كم مرة تغير فيها منبر الجامع الأزهر الشريف، وإلى أى عهد يعود تاريخ المنبر الحالى، المصادر العديدة اتفقت على أن منبر الجامع الأزهر تغير بتغير العصور، حيث كان كل حاكم يتسابق على عمارة الجامع الأزهر الشريف، لكن ما الذى حدث من تغير على منبر الجامع الأزهر.
في البداية، فإن المنبر كلمة حبشية أصلها " ونبر" أى كرسى قلبت الواو فيها عند العرب ميما، وقال البعض الآخر إن كلمة منبر تطلق عن الأحباش على أى مقعد كان، وانتقلت الكلمة منهم إلى العرب بشكلها الأصلى، ولا غرابة فى ذلك فقد كان بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم حبشيا، وكانت زوجته أم سلمة ممن هاجرن إلى الحبشة قبل الهجرة، وأن أهل مكة كانت لهم صلاة تجارية كبيرة مع الحبشة عبر مينائها مصوع ، وبذلك عرفت المنابر الخشبية فى المساجد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما عمل له منبر من ثلاث درجات فى مسجده بالمدينة .
تذكر كتب التاريخ أن أول منبر أمر بصنعه القائد جوهر الصقلى بأوامر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وبعد العصر الفاطمى وسيطرة الأيوبيين على مصر أغلق الجامع الأزهر، وقيل إن المنبر نقل فيما بعد إلى جامع الحاكم بأمر الله وذلك رغبة من صلاح الدين الذى كان ضد الفاطميين وذلك للقضاء على المذهب الشيعى.
كان الأزهرُ أولَ مسجدٍ وُضِع للناس بالقاهرة عاصمة الفاطميين 359ه- 970م،وتم الانتهاء منه في 361 هجريا 972 ميلاديا، يرجع إلى القائد الفاطمي جوهر الصقلي الذي افتتحه للصلاة في السابع من شهر رمضان سنة 361هـ/972م،حيث حكم الفاطميون مصر نحو قرنين من الزمان.
عندما تولى صلاح الدين الأيوبى الحكم وبداية العصر الأيوبى أمر بنقل خُطبة الجمعة من الأزهر سنة 565هـ/1169م، ونقلها إلى جامع الحاكم بأمر الله شمال القاهرة بزعم أنه أكبرُ مساحة؛ مستندًا إلى ما أفتاه به الشافعيةُ من حظر إقامة خطبتين للجمعة في بلدٍ واحدٍ،وهو ما كان إلا بقصد القضاء على المذهب الشيعى .
بعد انتهاء عصر الأيوبيين وبداية عصر المماليك وفى عهد الظاهر بيبرس تبرع بالمال وأصلح سقوف الجامع الازهر وبلاطه وعمل له منبرا ثم فرشه واحتفل بإقامة صلاة الجمعة فيه يوم الجمعة 18 ربيع الاول سنة 665هجريا نوفمبر 1266 ميلاديا ،أي بعد 100 عام من عدم إقامة صلاة الجمعة به ، وقيل أيضا إنه قد فقد المنبر ونقلت لوحته التذكارية الى أن استقرت في متحف الجزائر .
وفي العهد العثمانى، وتحديدا فى عهد عبدالرحمن كتخدا حدثت أعظم عمارة في تاريخ الأزهر عام 1167 هجريا، وكانت أعظم عمارة أجريت بالجامع الأزهر ، حيث قام بها الأمير عبدالرحمن كتخذا القازدغلى فى أواخر القرن الثانى عشر ،وأنشأ للجامع محرابا ومنبرا جديدين وبنى فى أعلاه مكتبا بقناطر معقودة على أعمدة من الرخام لتعليم الأيتام من أطفال المسلمين القرآن وأنشأ بداخله رحبة متسعة.
مر الجامع الأزهر بالعديد من عمليات التجديد، لكن المصادر لم تتطرق بالحديث عن منبر الجامع الأزهر إلا فى مواضع معدودة وبتتبعنا لتاريخ المنبر نجد أن أول منبر وضع بالجامع الأزهر كان فى عام 359 هجريا في عهد جوهر الصقلى .
المنبر الثانى أنشئ فى عهد العصر المملوكى وأقامه الظاهر بيبرس في عام 665 هجريا.
المنبر الثالث كان فى عهد الدولة العثمانية وتحديد في عهد عبد الرحنن كتخدا عام 1167هجريا وهو الموجود الان بالجامع الازهر اي ان عمره نحو 273 عاما.
الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال فى تصريحات لليوم السابع إن الأزهر تم بناؤه عام 359 هجريا، ومن أساسيات المسجد المنبر لأنه لا مسجد بلا منبر أيا كان هذا المنبر سواء كان درجتين او غيره ، وبني الجامع الأزهر في نفس توقيت بناء القاهرة وأسسه جوهر الصقلي بناء على أوامر الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وكان لابد للمسجد من منبر فالمنبر الأول الذي وضع في الجامع الأزهر هو الذي صنعه جوهر الصقلي القائد العام لجيوش المعز لدين الله الفاطمي ، وأمر بصنعه جوهر الصقلي بناء على أوامر الخليفة ظل هذا المنبر يخدم فترة طويلة حتى نهاية الدولة الفاطمية وصدر الدولة الأيوبية .
وأضاف أن هناك فكرة مغلوطة عند كثير من الناس أن الأزهر أغلق فى عهد الدولة الأيوبية والأزهر لم يغلق، فقد أغلق فى صلاة الجمعة فقط، لأن مذهب صلاح الدين الأيوبي شافعى والمذهب الشافعى لا يجيز أن تعقد جمعتين فى مصر واحد أى بلد واحدة، فما كان من صلاح الدين الايوبى إلا أن أوقف صلاة الجمعة بالجامع الأزهر ونقل الجمعة لجامع عمرو بن العاص.
وتابع: "أعاد الظاهر بيبرس فى عهد المماليك صلاة الجمعة بالجامع الأزهر بعد ان اتسعت القاهرة ولم يتسع جامع عمرو بن العاص للمصليين وكان الظاهر بيبرس مذهبه حنفى والمذهب الحنفي يجيز اقامة اكثر من صلاة جمعة ببلد واحدة ، وأقام منبر بالجامع الازهر يتناسب مع التوسعات الجديدة التى حدثت"، مضيفا أن أعظم عمارة حدثت للجامع للازهر فى العهد العثمانى وقام بها عبدالرحمن كتخدا واقام منبرا وهو الموجود حاليا بالجامع الازهر الشريف،حيث كان الأمير عبد الرحمن كتخدا واحدا من أعظم الراعين للحركة المعمارية خلال العصر العثماني، وربما كان الأنشط في تاريخ القاهرة كله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة