يعتبر المتحف الزراعى من أهم المتاحف القومية فى مصر والمتخصصة فى المقتنيات الأثرية الزراعية، ويحتوى المتحف الزراعى على 6 من أهم أنواع المتاحف المتخصصة وهى المتحف الذى يضم المقتنيات الأثرية القديمة والمتحف الذى يضم مقتنيات من العصر اليونانى والرومانى ومتحف للمقتنيات الأثرية وغيرها من المتاحف الأخرى.
تمثل آثار المتحف الزراعى سجلا تاريخيًا خالدًا يوثق جانبا مهما من الحياة المصرية كونه يحتوى على معظم أنواع المواد الأثرية من فخار ومعادن وأخشاب ومخطوطات ونسيج ولفائف كتانية وجماجم حيوانية ومحنطات وهياكل عظمية وجب الحفاظ عليها، وعندما أصدرت وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة الزراعة القرارات اللازمة بتسجيل هذه المقتنيات فى سجلات الآثار ابتداء من عام 2015 كان لابد من حفظ وصيانة وترميم هذه المقتنيات بالطرق العلمية وعرضها بالطرق المثلى التى تتفق وأهمية هذه القطع الفريدة من نوعها والموجودة بهذه المتاحف أو المخازن، حيث تتخطى هذه المقتنيات الآلاف من القطع الأثرية والتى تستحق أن نضع نصب أعيننا فى علاجها وصيانتها وترميمها وعرضها فى منظومة بيئية ومتحفية مثلى لكى تكون فى درجة عالية من الحفظ.
وفى هذا السياق كشف الدكتور عبد الحميد الكفافى، مدير إدارة التخطيط والمتابعة بوزارة الآثار، أن هناك مظاهر للتلف والتدهور للقطع الأثرية الموجودة بالمتحف الزارعى، ويجب التدخل السريع لإنقاذها.
وفى البداية حدثنا الدكتور عبد الحميد الكفافى عن مظاهر التلف للمواد الأثرية بالمتاحف التابعة للمتحف الزراعى، قائلا:
1 - المحنطات الحيوانية..
تتضح مظاهر التلف للمحنطات الحيوانية بالمتحف الزراعى فى تغير ألوان الجلود وجفافها وتصلب الجلود والشعر نتيجة لتغيرات الرطوبة النسبية وفقدان الليونة، حيث يمكن أن تتحول بعدها إلى مواد هشة، وتصاب بالالتواء والانكماش إذا ما تركت مدة طويلة دون صيانتها والاهتمام بها، كما يتضح على هذه المحنطات وجود شروخ دقيقة وكبيرة فى أجزاء من الجلد، ووجود انفصال فى بعض الأجزاء، ووجود ترهلات واضحة وانكماش نتيجة للجفاف وإصابة الجلود بالحموضة، وكذلك الإصابة بالتلف الفطرى والبكتيرى، وفقدان لشعر الجلود فى بعض الأجزاء، ونتيجة لذلك فقدت بعض المحنطات أجزاء منها.
كما تلاحظ من خلال الفحص المبدئى لمحنطات الطيور والحيوانات والموجودة بمخزن المتحف اليونانى الرومانى، وكذلك المعروضة بالمتحف والتى تتخطى ألفى قطعة، تلاحظ أن هذه المحنطات والملفوفة باللفائف الكتانية تعانى من التلف الشديد، حيث تلاحظ ضعف الكتان وتمزقه وبعضه قد قارب على التحلل الذاتى والتفحم، وقد تعرضت هذه المحنطات للتلف الميكروبى الشديد، وقد أدى التلف إلى تحلل بعض الأجزاء وفقد بعض الأجزاء، وقاربت أجزاء منها على الانفصال لما يعرضها إلى الضياع .
2 ـ الفخار والأوانى الفخارية والتراكوتا..
من خلال الفحص للفخار والأوانى الفخارية والأمفورات وتماثيل التراكوتا تبين وجود تكلسات ملحية ورملية على الأسطح ووجود بهتان وتكلسات جيرية وضعف للقشرة السطحية ووجود تكلسات لونية، وكسر فى بعض الأجزاء وفقد أجزاء فى أوانى أخرى .
3 ـ المعادن والأدوات المعدنية..
من خلال الفحص المبدئى للمعادن التى استخدمت فى العصر اليونانى الرومانى سواء المعروض منه أو الذى تم تخزينه، وهى أدوات معدنية متنوعة من قطع حديد أو برونز أو نحاس، نجد أن مظاهر التلف واضحة عليها من خلال وجود مركبات الصدأ المتنوعة من أكاسيد أو كلوريدات أو كربونات، فمثلا نجد على الأدوات البرونزية طبقات صدأ متمثلة فى المالاكيت والأتاكاميت والبارا أتكامايت، وكلها تحتاج إلى علاج نواتج مركبات الصدأ الموجودة.
- مقترحات العلاج والصيانة:
تتضمن أعمال العلاج والصيانة فى أعمال التنظيف الميكانيكى ثم التنظيف الكيميائى، وكذلك أعمال التجفيف، ثم تأتى مرحلة العزل والتقوية بالمواد المناسبة والتى تجعل مواد التقوية والعزل بمثابة الحماية اللازمة لهذه المعادن من العوامل البيئية المحيطة، وكذلك تحميها من التفاعل الداخلى بواسطة تفاعل غازات الجو المحيط ببعض مواد الأثر، وتحتاج المعادن كذلك بعد أعمال العلاج والصيانة بيئة حفظ مثالية لكى لا تتأثر بأى تفاعل ناتج عن ملوثات أو تنشيط لمركبات صدأ مستقبلية.
4 ـ الأخشاب والأدوات الخشبية الزراعية..
تتضمن الأدوات الزراعية أدوات حرث وقوائم خشبية بها حالة جفاف عالية سواء كانت موجودة بالمخازن بالمتحف اليونانى الرومانى أو كانت معروضة بنفس المتحف، وقد تلاحظ وجود تابوت خشبى كذلك بمتحف الآثار المصرية عليه بقايا من طبقة ملاط ملونة وأن الأخشاب بها شقوق وثقوب وبعض الالتواءات غير أنه مصاب بإصابات بيولوجية عديدة، وتلاحظ فقد بعض الأجزاء فى الأدوات الزراعية وكذلك للتابوت الخشبى.
5 ـ النسيج والمنسوجات..
تتضمن قطع النسيج الموجودة شرائط نسجية وكتانية ترجع إلى العصر الإسلامى والعصر القبطى وهى موجودة بمخزن المتحف اليونانى الرومانى، وهى تقارب 25 قطعة وكلها فى حالة تخزين سيئ، وتبدو فى حالة متهالكة وضعف شديد ومفقود منها أجزاء، كما يوجد بمتحف الآثار المصرية قطعة كتانية كبيرة مفقود منها أجزاء.
6 ـ المخطوطات..
وهى مخطوطات ورقية بخط اليد ترجع إلى العصر المملوكى وعصر محمد على، وبالفحص الظاهرى تلاحظ أن هذه المخطوطات الورقية فى حالة فقد لبعض أجزاء منها، ويبدو على أجزاء منها الاصفرار مما يدل على وجود الحموضة فى أجزاء منها، كما أنها تحتاج لتدعيمها بحوامل مماثلة تكون خاملة لعدم الإضرار بهذه المخطوطات وتحتاج لبيئة مثالية، كما أنها تحتاج لأعمال عرض مناسبة.
7 ـ جماجم الحيوانات والطيور..
وتتضمن جماجم للحيوانات والطيور والهياكل العظمية المعروضة فى فاترينات المتحف اليونانى الرومانى، وتبين من خلال الفحص البصرى فقدان أجزاء من هذه العظام مما يدل على أن التلف البطىء قد بدأ على هذه العظام، كذلك فإن بعض هذه العظام قد تعرض للتلف بواسطة الكائنات الدقيقة، وقد وصلت بعض هذه العظام إلى حالة من الهشاشة.
وعن استراتيجية العلاج والترميم والصيانة ووضع خطة لأعمال الصيانة والترميم وحفظ مقتنيات المتحف الزراعى، أوضح أنها تحتاج للعديد من المراحل وهى:
1 ـ التنظيف الميكانيكى..
تعتبر عملية التنظيف الميكانيكى بواسطة الفرش والأدوات الدقيقة من أهم أعمال العلاج لهذه المحنطات، حيث لابد من التعرف على الاتساخات وأنواعها من خلال أعمال الفحص والتحليل، وحتى لا يكون للتنظيف الميكانيكى أى آثار ضارة أو جانبية على جلود هذه المحنطات أو على العظم والقرون أو على الشعر، ويعتمد التنظيف الميكانيكى على طبيعة ونوعية المواد العالقة على أسطح جلود المحنطات لضمان اختيار الوسيلة المناسبة لعملية التنظيف، حيث يهدف التنظيف الميكانيكى إلى فك الارتباط بين طبقة الاتساخات والأتربة عن أسطح المحنطات، ولذلك يراعى استخدام الفرش والأدوات بشكل يتناسب مع حالة أسطح الجلود والعظام حتى لا تتسبب فى حدوث تشوهات على الأسطح.
2 ـ التنظيف الكيميائى..
يعتبر التنظيف الكيميائى استكمال لأعمال التنظيف التى يصعب إزالتها بالتنظيف الميكانيكى، ويعتبر الماء المخلوط ببعض المذيبات العضوية هو أنسب أنواع التنظيف الكيميائى، حيث يمكن إضافة بعض المواد المعقمة والمطهرة أثناء عمليات التنظيف الكيميائى، ولا يتم اللجوء للتنظيف الكيميائى بالأحماض أو القلويات الشديدة إلا فى حالات تكون فيها البقع الحمضية أو الفطرية أو وجود تكلسات شديدة على الجلود أو العظام، حيث يفضل التنظيف الكيميائى مع استخدام فرش ناعمة حتى يتم إزالة الدهون والمواد البروتينية الملتصقة بالجلود والشعر، حيث يتم استخدام بعض المحاليل التالية فى أعمال التنظيف الكيميائى.
3 ـ العلاج والتقوية والتدعيم..
يتضح من حالات المحنطات الموجودة والمطلوب علاجها جفاف الجلود وتصلبها , ولذلك فإنه لابد من إعادة الليونة إلى هذه الجلود عن طريق تقويتها بالطرق المختلفة ومنها: " التقوية بمحلول من غراء الجلد أو الجيلاتين : تقوى الجلود برشها بمحلول غراء الجلد والذى يضاف إلى ضعف حجمه ماء، ويتم تسخينه على نار هادئة لمدة 24 ساعة إلى أن يصل المحلول إلى مستحلب، حيث يصفى المستحلب الناتج ويضاف إلى مثل حجمه مزيج من الخل والكحول بنسبة 50 % لكل منهما، والتقوية بمحلول الفازلين السائل : حيث تتم تقوية جلود المحنطات بالفازلين السائل لإكسابه قدرا كبيرا من الليونة مع عزلها عن التغيرات الجوية وعلى عدة مراحل "التقوية بمحلول الباغة : حيث يتم استخدام محلول الباغة المذاب مع خلات الإميل والأسيتون بنسبة 50% لكل منهما، ليتشرب الجلد أكبر كمية ممكنة من هذا المحلول وذلك لإستعادة ليونته ومرونته للحفاظ عليه من الجفاف والتصلب وحتى لايكون عرضة للكسر والهشاشية، أعمال التدعيم للمحنطات الحيوانية : تحتاج معظم هذه المحنطات إلى أعمال التدعيم حيث نجد أن معظمها قد تلفت معظم محتوياته الداخلية وكذلك نجد الكسور فى بعض القرون العظمية لهذه المحنطات، الأمر الذى يتطلب التدعيم بمواد غير عضوية للأجزاء الداخلية لهذه المحنطات، كما نجد أن بعض المحنطات تحتاج إلى أعمال الاستكمال بمواد شمعية مضافا إليها القلفونية، كما هو الحال فى بعض القرون أو أذن بعض المحنطات بما يتلائم مع حالة كل محنط من هذه المحنطات.
4 ـ أعمال التعقيم والتطهير والصيانة..
وتتم أعمال التعقيم والتطهير عادة بصفة دورية وفى غرفة محكمة من أجل تأثير المواد المعقمة على الفطريات والبكتريا وكذلك الحشرات، ويراعى أن يتم استخدام المبيدات المعقمة أو المشتقات العضوية فى الصورة السائلة لاستخدامها بواسطة الرش، كما يراعى أن تكون ذات أثر فعال على الكائنات البيولوجية ودون أن تؤثر على الجلود أو المحنطات بالتلف ومن المواد المعقمة:
* محلول الأمريزول : يضاف إليه الكلوتريمازول بنسبة 2-1 حيث أنه محلول له مفعول قاتل للفطريات والبكتريا ولكثير من أنواع الخمائر .
* محلول الديوراك : يستخدم بنسبة 5.% مضافا إلى الكحول أو الماءحيث أنه بالإضافة إلى أنه يقوم بأعمال التنظيف الكيميائى فهو مضاد ناجح للفطريات ويقوم بالقضاء عليها.
* محلول الباراداى كلوروبنزين : ويستخدم مذابا فى الكيروسين أو الكحول بنسبة 2%
5 ـ أعمال العرض المتحفى للمعروضات..
وتأتى مرحلة العرض المتحفى والتى تمكن المشاهدين من رؤية عظمة هذه الآثار، حيث تتلخص مرحلة العرض فى كيفية عرض هذه الأثار والقطع الأثرية بطرق تظهرها سواء على حوامل من البلكسى جلاس أو عمل قواعد خشبية مبطنة من قماش القطيفة وإظهار القطع الأثرية بطرق تسلط الاضاءة الغير ضارة على هذه القطع .
أ- ويؤدى العرض المتحفى الجيد الى استقرار درجات الحرارة والرطوبة النسبية فى الحدود الأمنة والمناسبة لهذه المحنطات حتى لا تتأثر بالرطوبة العالية أو المنخفضة، ويتأتى ذلك بواسطة القياسات بأجهزة قياس الرطوبة والحرارة وعن طريقها يتم التعرف، واتخاذ الإجراءات المناسبة لضبط درجات الحرارة والرطوبة، فالاستقرار الجاف والنصف رطب يمثل الجو المناسب لأعمال الحفظ لهذه المواد العضوية .
ب - كما تؤدى التهوية الجيدة بواسطة عمل نظم للتهوية بفترينات العرض بهذه القاعات حتى يتم التخلص من الملوثات أو ترشيحها بطرق كيميائية مناسبة، ولا تؤثر على الجلود أو العظام والشعر لهذه المحنطات .
لذلك كان ولابد أن نصنف المواد الأثرية الموجودة بمتاحف المتحف الزراعى إلى المادة الأثرية الموجودة سواء كانت محنطات أو جماجم وهياكل عظمية - منسوجات ولفائف كتانية - أوانى فخارية مختلفة الأحجام والأشكال - أدوات معدنية وعملات - توابيت حجرية وأدوات من الحجر - مخطوطات ورقية وبردى - أخشاب وأدوات خشبية - طبقات ملاط ملونة وغير ملونة - لوحات فنية - حبال وصنادل وسلال من مواد عضوية مختلفة، وغيرها من المواد الأثرية المختلفة حتى يتم عرضها بشكل يليق بعظمة هذه المواد الأثرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة