فى العام الماضى طالب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بإجراء مراجعة شاملة لما تم نهبه خلال العهد الاستعمارى بعد أن قال لطلبة من بوركينا فاسو «التراث الأفريقى لا يمكن أن يبقى فى مقتنيات أوروبية خاصة ومتاحف»، لذا فقد انشغلت الصحف والمواقع الإخبارية بالتقرير ومؤخرا تلقى ماكرون تقريرا أعده الخبير الاقتصادى السنغالى فلوين سار ومؤرخة الفنون الفرنسية بنديكته سافو.
وتمر فرنسا بمرحلة، يمكن وصفها بالمهمة، خاصة على المستوى الثقافى، فمن حسن الحظ أن الرئيس ماكرون يعرف قيمة الثقافة، ويحاول أن يتواصل مع الشعوب بشكل مختلف مستخدما القوى الناعمة.
ورغم أن عودة التراث إلى أرضه حق طالب به الكثيرون، لكن التعنت كان دائما هو الرد الوحيد من الدول الحائزة على هذه الفنون، ولم نعهد من قبل مثل هذه المبادرات التى قدمها ماكرون فى الدبلوماسية التى تحكم العلاقات بين الدول، وهى مهمة بشكل كبير خاصة أن فرنسا فى فترة زمنية معينة من القرون الماضية كانت تحتل دولا كثيرة من أفريقيا، وأنها حتى الآن لا تزال يدها قوية على بعض المناطق، ولم تمر بمرحلة ضعف تجبرها على اتخاذ هذه المبادرة لكن ذلك فى رأيى هى طرق حديثة يلجأ إليها الرؤساء فى إدارة بلادهم، وهى تحسب لهم.
المهم فى هذا الموضوع هو «مصر» هل ستهتم؟ هل سنتواصل مع هذه اللجنة كى تعرف وتحدد القطع الفنية التى وصلت فرنسا عن طريق التهريب والسرقة والاحتلال، وغير ذلك من الطرق غير المشروعة، وهل سنطالب بعودتها من هناك، ونكون جادين فى هذا الطلب؟
أطرح هذه الأسئلة لأننى فى الحقيقة أخشى من المسؤولين أن يستهينوا بهذا الأمر ويتجاهلونه، أو يظنون أنه قاصر على الدول الأفريقية التى كانت فرنسا تحتلها مؤخرا، خاصة فى وسط أفريقيا، وهنا أقول لهم أن الموضوع جد مهم وخطير، ويكفى أن نقول لكم أن «حجر رشيد» خرج من مصر زمن الحملة الفرنسية، أى أن فرنسا، وانطلاقا من هذه المبادرة، مطالبة بالحصول على حجر رشيد من المتحف البريطانى وإعادته إلى مصر، وطبعا هناك أشياء أخرى كثيرة ولوحات فنية مختلفة نتمنى عودتها.
ليس علينا أن نضيع هذه المبادرة ولا غيرها من الطرق والأساليب التى يمكن أن تعيد لنا حتى لو بعض آثارنا فى الخارج.