تعددت الهوايات لدى عدد كبير بمحافظة كفر الشيخ، ومن بين تلك الهوايات الشاقة التى يتحمل محترفها مشاق كبيرة، لإشباع هوايته وللمشاركة فى السباقات على مستوى الجمهورية، هواية تربية الحمام الزاجل، مهنة يحرص عليها محبوه، بالبحث عن نسبه ويختاره وفق مواصفات محددة، ويختار له أكلات متعددة، ويتم وضعه فى أماكن خاصة، ولكل حمامة عين تسكن بها، وينقل الحمام من مكان لآخر حسب مناطق السباق بالمحافظات المصرية، ويدربه على الطيران بشكل يومى.
وبمحافظة كفر الشيخ هناك أكثر من 300 مربى للحمام الزاحل منتشرين بمدن المحافظة، يشاركون فى السباقات على مستوى الجمهورية ولهم فرع يترأسه أشرف عبدالمنصف الهاشمى، رئيس فرع الإتحاد المصرى للحمام الزاجل بكفر الشيخ، والذى يتفرع من الإتحاد العام للحمام الزاجل على مستوى مصر، يهتم بمربى الحمام الزاجل، وينظم السباقات بالتعاون مع الاتحاد العام للحمام.
والحمام الزاجل من أصول إفريقية، يتواجد بشكلٍ خاص فى السودان، والجزائر، وليبيا، ومصر، كان يُستخدم لنقل الرسائل بين الناس، بربط الرسائل فى ساقه ،ويقطع المسافات الطويلة، ونظراً للتقدم التكنولوجى تخلى الحمام عن مهمتة، وأصبحت تربيته فقط للمشاركة فى السباقات أو فى الزينة .
وتجول اليوم السابع بعدد من أبراج الحمام المتميزة بالشكل الجمالى بمدن المحافظة ،التى تتكون من الداخل من لوحات خشبية مصنوعه من نوع جيد ، وبداخلها غرف مخصصة ، وفى كل غرفة عيون ترقد بها الحمام.
قال أشرف عبدالمنصف الهاشمى، رئيس فرع الإتحاد المصرى للحمام الزاجل بكفر الشيخ، إن الفرع تم تأسيسه منذ أكثر من 32 سنة، وعدد الأعضاء المشاركين 300 عضو وهناك من مربى الحمام الزاجل لم تُسجل عضويته، مؤكداً أن بكفر الشيخ العديد من المحترفين والحاصلين على العديد من الجوائز على مستوى الجمهورية من بينهم، السيد المزين أطلقوا عليه ملك الحمام الزاجل، لاستحواذه على العديد من المسابقات على مستوى الجمهورية لعدة سنوات.
وأكد الهاشمى، أن الفرع يقدم العديد من الخدمات للأعضاء بنقل حمامهم الزاجل لمواقع المسابقات وتكريمهم، وللحمام أنواع كثيرة وأهمها حمام المراسلات، كان يُستخدم فى المراسلات والآن يستخدم فى السباق وهو يتميز بجسم قوى البنية، وجناحاه عريضان، وصدره شامخ إلى الأعلى، ويتمتع بغزارة وتماسك الريش والذيل رفيع ورأسه، ويوجد به خط أفقى يمتد من رأسه إلى المنقار على مستوى خط واحد، وله زوائد لحميه سميكة، وعنق الحمام الزاجل متوسط بالطول، وينتهى بالصدر العريض الشامخ إلى الأعلى، وأسعاره تتراوح من 200 جنيه حتى 50 ألف جنيه وتختلف أنواعه على حسب اسم العائلة والشهادات التى تحملها الحمامة والفوز فى البطولات،والحمام الزاجل أصيل وذكى ويفهم صاحبه وعشرى وله طرق خاصة لتربيته ويتم طيرانه بمواعيد وأكله بمواعيد محددة.
وأضاف الهاشمى، فى موسم السباقات، يجهز المشارك الحمام، ويسلم ساعته إلى فرع الاتحاد التابع له لبرشمتها وضبطها، ويسلم الحمام المشارك به للجنة والتى تتأكد من سلامته وصحته، وتضع اللجنة المشرفة على السباق دبلة السباق لجميع الطيور، وهى عبارة عن حلقة مطاطية يتم ترقيم الطيور بها مقابل رقم العضو المشارك ثم ينقل الحمام إلى نقطة الانطلاق، وتطلق لجنة الحكام الحمام فى الصباح من نقطة الإطلاق مع التأكد من جودة الطقس فى يوم الإطلاق وبمجرد وصول الطير إلى مسكنه فيقوم الهاوى بنزع الدبلة المطاطية ووضعها فورًا فى ساعة السباق ودق الساعة ليتم إثبات وقت الوصول وهكذا مع بقية الطيور حتى يتم فوز الحمام، وأحيانا يدخل الحمام من فتحه معينه بمسكنه بها ساعة فمجرد لمسها تثبت موعد وصوله.
وأكد الدكتور عبدالوهاب محمد، استاذ بكلية الطب، الحمام الزاجل له ألوان مختلفة، منه أبيض اللون، ومنه الأسود، والبنى الفاتح، والأزرق السماوى، ويتميز بوجود سواد على الذيل والأجنحة، ويعتبر اللون الأبيض نادراً، بينما اللون الأزرق هو الأكثر انتشاراً، ومتعدد الأنواع منه البغدادى، والزاجل الاسترالى، والزاجل الإنجليزى، وزاجل السباق، وزاجل الزينة،و أهم خطوط طيران الحمام الزاجل، كانت ما بين مصر والشام، مع وجود عدة خطوط فرعية تفرع عن الخطوط الرئيسية، مثل الخط ما بين القاهرة ودمشق، ولا يتم إطلاق الحمام الزاجل فى الأجواء الغائمة، ولا فى الأجواء الممطرة، ويتم إطعامه بشكل كاف قبل إطلاقه.
وأضاف المهندس هانى حسنى، مربى حمام الزاجل، نهتم بالحمام الزاجل لإنتاج حمام يتفوق فى السباقات، ومن بين ما نهتم به شهادة النسب،فالحمام الزاجل ليس حمام زينه تستطيع تحديده عن طريق المواصفات الجسمانية للطائر من ناحية لون العين وشكل المنقار وغيرهم، ولكن تُحدد قيمه الحمام الزاجل بمدى فوزه فى السباقات، فعندما تحمل الحمام الزاجل بين يديك فأنك تحمل طائرين وليس طائراً واحداً، الطائر الأول تراه بعينك وتتحسسه بأصابعك مكون من عضلات وهيكل عظمى، وتشعر بمدى جوده الريش، أما الطائر الأخر الذى لا تراه ذكاء وقدرة على التصميم وسعه عضلات القلب وقدرته بتحديده أقصر طريق للوقت خلال السباق.
وأكد محسن على محمود ، مربى حمام أنه يهوى تربية الحمام وتدريبه على الطيران لأول مرة عند اكتمال 5 أسابيع من عمره عندما يكون جائعا ولمدة أقل من ساعة أى نصف ساعة على الأقل ،وجلبها عن طريق إشارة وقت التغذية إلى أماكن أقفاصها، ويدربها على الطيران مرتين فى اليوم قبل تناول غذائه وتستمر هذه العملية لمدة من 6 أو 8 أسابيع ،لستطيع الحمام معرفة المنطقة التى تحيط به ويتم زيادة المسافات تدريجيًا.
قال السيد المزين، 76 سنة ، "الملقب بملك الحمام الزاجل " إنه يعشق تربية الحمام الزاجل منذ عام 1999م، عندما تابع بمركز شباب كفر الشيخ، أشرف الهاشمى رئيس فرع الإتحاد المصرى للحمام الزاحل بكفر الشيخ يشجع المربيين لخوض السباقات على مستوى الجمهورية، ويتابع كيفية نقل الحمام من كفر الشيخ للمناطق والمدن التى يبدأ بها السباق ويطلقون الحمام الزاجل ليتسابق ويحقق أصحاب الأنواع المتميزة من الحمام مراكز متقدمه ويحصلون على جوائز.
وأضاف المزين، أنه أحب الفكرة وعشق الهواية، وفى عام 2000م بدءا فى شراء 50 حمامة زاجل وبدأ فى تدريبهم والعناية بهم، فشعر أن الحمام أنجاله فله 3 أبناء منهم 2 مهندسين، وابنه حاصلة على كلية التجارة، ولكن للحمام مكانة خاصة، ومع مرور الأيام زادت عنايته بالحمام الزاجل وتمكن من شراء 200 حمامة خاض بهم السابقات سواء على مستوى وجه بحرى أو على مستوى الجمهورية، فحقق بطولة الجمهورية 10 مرات بالإضافة لبطولات عدة على مستوى وجه بحرى، مؤكداً أنه خصص الدور الأخير فى منزله لهم، وأقام عشش مجهزة الكترونياً وأبواب خشبيه بجرارات، وفتحات للتهوية، وعيون، وكل حمامة لها مكانها المخصص الذى تعرفه وتلتزم به، وفى كل قدم حمامه رقم محدد مطبوع على دبلة.
وأضاف المزين، أنه يطعم الحمام مرة واحدة فى اليوم، فى تمام الساعة الرابعة عصراً، وتكلفه وجبة إطعام الحمام حوالى 70 جنيها يومياً، مكونة من خلطة "ذرة أصغر، وذرة عويجة، بسلة، فول" وبرغم ارتفاع التكاليف إلا أنه عشق الحمام الزاجل جعله يضحى بأى شئ فى سبيل اشباع هوايته، مؤكداً أن كبر سنه لا يعيقه عن ممارسته هوايته وخاصة عمليات التدريب الشاقة.
وقال المزين:"عملية تدريب الحمام تبدأ بوضع الحمام فى أقفاص ومن خلال ونش مثبت أعلى المنزل يتم إنزال الأقفاص ويضعهم فى سيارة نقل، ويتجه بهم فى موقع مُعين، ويطلق الحمام ليعود للمنزله، ويبدأ تدريب الحمام على مسافة 5 كيلو أول مرة ثم تتضعاف المسافة لتصل إلى 160 كيلو، وكل مسافة يضطر لنقل الحمام لها ويطلقه ليعود للمنزل، فهى عمليه شاقة فى إنزال الحمام ونقله والسفر لمسافات تصل لـ 160 كيلو، ولكنها مسلية ومشوقة يشبع فيها الإنسان هوايته ورغبته، وأماكن التدريب "سخا، قطور، الكنيسة، سبرباى، بركة السبع، بنها، قليوب، الهرم"، فالتدريب يقوى عضلات الحمامة وتكون قادرة على الطير لمسافات كبيرة.
وأضاف المزين، أن الهواية تحولت لمهنة، فعندما حقق بطولة الجمهورية عدة مرات بدأ عاشق الحمام الزاجل يتوافدون عليه لشراء الحمام، وبدأ يهتم بذكور وإناث الحمام المحقق للجوائز على مستوى الجمهورية، ويعمل على توليفهم لتبيض الحمامة حمام يحمل نفس نوعية الذكر والأنثى، مشيراً إلى أن الحمامة التى تحصل على بطولة الجمهورية فى السباق يتراوح ثمنها ما بين 10 ألف جنيه لـ 30 ألف جنيه وهنالك حمام يصل ثمنه لـ50 ألف جنيه.
وقال المزين أن سعادته تزيد عندما يجلس بين الحمام ويحتضنهم، ويجد فى الأوقات التى يقضيها معهم حياة غير الحياة الرتيبة المعتادة التى يعيشها بعيداً عنهم، مؤكداً أن آخر مسابقة فاز بها مسابقة نجع حمادى بالصعيد فى شهر يونيو الماضى، مشيراً إلى أن هناك نسبة فاقد فى عدد الحمام الذى يشارك به فى المسابقات تصل لـ 25%، وفقده إما بموته لاصطدامه بكبلات الضغط العالى أو الأسلاك الكهربائية، أو عدم تمكنه من العودة ويتجه لأماكن أخرى، مؤكداً أن حصيلة بيعه للحمام المدرب والحاصل على جوائز وصل لـ 150 ألف جنيه.
وأضاف المزين أنه عندما يطلق المربون الحمام فى مواقع السباق، يعود الحمام للبرج المخصص له فى محافظته وبمجرد وصول الحمامة للبرج تضع قدمها التى بها الدبلة على بلاطة، تُسجل لحظة وصولها وتدخل عبر العيون المخصصة لداخل البرج، وتسجل اللجنة المشرفة على السباق لحظة دخول الحمامة للبرج وتفوز الحمامة التى تقطع المسافات فى وقت أقل، مؤكداً أنه كرمه العديد من الشخصيات منهم الدكتور سعيد الشينى رئيس الاتحاد المصرى للحمام الزاجل، واستاذه فتحى البقلى من القاهرة، وأشرف هجرس من كفر الزيات، وأشرف الهاشمى رئيس الفرع بكفر الشيخ، وعدد من الشخصيات بالمحافظة.
وقال المزين، إنه يطالب الشباب بالحفاظ على تراثنا العربى الأصيل، وأن يحرص كل منهم أن يمتهن مهنة امتهنها أجدادنا حتى لا تندثر تلك المهن، منها تربية الحمام الزاجل، وصناعة السجاد والكليم والجوبلان، وصناعة الكنافة اليدوية، وغيرها من الحرف التى اندثرت هذه الأيام، فمنها إشباع هوايات ومنها إظهار إبداع ومنها مهنة تجلب الرزق فى زمن ندر فيه الحصول على وظيفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة