خلال الاحتفال بمرور 116 عامًا على إنشاء المتحف المصرى، وإعادة سيناريو العرض بالجناح الشرقى للمتحف، استوقفتنا بردية تخرج لأول مرة للنور منذ اكتشافها منذ 113 عامًا، وهى قطعة متميزة يبلغ طولها 20 مترًا، تم تقطيعها بعد اكتشافها إلى 34 ورقة، لكن أطباء الحضارة المصرية استطاعوا إعادتها مرة أخرى لتعرض أما الزوار فى المتحف المصرى بالتحرير، حتى يؤكدوا ما قاله الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، بأن المتحف المصرى يحمل الكثير والكثير من الكنوز وأنه لن يموت بعد نقل مقتنيات الملك الفرعونى توت عنخ آمون للمتحف الكبير.
ولمزيد من التوضيح تواصلنا مع عيد مرتاح، أخصائى ترميم آثار بإدارة ترميم المتحف المصرى، والذى قال: بردية يويا معروضة الآن ولأول مرة منذ اكتشافها فى المتحف المصرى، تحمل رقم (CG 51189 - JE 95839، مكتوبة باللغة الهيروغليفية المبسطة، والتى وجدت على الأرجح فى ممر المقبرة، عثر عليها مكتملة فضلا عن حالتها الجيدة، ويقارب طولها 20 مترا تقريبا، تم تقطيعها بعد الاكتشاف وثبتت على 35 ورقة كرتون، والذى كان الشائع الاستخدام فى ذلك الوقت.
وأوضح عيد مرتاح أن البردية كتبت بالخط الهيروغليفى المبسط، كما أنها تميزت بالرسوم المصورة، وتجسدت روعتها فى دقتها وتعدد ألوانها وعنايتها بالتفاصيل، شأنها فى ذلك شأن البرديات التى تنتمى الى ما يعرف "بالنسخة الطيبية"، تتضمن بردية "يويا" 40 تعويذة من "كتاب الموتى"، وظلت البردية مخزنة داخل دواليب التخزين بالمتحف، لكن لحسن الحظ أنها ظلت محتفظة بألوانها وحالتها الجيدة جدًا حتى تقرر ترميمها وعرضها لأول مرة ضمن مقتنيات يويا وتويا فى احتفالية المتحف بعيده الـ116.
واستطاع "اليوم السابع" الحصول على صور لتوثيق مراحل الترميم للبردية، وقام أخصائى ترميم آثار، بتوضيح ما تم ببردية تويا قائلا: إنه تم سحب البردية من مكان تخزينها لمعمل البردى بمعرفة مدير عام ترميم المتحف المصرى مؤمن عثمان، والزهراء سيف أمين الآثار المسئول عن آثار يويا وتويا، وتم تشكيل فريق العمل لبدء عمليات التوثيق والفحص الخاصة بالبردية، حيث استخدم التوثيق والفحص باستخدام التصوير الفوتوغرافى عالى الجودة والميكروسكوب الضوئى لفحص البردية، كما تم فحص حالة الألوان المستخدمة التى ظهرت فى غاية الروعة والإبداع لاختبار مدى حساسيتها ضد المحاليل التى سيتم استخدامها فى عمليات الترميم، لاختيار أنسب طرق التدخل.
حالة الحفظ
وأشار عيد مرتاح إلى أن البردية تم اكتشافها على شكل لفافة ممتدة بطول 20 متراً تقريباً، لكن حين اكتشافها تم فردها وتقسيمها إلى 35 جزءًا أثناء عملية الفرد، استخدم الكرتون السميك الملون باللون الأزرق كحامل لأجزاء البردية، وكان من النوع الشائع الاستخدام فى نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20، والذى يتكون من طبقات أو صفائح رقيقة مضغوطة، عند تحليله للوقوف على مستوى الحمضية الموجودة به وجدت نسبة الحمضية عالية، كما كان يحتوى أيضا على نسبة عالية من النشا، ولذلك يرجح استخدام النشا كلاصق للصق البردية مع حامل الكرتون القديم، كما أن اللون الأزرق الموجود بالطبقة السطحية حساس جدا للكحول، وسمك طبقة الكرتون 3,2 ملم.
مراحل الترميم
ويقول أخصائى الترميم إنه انتهت عملية تقييم حالة البردية بقرار عملية اختزال سمك طبقة حامل الكرتون القديم إلى أدنى مستوى يمكن الوصول إليه من الخلف ثم معالجة الكرتون من الخلف باستخدام محلول معادل للحمضية "بربونات الكالسيوم المذاب فى الإيثانول".
وتتضمن المراحل
أولاً.. تم عمل facing باستخدام الورق اليابانى على سطح ورق البردى باستخدام لاصق الـKlucle G، وهو لاصق قابل للاسترجاع، من أجل تدعيمها وحماية ألوانها، عند اختزال حامل الكرتون القديم من الخلف.
ثانياً.. بعد الانتهاء من اختزال حامل الكرتون من الخلف، تمت إزالة الزائد الموجود بجوانب البردية من الحامل القديم حتى يعطى إمكانية تجميع ورق البردية مع بعضه البعض، ثم تمت إزالة التدعيم المبدئى من على وجه البردية، وإزالة اللون الأزرق الظاهر للعين من الحامل القديم باستخدام مشارط وفررة خاصة بذلك، حتى تصبح نفس اللون تقريبا مع البردية وتعطى أريحية للعين عند النظر إليها.
ثالثاً.. تمت معالجة الطبقة المتبقية من الحامل الكرتونى من الخلف بمحلول من بروبونات الكالسيوم مذابة فى الإيثانول، من أجل تقليل حموضة الكرتون، مع مراعاة عند تناول ورق البردى أن يكون بين ورق نشاف لسهولة التناول ولحماية سطح البردية من أى احتكاك مباشر بها أثناء مراحل الترميم المختلفة، وبالتالى أصبحت كل قطعة آمنة وسهلة التحريك لإعادة تجميعها مع بعضها البعض عرضها.
رابعاً.. تم استخدام الأسلوب اليابانى فى عملية إعادة عرض البردية على الحامل الجديد، حيث تم تجميع الأجزاء المنفصلة بشكل جزئى لكل قطعتين حتى نتمكن من سهولة تحريكها وعرضها، والحامل الجديد مكون من الورق اليابانى 5جم/متر المصنوع من ألياف نبات الكوزو الذى ينمو فى اليايان مع استخدام أساليب القطع اليابانية التقليدية، لكننا أضفنا بعض التغييرات التى تتفق مع الظروف البيئية والحفظ فى مصر .
خامساً.. تم استخدام حامل كرتون جديد خالٍ من الحموضة لإعادة تجميع كامل البردية مع بعضها البعض داخل الفترينة التى جهزت خصيصاً لعرض البردية لأول مرة للزوار.