أكرم القصاص

حمدى قنديل.. عقل كبير عاش أكثر من مرتين!

السبت، 10 نوفمبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اجتمعت كل الأطراف فى عزاء الراحل الكبير الصحفى والإعلامى الكبير حمدى قنديل، سياسيون وإعلاميون وفنانون، ومثقفون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وهو أمر يتكرر مع الشخصيات التى أثرت بالفعل فى الوجدان والعقل، وحدث ذلك فى العام الأخير مع صلاح عيسى وحسين عبدالرازق وسيد حجاب وعبدالرحمن الأبنودى وخالد محيى الدين ورفعت السعيد، وكل من هؤلاء الإعلام كانت له مواقفه وآرائه التى قد ترضى طرفا ويختلف معها طرف آخر، ولكل من هؤلاء آرائه وانحيازاته ومواقفه السياسية التى قد تختلف أو تتفق مع آراء الآخرين.
 
الأستاذ حمدى قنديل كانت له مواقفه الواضحة التى بنى كل منها على اختيار، وبناء على قناعات، ولم يتحرج من الاعتراف بخطأ أحد اختيارات ومواقفه، ولهذا جاءت مذكراته «عشت مرتين» التى تمثل شهادة عن الإعلام والسياسة فى مرحلة صعبة من مراحل مصر التى شهدت أكثر التحولات دراماتيكية، وهى فترة أصابت كثيرين بالارتباك ودفعتهم لمواقف وخيارات معينة، لكن قليلين هم من امتلكوا شجاعة تقييم هذه المواقف بشكل واضح ومن هؤلاء كان حمدى قنديل.
 
حمدى قنديل أحد الرواد الحقيقيين الذين صنعوا ذاكرة ومزاج المستمع ثم المشاهد المصرى والعربى، بريادة حقيقية، تعنى تقديم الفعل للمرة الأولى دون سوابق، والمساهمة فى تشكيل الخيال الثقافى، وكان ببرنامجه «رئيس التحرير» صاحب السبق فى تقديم برنامج «سهل ممتنع»، قدم فيه قراءة غير مسبوقة للصحف والأحداث بطريقة نقدية تجمع بين العمق والسخرية والتحليل، فى مساحة لا تتجاوز الساعة، كان يرسم بصوته بانوراما لأسبوع كامل أو أكثر، يلتقط الأخبار ليعيد ترتيبها وبثها بصورة مدهشة ويلتقطما وراء الخبر، يحول الخبر العادى إلى انتقاد، دون من يتورط فى ألفاظ أو تعليقات خارجة، وهو أمر تكرر مع «قلم رصاص».
 
المفارقة أن برنامج رئيس التحرير على القناة الثانية هو الأكثر مشاهدة وهو أهم البرامج التى قدمها التليفزيون طوال سنوات، وحمدى قنديل هو ابن التليفزيون المصرى ولم يهبط بالبارشوت، الذى أثبت أن الفشل ليس قدرا وأنه بإمكانات بسيطة يمكن أن يصنع برنامجا كبيرا، بينما العقول الصغيرة تدمر أى إمكانات كبيرة، وكنت قريبا من الراحل للدرجة التى أعرف فيها أنه لم يكن يحصل على واحد على عشرة مما كان يحصل عليه دخلاء على ماسبيرو لم يحققوا نجاحا يذكر بالرغم مما حاولوا إشاعته.
 
رئيس التحرير كان أول برنامج يعيد قراءة الصحف والتقاط ما بها بذكاء وحنكة، يفتش عن الأقوال حتى لو كانت جملة لقارئ عابر أو مجهول، وبعد توقف رئيس التحرير حاول كثيرون، وما يزالوا، أن يقلدوا برنامج رئيس التحرير من دون روحه، كان لحمدى قنديل نفس فى برنامجه، يعطيه طعمه ونكهته الخاصة، وبقى «رئيس التحرير» هو أكثرها جاذبية وعمقا، لأنه امتلك قدرا كبيرا من الشجاعة والمصداقية، وكانت عباراته البسيطة «أهلا بكم» مفتاحا يحمل سر علاقة حمدى قنديل بمشاهديه، الذين ينتظرونه من الأسبوع للأسبوع.
 
رحل حمدى قنديل وترك دروسا يمكن التعلم منها، ثم إنه ارتبط بعلاقات ود واحترام مع كل التيارات التى اتفقت أو التى اختلفت معه، لكنها لم تختلف عليه، عاش حمدى قنديل أكثر من مرتين بعقله الكبير واحترامه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة