اجتماعهما رحمة.. بالقرآن والإنجيل واعظة وراهبة تتحدثان عن حب الله والوطن.. قيم التعايش والأخلاقيات المشتركة معا على مائدة المواطنة.. واعظة: نخترق القضايا الحساسة التى لا يصل إليها الرجال ونجاحنا ملحوظ

حددت وزارة الأوقاف، رؤيتها لعمل الواعظات، مؤكدة أنها تدفع بالداعيات إيمانا منها بدور المرأة فى المجتمع وتربية النشء وحمايته من الفكر المتشدد، ومشاركتها للرجل فى العمل الدعوى، مضيفة أن اللقاءات تأتى فى إطار خطة تجديد الخطاب الدينى ونشر الفكر الوسطى التنويرى.

كما أشارت وزارة الأوقاف، إلى أن رؤيتها لعمل المرأة الداعية تتمثل فى السعى إلى البناء الفكرى الصحيح للإنسان المصرى، وتجفيف منابع التطرف والتشدد، وتحصين النشء والشباب من الأفكار الهدامة، ودور المرأة والأسرة فيها سيكون بارزًا، مشيرًا إلى توسعها فى عمل الواعظات والمربيات، وسيكون للأئمة دور مماثل مع النشء والشباب، وسيتم اختيار عدد من المعاونين من خريجى البرنامج الرئاسى.

فى هذا السياق، قالت الدكتورة مريم فؤاد، الخادمة بكنيسة رئيس الملائكة: إن الواعظات والراهبات وجهان لعملة واحدة لنزع الموروث الخاطئ والتعصب والجهل بالحقوق، وختان الإناث، فالراهبة فى الدير، والواعظة فى البيوت وبين الناس.

وأضافت الدكتورة مريم فؤاد، لـ"اليوم السابع"، إننا معا نواجه التعصب ونزع الأمان بالتعايش والمحبة المسلمين والمسيحيين، فبينما تستقبل الراهبات النساء بالكنيسة لتعليمهن وتثقيفهن تزور الواعظات السيدات ميدانيا.

وأوضحت مريم فؤاد نعالج القضايا عن طريق الوعظ والإرشاد الدينى والروحى بوصايا الكتاب المقدس، وعمل الخير، ومحبة الله، والعمل معا فى وطن نعيش فيه معا.

قالت الداعية أمانى الليثى، أنا كداعية ابحث عن حلول للخروج من مأزق السلوكيات والتعاملات التى لا تناسبنا، فالدساتير السماوية ترسخ لأخلاق مثالية لا فرق بين إسلام ومسيحية، واليوم بعد أن أصبح الانشقاق بديلاً للوفاق، وأصبح الانحطاط بديلاً للأخلاق، فصرنا نبحث فى كل عقيدة ومعتقدات، ونقرأ فى كل "أسفارٍ وآياتٍ" للوصول إلى الجنة بالأخلاق، فمعاً نقتدى بالنبين الكريميين محمد وعيسى، "ترنيمة وتسبيحة" فلا فرق بين مسجد وكنيسة.

وأضافت "الليثى" إن قضية قبول الآخر والتعايش الاسلامى المسيحى، فكرة قرآنية إنسانيه اجتماعية، ولا غنى لمخلوق عنها لقول رب العزه فى سورة الحجرات ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13)، ووفِى إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد 21 (أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا).

وشددت أمانى الليثى على أن قضية قبول الآخر والتعايش الإسلامى المسيحى قضية فى غاية الأهمية فى ظل التنافر والتباغض بين أصحاب الديانات، بل وبين الجيران وأصحاب العمل، وأن الأفكار الداعشية تنبع من تفشى الجهل وعدم الوعى الصحيح للدين الإسلامى، أنه آن الأوان لكى نقوم بواجبنا نحو الشباب الذى أصبحت ثقافته هى مواقع التواصل الاجتماعى وبعد عن الأديان.

وشددت أمانى الليثى على الدور الرئيسى بتعريف الشباب أن الله واحد والأديان هى رسائل موجهة من عند الله، والمسيحية دين محبة، والإسلام دين رحمة، وهنا التكامل محبة ورحمة.

وقالت أمانى الليثى نستنتج من هذا التشابه بين آيات القرآن وأسفار الإنجيل من حيث وصايا الله لعباده، أن من أسباب عدم التفاهم والتعصب بين المسلمين والمسيحيين هو أن كثيراً من المسيحيين والمسلمين يجهلون الكتاب المقدس والقرآن الكريم معًا، ولو قرءوهما بقلب منفتح وصادق، وبعين الإيمان، وبروح الفهم، والعقل، والإدراك من دون التعصب والأنانية والحقد سيجدون الكثير من نقاط الالتقاء فيما بينهم، ومن أهمها الإيمان بالله الواحد، والأنبياء والرسل التى هى كلها مبنية على الإيمان، والمحبة، والرجاء والتسامح، والغفران، وبذل الذات، والخدمة ومساعدة الآخرين بكل تواضع ومحبة.

وتابعت: لكى يعيش المسيحيون والمسلمون ويتفهموا ما بينهم يجب إقامة علاقات قوية ومتينة بينهم، والتى تأتى من خلال المشاركة فى الأندية الاجتماعية، والنشاطات الثقافية، وإقامة الندوات، واللقاءات المشتركة، وإلقاء المحاضرات، وفتح الحوارات، والمناقشة والانفتاح، ومشاركة الجميع بأفق واسعة وصدر رحب، وبحرية كاملة واحدًا إلى الآخر بروح المحبة، والتسامح بدون التعصب والتشدد، ومن خلال هذه الأنشطة الثقافية والاجتماعية والدينية يمكن خلق أجواء مناسبة، لزرع بذور المحبة، والغفران والتسامح بين الإخوة، ومن خلالها يستطيعون العيش بعضهم مع البعض فى هذا البلد العريق والأصيل منبع الإيمان والحضارات بكل سلام ومحبة أكثر مما هى الآن.

وأوضحت أمانى الليثى أن بعض التابعين للجماعات المتطرفة تتخذ من الصعيد أرضا خصبة لنشر الأفكار الداعشية والتكفيرية وذلك لعدم وجود الوعى الكافى لدى مجتمعنا الصعيدى البسيط، فأغلب أهل الصعيد على الفترة وطيبين من السهل الوصول إلى عقولهم وقلوبهم عن طريق الدين وهو أسوأ طريق يتخذه تجار الدين.

ولفتت أمانى الليثى إلى أن رسالة الداعية أركز عليها الآن هى الوصول إلى عقل البنات والأمهات فى الصعيد من خلال الندوات المشتركه مسلمين ومسحيين، والمحاضرات والدروس لتبسيط معانى الحب والمودة والرحمة التى نزل بها القرآن على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم أعظم خلق الله.

وقالت ميرفت السيد، واعظة بالأوقاف: إن الواعظات مع الراهبات قمن بعمل فرق عمل لعقد لقاءات مع النساء فى زيارات خاصة كان لها مردود كبير فى التأثير على السيدات بخطاب متزن وجماعى يخاطب المجتمع.

وأضافت ميرفت السيد لـ"اليوم السابع"، أن الحوار المشترك من الواعظات والراهبات يرسخ فى وجدان المرأة قيم التعايش وتقارب عنصرى الأمة ويمنحنا فرصة اختراق القضايا التى يفشل الرجال فى التعامل معها خاصة فيما يخص القضايا القومية والتوعية السكانية وحل المشاكل الأسرية.

أكد الشيخ جابر طايع يوسف، رئيس القطاع الدينى والمتحدث الرسمى باسم وزارة الأوقاف، أن الوزارة تهتم ببرنامج عمل الواعظات، من ناحية التشغيل عبر المساجد والملتقيات، وكافة الفعاليات.

وأضاف جابر طايع يوسف لـ"اليوم السابع"، أن الوزارة تجرى عقد دورات تدريبية بشكل مستمر لرفع مستوى الواعظات، حيث تطلق معسكرا لتثقيف وتدريب الواعظات التابعات للوزارة يوم 9 أغسطس ولمدة 3 أيام بالإسكندرية.

ولفت "طايع"، إلى أن المعسكر يأتى ضمن برنامج الوزارة لرفع كفاءة وتدريب وتثقيف العناصر الدعوية والوقوف على آخر المستجدات العصرية ضمن خطة تجديد الخطاب الدينى.

وأشار "طايع"، إلى أن العنصر النسائى بات جزء مهم جدا وفعال فى العمل الدعوى ولا يمكن الاستغناء عنه بأى حال من الأحوال، حيث تعمد الوزارة على الواعظات فى التوعية الدينية للنساء، وتعليم الأطفال، والمشاركة فى كافة الفعاليات النسائية.

وحول برامج عمل "الواعظات"، قال الشيخ عاصم قبيصى، وكيل وزارة الأوقاف، والمشرف السابق على عمل الواعظات: إن الوزارة نجحت فى تأهيل 300 واعظة نسائية من خريجات الكليات الشرعية بالأزهر، وعدد من خريجات مراكز الثقافة الإسلامية التابعة للوزارة لخريجات كليات التعليم العالى.

وأضاف قبيصى، لـ"اليوم السابع"، أن الوزارة تجرى اختبارات دقيقة لمن توافرت فيهن الشروط للعمل واعظة لضمان الكفاءة والحيادية باختبارهن على مراحل شفوى وتحريرى، حيث يجرى اختبار مجموعة حاليا.

وأشار قبيصى، إلى أن وزير الأوقاف حريص على تثقيف وتدريب الواعظات ليكن على قدر العمل بالمساجد وتصدر المشهد الدعوى، مؤكدا أن التوجه الحالى نحو الدفع بالعنصر النسائى سببه يقين الوزير أن المرأة لها دور تربوى وتوجيهى هو الأكثر تأثيرا فى الأسرة والمجتمع.

وأوضح قبيصى، أن الوزارة شاركت مع مؤسسات الدولة فى فعاليات تثقفية وتوعوية خاصة بتنظيم الأسرة، والتوعية بالحقوق والمشاركة الانتخابية، وجاء على رأسها مشاركة المجلس القومى وزارة الصحة القومى ومع الراهبات وخادمات الكنائس، فى حملة طرق الأبواب وصوتك بكره لحماية النشء وتثقيف المرأة وحماية الطفل من الجماعات وسط استهداف الجماعات للأطفال والنساء، ما يقدم صورة واقعية للنسيج الوطنى الواحد وتعبيرا حقيقيا لواقع المجتمع المصرى.

وأردف قبيصى، إلى أن الإدارة الحقيقية تصنع تغيرا وتتغلب على الصعاب، والدليل هو تمكن الوزارة من افتتاح وتشغيل 320 مدرسة لتربية النشئ، وأداء 390 درس دينى يومى من قبل الواعظات بالإضافة إلى الأعمال الأخرى مثل حملات تنظيم الأسرة.