بالرغم من صدور حكم الجنايات بالسجن 10 سنوات على محافظ المنوفية السابق، وغرامة 15 مليون جنيه بعد ثبوت تهمة الرشوة، تظل هذه القضية وغيرها نموذجًا للفساد متعدد الوجوه. و«كانت الرقابة الإدارية قبضت على المحافظ السابق هشام عبدالباسط، واثنين من رجال الأعمال بعد تقديم رشوة 2 مليون جنيه مقابل تخصيص قطعة أرض لأحد رجلى الأعمال فى مدينة السادات».
وبعد القبض على المحافظ السابق فحص جهاز الكسب غير المشروع ثروته ليكتشف أن المحافظ امتلك 7 شقق بأكثر من 7ملايين جنيه، و11 سيارة، و25 مليون جنيه أموال سائلة بالبنوك، وأنه كون هذه الثروة خلال عام 2017، بالرغم من أن مرتبه لم يتعد 20 ألف جنيه شهريًا.
وحالة المحافظ السابق تكشف عن ظاهرة من التسرع والاستعجال، حيث إنه خلال عام واحد حصل المحافظ على ثروة تقترب من 50 مليون جنيه، وتم كشفه حيث كان المحافظ يواصل الارتشاء بينما يرى زملاء له من المرتشين يتساقطون وتنشر قصصهم وصورهم على صفحات الحوادث وشاشات التليفزيون. ولم يكتف بعدة ملايين وإنما واصل الرشوة بشكل منهجى، لم يشبع من عدة ملايين وإنما استمر يكدس الرشاوى ويلتهم الأموال والسيارات والشقق، وكأنه يريد تحقيق عشرات الملايين خلال فترة توليه المنصب.
لا أحد يمكنه تعميم فكرة الفساد والقابلية للفساد لدى كل المسؤولين، لكن من الواضح أن هناك ثغرات وأبوابًا تجعل المسؤول القابل للفساد جاهزًا، وقادرًا على تكوين عشرات الملايين. وربما تكون هناك حاجة بالفعل لإعادة تطبيق قانون «من أين لك هذا»، على مسؤولين أثروا بلا أسباب واضحة. ولدينا أمثلة على أشخاص أصبحوا فجأة من أصحاب الملايين من دون أن تكون لهم أنشطة واضحة أو استثمارات. ثم أن إعفاء الراشى من المسؤولية الجنائية، يجعل الباب مواربًا لفساد قادم، وربما نكون بحاجة لدراسة هذه الحالات وما إذا كان الراشى مضطرًا للدفع أو أنه اعتاد تقديم الرشاوى لتمرير أعماله والحصول على مالا يستحق.فى هذه الحالة تكون هناك مسؤولية جنائية يستحق الراشى معها العقوبة. خاصة أن إعفاء الراشى من العقاب يجعله قادرًا على تكرار الرشوة والحصول على مالا يستحق. ثم أن الفاسدين يخرجون ليواصلوا الفساد والرشوة ويساهمون فى نقل فيروس الفساد وانتشاره ليصبح وباءً.
ومع أهمية استمرار مكافحة الفساد والرشوة تظل هناك أهمية للبحث عن قواعد وثغرات تجعل التكرار واردًا. خاصة أن ما يهدره الفساد يساوى نسبة لابأس بها من موازنات الدولة وحقوق الشعب والمجتمع، وقد تصل الأموال التى التهمها الفساد إلى ما نحتاجه بالفعل للتعليم والصحة.
الفساد له وجوه كثيرة، ومن الضرورة أن نبحث عن وجوه مختلفة تأكل الحاضر والمستقبل.