شيّر فى الخير، المهندس مصطفى مدبولى يخصص 30 فداناً مخططة كجامعة فى منطقة متميزة، على الطريق الواصل بين مطار أسيوط والمدينة، صاحب طلب التخصيص رجل الأعمال أحمد صادق السويدى، الذى ذهب إلى رئيس الوزراء طالباً الحصول على قطعة أرض بمدينة «ناصر» غرب أسيوط، لإقامة جامعة تكنولوجية، تصبح منارة علمية حضارية فى صعيد مصر كله.
مدينة «ناصر» لمن لا يعرفها خلاف مدينة نصر التى نعرفها جيداً، مدينة ناصر تقع غرب أسيوط، وهى إحدى مدن الجيل الرابع التى تنشئها وزارة الإسكان، ومن المقرر أن تكون المرحلة الأولى بالمدينة جاهزة للسكن فى يونيو 2020، ومعدلات تنفيذ المشروعات بحسب تقارير الوزارة تسير بصورة جيدة.
خبر حلو، جامعة تكنولوجية فى الصعيد خبر يسعد القلب الحزين، خبر بألف خبر مما يصدر عن مكتب رئيس الوزراء، معلوم الأولوية تستوجب أن تكون للتعليم، التعليم وجاء، أى وقاية، من الآفات التى أصابت الشعب بالأمراض المعدية من جهل وفقر ومرض، التعليم ثم التعليم ثم التعليم، كالماء والهواء، هذا خبر لو تعلمون عظيم، خارج التوقع تماماً، جامعة تكنولوجية فى الصعيد، «دقى يا مزيكا».
مضى زمن كان تخصيص الأراضى للتسقيع والتقطيع وبناء العلب الأسمنتية، زمن تحول نفر من المغامرين الحاذقين إلى مطورين عقاريين، اسم الدلع لطائفة المسقعين أو المسقعاتية حسب النطق، حولوا هوامش الوادى الخصيب إلى كمبوندات وهمية بأسعار وهمية تحيطها أسوار عالية تفصل بين علية القوم والشعب، صار هناك شعبان، شعب الكمبوند وشعب الحوارى، هم شعب وإحنا شعب، وعشنا وشفنا الأراضى توزع هبات للمحاسيب، والأقارب، والمتنفذين، قطعة أرض تحولك بين عشية وضحاها إلى ملياردير.
أول مرة أحس أن التخصيص فى موضعه الصحيح، هذا هو التخصيص الصحيح، لما تخصص، تخصص صح ولصالح البلد، تفرق كتير، نوع التخصيص مهم وهدفه أهم، عندما يكون التخصيص لصالح التعليم، لصالح المستقبل، وفى الصعيد المحروم من الجامعات والأكاديميات التكنولوجية يصبح التخصيص الصحيح فى المكان الصحيح فى التوقيت الصحيح.
الحكمة ضالة المؤمن، وحكمة الزمان التى لا تبلى تقول: «أن تأتى متأخراً خير من أن لا تأتى أبداً»، صحيح تأخرنا كثيراً لكن «كل تأخيرة وفيها خيرة».. على قولة جدتى، الله يرحمها، جيد أن يلتفت نفر من رجال الأعمال إلى توطين العلوم التكنولوجية، وجيد أكثر أن يوطنوها فى الصعيد، وجيد أن يوافق رئيس الوزراء عاجلاً، ويعتبرها أول الغيث، وليبادر بطرح الفكرة النميسة على المطورين إياهم بتخصيصات مماثلة بقطع مميزة فى المدن الجديدة.
مدن الجيل الرابع تحتاج إلى جامعات من الجيل الرابع، كفاية جامعات نظرية، تعبنا من النظرى، مرة عملى، العملى هو العمل هو الحل، كفاية شهادات لا تصلح إلا للجلوس جنب الحيطة، وأن يذهب بهم إلى هناك فى أقصى الصعيد، الصعيد لم يعد منسياً، الصعيد قادم بعقوله وشبابه ورجاله إلى مرحلة التنمية التى حرم منها طويلاً.
أرجو من رئيس الوزراء طالما التفت إلى الصعيد هكذا باهتمام وبفهم ووعى وإدراك لقيمة توطين العلوم التكنولوجية، أن يقصر تخصيص الأراضى للجامعات والأكاديميات الجديدة على المحافظات خارج القاهرة، لازم الخروج من العاصمة القديمة وهوامشها إلى رحاب مصر الواسعة، كفى تخصيصات فى القاهرة، من يريد أن يستثمر فى التعليم عليه أن يخرج إلى بحرى والصعيد وخط القنال، القاهرة اختنقت، القاهرة تلفظ أنفاسها، الصعيد شرقان تنمية، وبحرى غارق فى مياه الصرف الزراعى، وخط القنال يحتاج إلى نظرة، اخرجوا من القاهرة يرحمكم الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة