإنسان ثباته وتوازنه وتمنحه القدرة على فهم نفسه وقدرة على مواجهة العالم.
جانب آخر مهم أطلب من الدكتورة إيناس عبد الدايم أن توليه قدرا كبيرا من اهتمامها، وهو أن تقيم بروتوكولات تعاون مع وزارة التربية والتعليم، مضمونها أن تستضيف دار الأوبرا برئاسة الدكتور مجدى صابر، طلاب المدارس فى الأوبرا حتى ترتقى مشاعرهم عندما يدركون جوهر الفن، وأعتقد أن هذا الأمر ليس صعبا، فلنا أن نتخيل طلابا فى المدارس الثانوية يشاهدون أوبرا عايدة، وما بها من إبهار فنى فى الموسيقى والصورة والإحساس، فى ظنى أن هذا الرقى سيكون باعثا قويا فى حياتهم المقبلة، وسيجعل أفكارهم عن الفن مختلفة بعيدا عن الضوضاء التى يظنونها «موسيقى»، رغم أنها تطمس أرواحهم فى كل مرة.
ربما يحدث ذلك بشكل «فردى»، لكن المقصود هنا أن يتحول الأمر إلى «منهج»، تتبعه وزارة الثقافة، على الأقل سيكتشف قدرا لا بأس به من الطلبة أن فى داخل كل منهم فنانا كبيرا لم يكن يتنبه إليه من قبل.