يعد الفيلسوف الفرنسى جان بوديار، الذى رحل عام 2007 واحدا من أكثر الفلاسفة المعاصرين اهتماما بالمجتمع المعيش وتأملا للأزمات التى يعانى منها بسبب العولمة وتوابعها، ومن الكتب الصادرة حديثا وناقشت أفكاره كتاب "لا أخلاقية العنف عند جان بودريار " لـ الدكتورة سوزان عبد الله إدريس، والصادر عن منشورات ضفاف/ منشورات الاختلاف.
وتقول شوزان عبد الله، يدخل العنف عند بودريار فى جميع الثقافات ويتغلغل بين كل الشعوب، ويتعدى خطره جميع الظواهر الثقافية والاجتماعية والأخلاقية فى المجتمع الاستهلاكى، إذ يتحول كل شيء إلى علامات وإشارات قابلة للاستهلاك لتغيير الواقع ويحل مكانه واقع افتراضى يكرس العنف ويبعد الإنسان عن إنسانيته، حيث تغيب المعايير والضوابط الأخلاقية، مما يفضى إلى انهيار الواقع الحقيقى ويحل بدلا منه عالم فوق واقعى.
ويرى بودليار أن وسائل الإعلام المختلفة المتطورة كان لها دور بارز فى محو الحدود بين ما هو حقيقى وما هو افتراضى، بحيث ينتقل الإنسان للعيش فى عالم افتراضى يساعد على نشر العنف وتطوره عبر الصورة التى تعزز الأساليب العنيفة بين الأفراد. وذلك بالاستعانة بالتكنولوجيا المعاصرة وأدواته.
كما يرجع بودليار العنف إلى تنامى ظاهرة العولمة، التى أوجدت أزمات عديدة عجزت معها الإنسانية عن نشر قيمتها الأخلاقية، بل تدعو إلى عنف محض يدعو إلى إقامة عالم خال من القيم لعليا، لذلك يحمل النظام العالمى الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية مسئولية العنف الذى يعم الوجود الإنسانى لأنها تعتمد سياسة القطب الواحد الذى حولت العنف إلى إرهاب. وولدت عنفا آخر مضاد للعنف الذى تصدره إلى بقية شعوب العالم.
وتتجلى أهمية الكتاب فى الإجابة عن السؤال الرئيسى الذى يتمثل فى تبيان مشكلة العنف عند بودليار وإظهار الفكرة الأساس (موت الواقع) التى انطلق منها الفيلسوف، وطرق معالجته لها، وأثرها فى خلق أزمة أخلاقية راهنة وعلى هذا النحو نجد أن مشكلة العنف تشغل مكانة بارزة فى حياتنا المعاصرة وتنبع من واقع عالمنا المعيش الذى تتصارع فيه الأمم، والأفكار والأيديولوجيات وتشيع فيه شتى مظاهر العنف وتتعدد وسائله وأساليبه مع التطور التكنولوجى والإعلامى مؤكدين على المطلب الأخلاقى الملحاح، حيث تعانى الأخلاق فى عالمنا الراهن من عوز وفقر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة