كريم عبد السلام

مع حمو بيكا وضد هانى شاكر

الإثنين، 12 نوفمبر 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتفض الفنان هانى شاكر فور علمه بأن المطرب الشعبى حمو بيكا سيغنى فى حفل كبير فى منطقة العجمى بالإسكندرية، لماذا انتفض الفنان هانى شاكر وهاج وماج، لأنه يعتبر حمو بيكا وأمثاله من مطربى المهرجانات ومطربى الميكروباصات ومطربى العشوائيات ممثلين للفن المنحط، ومن هنا أجرى اتصالاته مع كل من يملك القرار ليمنع إقامة الحفل من الأساس على اعتبار أنه يواجه الفن المنحط بما يليق به،بالمنع والحجب والمصادرة ، وعندما تم له ما أراد، أصدر بيانا يفخر فيه بما فعل ويشكر الجهات الأمنية لسرعة الاستجابة ومنع إقامة الحفل!
 
هذا السياق بالكامل يثير مجموعة من الملاحظات الجوهرية حول طبيعة الفن ودوره وكيفية ظهوره أصلا، كما يثير التساؤلات حول ممارسة نقيب الموسيقيين، وهل ما فعله فعلا ينتمى إلى الفن أصلا؟ أو ينحاز إلى الفن أصلا؟ أو يضيف للفن الموصوف بالراقى ويحجم الفن الموصوف بالمنحط؟
 
أول هذه التساؤلات أن هانى شاكر ونقابته لم ينجحوا فى منع حمو بيكا، بل أضافوا إليه كثيرا ومنحوه فرصة للانتشار والذيوع، وأنا واحد من الناس لم أكن قد سمعت به من قبل، وسعيت لأسمع ما يقول بعد القرار الكارثى الذى اتخذه نقيب الموسيقيين.
 
ثانيا، ينسى أو ربما لا يعرف أصلا نقيب الموسيقيين أن تقسيم الفن إلى فن راق وفن شعبى أقل درجة وفن منحط أقل درجات كثيرة هى تقسيمات وهمية وفاسدة، وأن التعبير الفنى هو حاجة بشرية، وهو شديد التنوع والتعدد بتنوع وتعدد الجماعات البشرية داخل المجتمع الواحد ومن مجتمع لآخر، ولا يمكن وصف أى نوع من الفن بأنه منحط مقابل وصف آخر بأنه راق، ولكن نقاد الفن وحدهم هم من يقيمون درجة الإبداع للنتاج الفنى قياسا على نوعه وليس على أى نوع آخر.
 
وأسأل الفنان هانى شاكر الذى يعتبر نفسه ممثل الفن الراقى والمدافع عنه ومحارب الفن المنحط، هل تعرف كم نوعا موسيقيا مثلا فى الولايات المتحدة؟ وهل تعرف كم نوعا موسيقيا عندنا فى مصر؟ وهل يجرؤ صاحب منصب تنفيذى فى أى مكان فى العالم أن يمنع حفلا فنيا لمطرب أيا كان تصنيفه أو طبيعة ما يؤديه؟ 
 
يمكننا يا نقيب الموسيقيين أن نرصد فى الولايات المتحدة مثلا أكثر من ثلاثين نوعا غنائيا وموسيقيا، ربما أنت لا تعرف ولا تحب إلا نوعا أو اثنين منها، الروك والجاز والكلاسيك والبلوز والبانك والهيب هوب والراب والميتال والهيفى ميتال والنيو ميتال والتراش ميتال والكلاسيك ميتال والكاريبى ميوزيك والكانترى ميوزيك أو أغانى الريف الأمريكى والإيمو والبلوجراس والسول والراجتايم والسوينج ميوزيك والتيكاتو ميوزيك والهاوس ميوزيك والجرنج ميوزيك والأفريكان ميوزيك والبوجى ووجى ميوزيك والراب روك والراب ميتال والجانجستا راب والسب واى ميوزيك، فهل سمعت يوما أن أحد مطربى الروك التقليديين استعان بالسلطات لمنع حفل لمطرب من مطربى الراب أو الهيب هوب مثلا؟
 
ويمكننا أن نرصد يا نقيب الموسيقيين عندنا فى مصر أكثر من عشرين نوعا من الموسيقى والغناء، ربما أنت لا تعرف ولا تحب إلا ثلاثة أو أربعة منها، وتعتقد أنك ما دمت لا تعرف ولا تتذوق الأنواع الباقية من الموسيقى والغناء، فهى غير موجودة أو أنها غير راقية ولا تستحق الوجود، ومطربوها يجب أن يمنعوا من الغناء، عندنا الأغنية الطربية التقليدية والأغنية الطربية الحديثة والأغانى الفرانكو آراب والموال الشعبى وغناء المداحين فى الموالد والغناء القصصى الريفى والغناء القصصى الوعظى فى المدينة والبكائيات الشعبية والعديد فى الصعيد والابتهالات الدينية وأغانى الميكروباصات وأغانى المهرجانات والراب المصرى والراب الإيقاعى وموسيقى الأندر جراوند والموسيقى المستقلة وأغانى الكاسيت التى حلت محلها الانفجارات على يوتيوب وأغانى الأفراح الارتجالية وأغانى الحرفيين والأغانى السواحلية المرتبطة بمحافظات بعينها مثل بورسعيد والسويس، وأغانى المناطق داخل القاهرة مثل أغانى شبرا الخيمة وبولاق إلخ.
 
كل نوع من هذه الأنواع الفنية يا سيادة النقيب يظهر لحاجة مجموعة من الناس إليه، ومطربوه يشبهون جمهورهم، وجماهير ومحبو هؤلاء الفنانين لا يسمعونك أنت بل يسمعون مطربيهم الذين يشبهونهم ويعبرون عن أفراحهم وآلامهم، ومحاولة فرض نوع واحد من الغناء والموسيقى أشبه بممارسات الجماعات الأصولية المتطرفة، وحتما سيفشل وسيأتى بنتائج عكسية، لذا أقول لك إننى مع حمو بيكا وناسه ولست معك، والأفضل لك أن تبحث عن الجديد والجيد فى النوع الفنى الذى تنتمى إليه أو تسكت.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة