مر عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين أحد أبرز الشخصيات الأدبية المصرية والعربية فى العصر الحديث، بالعديد من الأزمات والمعارك، سواء الإسلاميين أو السياسيين أو المثقفين، ونستعرض عبر السطور المقبلة أبرز تلك المعارك لأهم مفكرى القرن الـ20 التى تحل ذكرى ميلاده الـ129 اليوم.
معركة عميد الأدب العربى مع المثقفين، فبحسب كتاب "من روائع الرافعى" فإن المعركة بدأت عند صدور كتاب الرافعى "تاريخ آداب العربية"، للأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعى وانتقده الدكتور طه حسين عام 1912، واشتدت المعركة حين أصدر الرافعى كتابه "رسائل الأحزان"، وانتقده أيضًا الدكتور طه حسين بشدة قائلا: "إن كل جملة من جمل هذا الكتاب تبعث فى نفسى شعورا قويا مؤلما بأن الكاتب يلدها ولادة وهو يقاسى من هذه الولادة ما تقاسى الأم من آلام الوضع".
فرد عليه الرافعى يتحداه بأن يكتب مثل هذه الرسائل خلال ستة وعشرين شهرا وقد حمى وطيس المعركة عندما أصدر الدكتور طه كتابه "فى الشعر الجاهلى" وهنا برز الرافعى لطه حسين مفندا حججه وشكوكه فى مقالات بلغت العشرين، وكان من نتائج تلك المعركة أن أخرج طه حسين روائع كتبه الإسلامية مثل "على هامش السيرة، الواعد الحق، الشيخان" وغيرها.
أما على الجانب السياسى، فكان الأديب الراحل من أبرز كتاب المعارضة لحكومة الزعيم الراحل سعد زغلول، حيث كانت فترة سعد زغلول فى عام 1924، أكثر الفترات التى شهدت هجوم طه حسين على الحكومة، حيث نشر عشرات المقالات النارية ضد الوزارة، فى حزب الأحرار وفى صحف السياسة والاستقلال والأهرام وغيرها، وهو الأمر الذى لم يرض بالتأكيد سعد زغلول، وقرر التصعيد فى مواجهة طه حسين، ففى النصف الثانى من عام 1924، طالب سعد زغلول بشكل رسمى من النائب العام التحقيق مع صاحب هذه المقالات بتهمة إهانة رئيس الوزراء، وفى السابع عشر من يونيو عام 1924، افتتح المحضر بسطور تقول: بناء على استدعاء رئيس النيابة، لطه حسين، وجه إليه اتهام (إهانة حضرة صاحب الدولة) والاتهام موجه بالطبع من سعد زغلول، وبعد تحقيق طويل استمر لساعات أخلت النيابة سبيل عميد الأدب العربى دون إدانته بأى تهم، ثم يرسل بعد أن يرحل إلى سكرتير الجامعة المصرية ليأخذ عليه إقرارا بعدم الكتابة فى الموضوعات السياسية مرة أخرى.
ومن الناحية معركته مع الإسلاميين، فكانت بسبب كتابه "الشعر الجاهلى" الذى أثار ضجة داخل الأزهر الشريف، واتهمه علماء الدين آنذاك بإهانة الدين الإسلامى.
وبالفعل تقدم أحد الأزهريين الشيخ خليل حسنين الطالب ببلاغ رسمى للنائب العمومى محمد نور، بتاريخ 30 مايو سنة 1926م، يتهم فيه الدكتور طه حسين الأستاذ بالجامعة المصرية بأن كتاب "فى الشعر الجاهلى" فيه طعن صريح فى القرآن العظيم.
كما تقدم شيخ جامع الأزهر آنذاك ببلاغ ضد طه حسين بسبب كتاب ألفه بعنوان "فى الشعر الجاهلى" كذب فيه القرآن صراحة، وطعن فيه على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى نسبه الشريف.
ويقول الراحل خيرى فى كتابة "محاكمة طه حسين"، حيث إنه مما تقدم يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدى على الدين بل إن العبارات الماسة بالدين التى أوردها فى بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها فى سبيل البحث العلمى مع اعتقاده أن بحثه يقتضيها، وكان نص بيان الاتهام والتحقيق مع طه حسين الذى لم ينته إلى محاكمة، لكن إلى حفظ الأوراق إداريًا، لأن المحقق لم يجد قصدًا متعمدًا من طه حسين بإهانة الدين الإسلامى.