ربما يكون مفاجأ للبعض أن يصرح رجل دين مثل «الحبيب على الجفرى» أنه غير صحيح أن كل من هو ليس مسلما لن يدخل الجنة، لأن الله قال «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا»، مؤكدا أن من صفات الرسول أن يوصل الرسالة صحيحة تماما بلا تشويه أو إضافة أو حذف، ولأن الإسلام لم يصل بشكله الكامل إلى الناس، بل وصل مشوها لدرجة أن هناك ملايين البشر يعتقدون أن الإسلام هو داعش والقاعدة، فمن الممكن أن نقول إنه لم يصل، أى أن «الكفار» وفقا لمفهوم البعض الضيق للإيمان والكفر لن يدخلوا النار، كما يتمنى غالبية المسلمين.
أشعل تصريح الجفرى الأسئلة حول الجنة والنار، الثواب والعقاب، الإيمان والكفر، وفى الحقيقة فإننى كثيرا ما أتعجب من طريقة تفكير بعض الناس الذين يدعون أنهم مؤمنون بالله وملائكته ورسله ورحمتهو فى حين أنهم لا يتمنون شيئا بقدر رؤيتهم لبعض إخوانهم من البشر فى نار الجحيم، أتساءل: لماذا يحرص الكثيرون كل هذا الحرص على رؤية غيرهم فى جهنم، لمجرد أنهم مختلفون دينيا عنهم، بشر مثلما يؤكلون ويشربون ويحبون ويعطفون ويشفقون ويرحمون، يتمنى بشر مثلنا أن يروهم فى النار لمجرد أن يتبعوا دينا آخر أو حتى لا يتبعوا دينا بالمرة.
كثيرون يعتقدون أن الجنة عبارة عن قطعة أرض فضاء، استولى عليها أجدادهم بصك إلهى يوعدهم دون غيرهم بها، كثيرون يعتقدون أنها ملكية خاصة لا يجب أن يحلم بها أحد، كثيرون يعتقدون أنها وقفا على بيت ما أو عائلة ما أو شعب ما أو طائفة ما، هؤلاء من وجهة نظرى يمثلون أحقر مراتب البشرية، تسيطر عليهم روح الغابة، حيث يحرم قطيع من الحيوانات القطعان الأخرى من التمتع بمنطقة نفوذه، هم فى النقطة الأبعد من الله، فى النقطة الأبعد من الدين، فى النقطة الأبعد من الإنسانية، هم يعرفون أن نصيبهم من الجنة محفوظ، لكن متعتهم لا تكتمل إلا بحرمان الآخرين وليس باستمتاعهم، هم لم يغادروا الغابة بعد، والغابة أيضا لا لم تغادرهم، هم لم يرتقوا بما فيه الكفاية، مازالت روح الاستعمار تسيطر على قلوبهم، ومازالت أعينهم تتغذى الحقد.