لا شئ تحت سماء تركيا يشى بتقدم يذكر، فمن أزمات اقتصادية طاحنة تكوى نيرانها أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتخلق بدورها أزمات اجتماعية عدة، إلى اضطرابات فى العلاقات التى تجمع أنقرة بدول الجوار، بسبب سياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم، يسير الأتراك تحت رايات رجب طيب أردوغان إلى المجهول، بعدما فقدوا الآمل فى أى تغيير سلمى برأس الدولة.
ففى الوقت الذى يجوب فيه الرئيس التركي، العالم بطائرته الفاخرة ويجلس على كرسيه الذهبى وتزداد قصوره وأملاكه داخل وخارج تركيا، تزداد معاناة الأتراك وتدهور أوضاعهم المزرية بصورة أكبر.
الجوع بالقرى الفقيرة
مثال صارخ على الأوضاع الاقتصادية التى يعانى منها شريحة كبيرة من الأتراك خاصة الطبقة الفقيرة، معاناة سكان قرية "قامشلى بينار"، التى تقع على بعد 50 كيلو مترا خارج محافظة ديار بكر، والتى يقنطها غالبية كردية، حيث يعانون من حياة غير أدمية فى بيئة ملوثة، فمنذ حوالى 30 عاما أنشأت الحكومة التركية مكبا للنفايات بالقرب من تلك القرية، مما نتج عنه آثار سلبية اضطرت السكان المحليين إلى ترك تربية الحيوانات والبدء فى جمع القمامة بدلا من ذلك.
ولم يجد سكان تلك البلدة الصغيرة عملا آخر دون النبش فى القمامة طوال اليوم وجمع الزجاجات البلاستيكية والمعدنية وبيعها بثمن بخس إلى شركات إعادة التدوير لكسب لقمة العيش، بحسب موقع "أحوال" التركي.
فلم يكن البحث فى القمامة إلا ملاذا أخيرا لأولئك الذين يعجزون عن إيجاد عمل لهم فى مكان آخر. فلا توجد فرص عمل لشباب القرية بل يوجد عنصرية شديدة تمارس بحق الأكراد المقيمين فيها، بالإضافة إلى أنه توجد 33 أسرة فى القرية، لديها حوالى 100 نسمة يكسبون كل قوت يومهم من جمع القمامة.
الجوع يقتل جنين فى رحم أمه
وفى سياق المعاناة التى يعانيها الأتراك، كشف نائب حزب الشعوب الديمقراطى والناشط فى مجال حقوق الإنسان عمر فاروق جرجرلى أوغلو، من خلال تغريدة عبر تويتر، إحدى وقائع الظلم التى تشهدها تركيا فى الفترة الأخيرة، فى ظل حكم حزب وحزب العدالة والتنمية.
فقد أوضح جرجلي، أن سيدة تركية فى مدينة ديار بكر جنوب تركيا فصلت من عملها بتهمة التورط فى محاولة الانقلاب، ولم تتمكن من العثور على عمل جديد، فضلا عن أن زوجها معتقل بالتهمة نفسها، فقدت جنينها الذى مات فى رحمها من الجوع، قبل أن يرى الدنيا.
فى تركيا المئات من السيدات فتحت بحقهن تحقيقات ومنهن من أودعن فى السجون بموجب مذكرات اعتقال بعد محاولة انقلاب 15 يوليو 2016، ووجهت لهن تهمة الانتماء لتنظيم إرهابي؛ بعضهن أودعن فى السجن بصحبة أطفالهن، بينما الأخريات فرقتهن أسوار السجن عن أطفالهن.
وبحسب البيانات المعلنة من قبل المعارضة التركية، فإن السجون التركية تضم 668 طفلًا أقل من 6 سنوات، مع أمهاتهم، و23% منهم من لم يبلغ السن السادسة بعد، بينما تقول وزارة العدل التركية أن السجون بها 560 طفلا فقط تحت 6 سنوات.
ارتفاع حالات الطلاق
فيما أوضحت رئيسة نقابة المحامين فى مدينة مرسين فى جنوب تركيا بيلجين ياشيل بوغاز أن دعاوى الطلاق هى الأكثر عرضًا على القضاء التركي، قائلة: "سجلت معدلات الطلاق فى تركيا زيادة عن العام الماضى بنحو 1.8%"، بسبب الأوضاع الاقتصادية الطاحنة.
ونظمت نقابة المحامين فى مدينة مرسين فى جنوب تركيا ندوة للمحامين بعنوان "قانون الأسرة وتصفية النظام المالي"، كشفت خلالها تسجل 128 ألفا و411 حالة طلاق فى عام 2017.
تخريب العلاقات الخارجية
وفى سياق أخر، عملت سياسات نظام أردوغان الخارجية على تخريب العلاقات مع دول الجوار ودول كثيرة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم، فسبب دعم النظام التركى للإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول أدت لمقاطعة دول كثيرة على رأسها مصر لأنقرة، بالإضافة إلى السياسات الفاشلة التى أدت لتدهور العلاقات بين تركيا ودول بالإتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، مما شكل عبئا إضافيا على الاقتصاد التركى عاد بالسلب على المواطن التركى البسيط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة