فى مسلسل «ذا فايكينج» الذى عرضته قناة «هيستورى» على مدار خمسة مواسم، ومازال متابعونه ينتظرون موسمه السادس لا يلعب البطل «راجنر لوثبروك» دورا عاديا، عن رجل عادى أو بطل أسطورى يخترق الحصون والقلاع ويبنى الأمجاد فحسب، لكنه يصح أن يكون مثالا لقصص بناء الأمم، فقصة المسلسل تدور حلو جماعة من سكان القبائل الرعوية المسماة بالفايكينج، والذين كانوا حتى القرن السابع الميلادى حفاة عراة يقتاتون على الصيد والرعى والغزو الخاطف لبعض البلدان الصغيرة، حتى ظهر من بينهم «راجنر» ذلك الشاب الذى حلم بأن يعبر البحار ويذهب بأسطول من المقاتلين نحو بلد تدعى «إنجلترا»، حيث أخبره رحالة بأن بتلك البلاد شعوب مختلفة وأبنية عظيمة ونساء جميلة ودين جديد.
يحلم «راجنر» بأن يذهب إلى تلك البلاد، يقوده الشغف لا غير، لا يريد ذهبًا ولا مالًا ولا قوة ولا جاه، يقول لابنه «إن أودين ضحى بعينيه من أجل المعرفة وأنا على استعداد أن أضحى بأكثر من هذا»، وفى أساطيرهم المحلية يحتل أودين هذا محل الآلهة الرجال، ومن نسله ينحدر «راجنر» الذى يريد أن يكتسب معرفة تضاهى ما اكتسبه «أودين» أو تزيد.
راجنر أيضًا لم يحلم فحسب، لكنه أعد العدة جيدًا، بنى السفن بمساعدة «فوكى» ذلك الشاب المرح المتدين الساخر القوى، وحاول إقناع زعيم قبيلته بالحلم فحاربه الزعيم، ولما ذهب إلى إنجلترا بالفعل واستولى على دير رهبان بما فيه من كنوز ومعادن ثمينة، عاد إلى زعيمه الذى خيره قال له «إن نصيبه شىء واحد من تلال الكنوز التى أحضرها، فاختار أن يأخذ راهبا توسم فيه المعرفة وحب المطالعة، وبالفعل، كان هذا الراهب له بمثابة المعلم والأخ والصديق».
رجنر أيضًا رجل دولة، يعرف متى يهجم ومتى يغضب ومتى يتغاضى ومتى يسامح، يتعامل مع كل واحد بحسب حالته، يعرف أن أخوه شديد النهم سريع الغضب لكنه أقوى من الدب فى المعارك، فيتغاضى عن عيوبه ويحصل على مميزاته، حتى حينما يخونه أخوه مرة بعد مرة، يختلق له الأعذار ويبحث عن الثغرات التى تمكنه من الابتعاد عن العقوبة، يتحالف راجنر مع أعدائه من أجل حلمه، يخسر الكثير من صحبة أولاده ومتع الدنيا من أجل حلمه، يطعن آلاف المرات، يكاد يخسر حياته فى كل موقعة يخوضها، تبتعد عنه زوجته وحبيبته، كل هذا لا يشكل فارقًا، الفارق الوحيد فى حياة راجنر هو موت «اسليسيان» الراهب الذى صادقه، والذى كاد أن يموت حزنًا عليه، ثم ذبول سيرته بعد خسارته فى إحدى المعارك، فيودى بنفسه إلى الهلاك من أجل جلاء الصدأ عن اسمه.