"تجديد الخطاب الدينى" لو تناول نصوص القرآن أو السنة الصحيحة فهذا هدم للدين ولن يسمح به الإمام الأكبر ولا الرئيس السيسي
الهجمة على الإمام البخارى ناتجة عن سوء فهم للإسلام وما يقولونه ليس كلامهم ولكن كلام المستشرقين
النقاب فضيلة وليس فريضة ومن يقولون النقاب حرام فرطوا ومن يقولون فريضة شددوا
من يقل إن الأزهر يخرج متطرفيين مخطئ وإن كان الحل غلق الأزهر فأغلقوا كل المؤسسات التى تخرج منها إرهابيون
قال الدكتور إبراهيم الهدهد ، رئيس جامعة الأزهر الأسبق ، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الأزهر وشيخه لا يملكون تكفير أحدا فالأمر متروك لولى الأمر أو من ينوب عنه وهو القضاء وذلك ردا على عدم تكفير الأزهر لداعش فلو ترك لآراء الأفراد أو المؤسسات لضاعت الأمة كلها، وإلى نص الحوار..
مازال الهجوم مستمر على الأزهر الشريف لعدم إصداره فتوى بتكفير داعش .. فما ردك ؟
الأزهر يمضى على نهج سلفنا الصالح، وهناك قاعدة تسمى بالقاعدة الذهبية والمنطقية "لا يخرجك من الإسلام إلا جحد ما أدخلك فيه"، فدخول الإسلام له أبواب محددة، حددها الحديث الصحيح الذى رواه الإمام مسلم فى صحيحه عن عمر بن الخطاب، حينما سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم ما الإسلام فقال "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن تقيم الصلاة وأن تؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج بيت الله الحرام"، وبالتالى فإن أعلن أحد المسلمين عن إنكاره وتكذيبه لهذا الكلام فهذا ما يخرجه من الإسلام وليس الأزهر أو شيخه أو أى من العلماء، ومن يحكم فى ذلك ولى الأمر أو من ينوبه، وينوبه القضاة فى هذه الحالة، إذا فالمسالة واضحة فى ضوابط الفقه الإسلام والمنطق، لأن الأمر لو ترك لآراء مزاجية من الأفراد أو المؤسسات لضاعت الأمة كلها، ولا يخرجك من الإسلام إلا جحد ما أدخلك فيك.
البعض يرى ان الأزهر فشل فى تجديد الخطاب الدينى وربطوا عدم التجديد بمنصب شيخ الأزهر وانه غير قابل للعزل ..فما تعليقك؟
إن من يزعمون أنه لا يوجد تجديد للخطاب الدينى مادام منصب شيخ الأزهر مدى الحياة، قولهم غير صحيح، ونسألهم ما الذي تفهموه عن تجديد الخطاب الدينى؟، فقداسة البابا تواضروس بمنصبه مدى الحياة أم ماذا؟.. ما دخل المنصب بهذا الأمر؟.. وهل تتخيلوا أن شيخ الأزهر هو من يفتى ويخرج كل هذه الآراء؟.
يوجد فى الأزهر مؤسسات للإجتهاد الجماعي لمجموعة واسعة من كبار العلماء وكلهم راسخون فى العلم وهم من يتناقشون حول هذه الآراء، ثم يتحدث شيخ الأزهر باسم الأزهر الشريف، وما يقال هو اعتداء واضح وصريح وتحول إلى حوار شخصى بدلًا من أن يكون حواراً مؤسسيًا وكأنه عداء شخصي، فالمناصب لا دخل لها بتجديد الخطاب الدينى، وهذا أمر تقوم به هيئة كبار العلماء والبحوث الإسلامية، وتجديد الخطاب الدينى يعنى أنه لا توجد واقعة فى الحياة إلا ولها حكم فقهى، وهذا موجود، والأزهر له الفتاوى فى تعاملات البنوك والتعاملات الجديدة، وله فتاوى فى الزواج عبر الانترنت، وهذا ما نقصده بتجديد الخطاب الدينى، أن يكون لكل واقعة حكم مكيف تقدمه هيئة كبار العلماء وأعضاء مجمع البحوث الإسلامى، لكن إذا كان تجديد الخطاب الدينى يعارض نصوص القرآن أو السنة الصحيحة، فهذا هدم للدين وليس تجديد للخطاب الديني، وهذا أمر لن يفرط فيه شيخ الأزهر وحتى رئيس الدولة لا يتطرق لمثل هذه الأمر، فلماذا يطرح بعض الناس مفاهيما خاطئة ويحاولون الدفاع عنها.
تجديد الخطاب الدينى دعوة سياسية أم ضرورة دينية؟
تجديد الخطاب الدينى ضرورة لذلك يكتب عن الإسلام باستمرار لأن هناك قاعدة تقول" النصوص متناهية والوقائع وتغييرات الأحوال غير متناهية" فالنصوص حمالة لكل هذه المتغيرات، والسؤال ما الذى أعاقه الخطاب الدينى فأرادوا أن يزيلوا هذه العوائق؟، وما تصورهم لتجديد الخطاب الدينى؟.
فالدين يدعوا لإصلاح الحياة وإعمار الأرض وعصمة المال والدم لاى إنسان بغض النظر عما يعتنقه، ولذلك لو انتقلنا لتحديد مرادهم بالتجديد فربما يكون هناك شئ آخر، تجديد الخطاب الدينى ضرورة دينية لدى الأزهر من ناحية الآليات والوسائل والفتاوى، ولا يملك اى رجل دين ان لا يجدد وإلا مات، ولا يمكن ان نفتى بالفتاوى التى كانت موجودة منذ 100 عام.
يقال ان الازهريين تخوفوا من الخوض فى مسألة تجديد الخطاب الدينى مما أعطى مساحة لغير المتخصصين الفرصة للدخول فى المسألة فما ردك ؟
الأزهريون لا يخشون من شيء وهذا أمر فيه اجتراء وافتراء، فلا يمكن لأى شخص غير متخصص فى مجال معين الظهور عبر وسائل الإعلام والحديث فيه، فلماذا يجعل البعض الدين محل مهانة لمن أراد الظهور دون امتلاكه اى تخصصات، إننا نرى على وسائل الاعلام من يتحدث باسم الدين ولا يستطيع ان يقرأ آية واحدة قراءة صحيحة، وبالتالى لن يحصل على فهم صحيح أو يقدم طرحًا صحيحًا، لا يوجد فى الأديان الأخرى متحدثًا باسم الدين من غير أهل الدين، فالبوذية لا يتحدث بها إلا راهب أو عالم فى ديانتها، وكذلك فى اليهودية والمسيحية، فلماذا تلصق بالدين الإسلامى تهم الإرهاب وكأنه ليس موجودًا إلا بيننا كمسلمين.
هناك نقد يوجه حاليا للتراث وتوجه الاتهامات للأزهر لعدم تنقيته الكتب التراثية فماذا ترى فى هذه القضية؟
هناك غارة على الدين الإسلامى ومحاولة اقتلاعه من جذوره، فالتراث هو النتاج الفكرى البشرى الذى قام على الوحى المقدس، ولا يكتسب تقديسًا، ولذلك الأزهر يقدر التراث ولا يقدسه، بدليل أن المدرسة الفكرية الواحدة بها التلاميذ يقدمون النقد، إذًا التراث مقدر وليس مقدس، فكتاب ألف ليلة وليلة نشرته وزارة الثقافة وبه من الفحش ما نستحى ان نقرأه وحينما طالب البعض تنقية الكتاب أو تنحيته كان هناك ثورة عارمة وقالوا هذا تراث، إذا التراث يصور حقبة فكرية تاريخية معينة، وكل يوم لدينا رسائل ماجستير ودكتوراه تنتقد هذا التراث، وتأخذ خيره وتنقد ما فيه من المخالفات، لأن هذه الأشياء كتبت متناسبة مع وقتها، ونحن على يقين أن علمائنا كتبوا ما يوافق زمانهم وأهل زمانهم، وواجبنا وواجب الوقت أن نكتب لأهل زماننا بما يلائم اهل زماننا لغةً وعملاً وقولًا، فالهجوم على التراث ضمن دائرة الغارة على الدين الإسلامى، فليتقوا الله فى دينهم كما يتقى الآخرون ربهم فى دينهم.
البعض يرى ان هناك إشكالية فى فهم بعض الأحاديث الواردة بصحيح البخارى ويجعلها مدخلا للمطالبة بتنقية البخاري مستدلين ببعض الأحاديث التي يرون انها لا تتفق مع العقل مثل حديث صلاة النبى بسورة البقرة وآل عمران؟
حينما يحكم العقل واقعة بالمقاييس الحالية لا بد أن يخطئ العقل، لكن لو أحالوا العقل على ظروف ذلك الزمان لما استحالوا هذا، وصلاة الخسوف نصليها حينما تحدث هذه الظاهرة الكونية، وهى إشارة إلى الدمار الكونى، وصلاة الخسوف او الكسوف لها طبيعة خاصة والإطالة فيها مطلوبة شرعًا حتى يكشف الله البلاء، وهؤلاء من يهاجمون لو وقعوا فى بلاء لوقفوا أكثر مما وقف الأولون، وحينما تحدث ظاهرة الزلزال يفزع الناس، ولو قيل لهم قفوا أمام ربكم ليصرف هذا الكرب، لما حسبوا الوقت، ولكن هؤلاء لا يفكرون تفكير من هم بداخل الأزمة، فالواقع يحكم، وحينما نحكم بالعقل لا يمكن فصله عن الواقع المعاش، وهذه الصلاة حكمها الشرعى مات، وليست ظاهرة متكررة، ولكنها مطلوبة ومشروعة وحكمها أنها سنة أى مستحبة حينما تحدث هذه الظاهرة الكونية، ونعلم بخسوف الشمس قديمًا فى مصر فظن الناس أن الساعة قامت وتركوا كل شيء ولم يجدوا ملجأ إلا الله يتوبون إليه ويستغفرونه والناس ظنوها الآخرة وأن الأمر انتهى.
وهناك قاعدة تقول: "العقل شرع من داخل والشرع عقل من خارج" إذا الشرع كله متوافق مع العقل، لكنه عقل مجرد عن المصالح الخاصة، ومن يحكم هذه الاحكام لو أى شريعة أو قانون ترك لكل إنسان أن يصوغه لاختلفنا جميعًا لأن المصالح متعارضة.
وما رأيك فى الهجوم على صحيح البخارى؟
الهجمة على الإمام البخارى ناتجة عن سوء فهم للإسلام فى كلياته وعن عدم أخذ النصوص المتقاربة فى الموضوع الواحد، والهجوم على البخارى تمهيد للهجوم على القرآن نفسه، ولا يمكن أخذ آية واحدة دون الأخرى فى القرآن، ولا يمكن فهم النص القرآنى دون النصوص الأخرى فى الموضوع الواحد، ولكن هؤلاء اقتطعوا الحديث، وهناك امثلة كثيرة بالقرآن.
الإسلام يضع ضوابط العلاقات مع الآخرين حال السلم والحرب، ولا يمكن أخذ الآيات التى تدل على طرف دون أخذ الآيات التى تدل على طرف آخر، وهناك قاعدة قالها الشاطبي :"يجب المستمع والمتفهم الالتفات إلى أول الكلام وآخره وآخرة وأوله والقضية وما اقتضاه الحال فيها"، لكن من يهاجمون البخارى لا يمارسون علمًا، و99% مما يقولونه ليس كلامهم ولكن كلام المستشرقين الذين استخرجوا هذه الاشياء المقتطعة ليقنعوا شعوبهم ان الإسلام دين غير مقبول، وأخذ هؤلاء كل هذا وردده على أسماعنا هنا، ولذلك لا يستطيعون قراءة النص قراءة صحيحة وأقول إن الرد على هؤلاء مضيعة للوقت ولا ينبغى أن ننجر لهذه الدائرة.
هل الإسلام يحتاج إلى الانتشار حاليا بين غير المسلمين ،ام أنه يحتاج أولا إلى الانتشار بين المسلمين أنفسهم بعد أن غابت تعاليمه وآليات تطبيقه بين المسلمين فأصبح غريبا بينهم ؟
انتشار الإسلام بين غير المسلمين مطلوب، وبين المسلمين انفسهم كذلك، والإسلام يعرض لا يفرض، ويجب العناية بالمسلمين لتبصيرهم بالدين الحق والإسلام الحق، وكلاهما مطلوب ومفروض، وعلينا بيان دعوة الإسلام وعرضها الآخرين والأخذ بيد الآخرين.
ما حكم النقاب ؟
النقاب فضيلة وليس فريضة، وقد تكون هناك أمور يكون مطلوبًا فيها، فيمكن للمرأة أن ترتديه إذا مرت بديار فساق أو خمارات حتى لا تكون مطمعًا لهؤلاء الفاسقين، ومن يقولون النقاب حرام فرطوا، ومن يقولون فريضة شددوا، والإسلام ليس فيه لا الإفراط ولا التفريط، ولذلك النقاب فضيلة للتستر إذا اقتضت الظروف ذلك، ولا يجوز تحريمه، ولذلك المرأة فى المعاملات تكشف وجهها، وطالما اشترط الإسلام كشف وجه المرأة فى المعاملات فالنقاب ليس فرضا.
مؤخرا هناك مطالبات بسن قانون بحظر النقاب ..فما رأيك؟
لا اعتقد أن يصدر قانون على هذه النحو، لأن القانون يقوم على تحديد الشخصية، ومادامت المرأة تعمل بمؤسسة معينة فهى شخصية معروفة فى داخل المؤسسة، وتلتزم بقواعدها، وبالتالى ما المراد من منع النقاب، وما المخاطر المترتبة على ارتدائه، ولذلك الأمر بحاجة إلى دراسة.
البعض يتهم الازهر بتخريج متطرفيين فما ردك ؟
من الذى اغتال الرئيس السادات أو النقراشى باشا ؟.. هل كان أيًا منهما أزهريًا..أليس الأزهر فى قلب مصر وهل الأزهريون لا يعيشون فى المجتمع.. يجب أن نقدر الأمور بقدرها، وإن وجدت بندرة، والاستدلال بحالة أو حالتين، يرد عليه بحالات من غير جامعة الأزهر.. هل نغلق كل الجامعات والوزارات والمصالح الحكومية؟.. هناك الإرهابيون فى السجون احصروهم .. كم واحد تخرج من الأزهر؟.. وإن كان الحل غلق الأزهر فأغلقوا كل المؤسسات التى تخرج منها إرهابيون.. هذا كلام غير منطقى وكارثة من الكوارث".
بصفتك احد كبار اللغويين كيف ترى استخدام اللغة العربية بوسائل الاعلام؟
نحن نبحث عن مواجهة التلوث البيئى وننسى التلوث اللغوى الذى أصبح يحيط بنا من كل جانب، وخاصة فى المصالح والإعلانات ووسائل الإعلام، حتى تسمية برامج التلفزيون ليست عربية على الإطلاق، وأريد أن أقول أن مكونات اى هوية أو شخصية وطنية ترتكز على 3 أشياء وهى اللغة والدين والتاريخ، ونحن ندرس التاريخ لأبنائنا حتى نربى الانتماء، وهو علم المستقبل وليس الماضى، واللغة هى من تعبر عن القومية والوطنية، والدين يغرس الانتماء للوطن وترابه؟.. وغياب المكونات الثلاثة يتسبب فى غياب المواطن الصالح، وذلك نرى الشباب ينشئون وينظرون للغرب، وعلينا النظر لنسب المقبلين على الهجرة، وهذا سببه التكوين غير الصحيح، وأزمة التخلف عندنا قهرتنا نفسيًا وجعلتنا نري أن ننسلخ من هذا الوطن والدين واللغة، وأصبحنا نبحث عن وجود هذه الأشياء خارجنا لأن داخلنا مهترئ وليس مكونًا تكوينًا صحيحًا.
الإسلام علمنا أن الأزمات تزيدنا قوة وصلابة، وليس مشكلة مصر فى الفقر، لأن مصر ليست دولة فقيرة، ولو الأزمة كانت أزمة فقر، فما الأزمة فى السويد التى تشهد أكبر نسبة دخل وأكبر نسب فى الانتحار؟ إذا القضية فى مصر قضية انتماء وأخلاق وقيم ولو ربينا الانتماء والقيم لحلت الكثير من المشكلات ولن نجد زبالة فى الشوارع ولن نجد السرقات أو العابثين فى الطرق، ونحن نعيش أزمة قيم، وأصبح كل متخصص يجترئ على غير تخصصه، كما ان اللغة مسألة تكوين هوية لأنها المعبر للتراث الذى هو جزء من التاريخ، وحينما تهدم اللغة تقام القطيعة الكبرى ولا يكون هناك انتماء أو حب للوطن أو أى شيء من هذا القبيل.. ولذلك نحن بحاجة لقانون لتجريم عدم استخدام العربية لأن هذا يؤثر فى الثقافة والتكوين، والقضية أبعد من كل هذا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة