"التليفزيون، المحمول، الكمبيوتر، الثلاجة"، وغيرها من الأجهزة التى لا يخلو أى منزل منها، أو مؤسسة خاصة أو حكومية، مع استخدامها لفترات طويلة تتحول إلى مخلفات إلكترونية، تمثل شريحة عريضة من إجمالى حجم المخلفات فى مصر، وقد تكون أخطرها نظرا لتعامل تجار الخردة وغيرهم من المختصين مع تلك المخلفات، بطرق غير علمية للحصول على المواد الثمينة من داخلها كالذهب أو الفضة، والتى ينتج عنها صدور مواد ضارة للبيئة تستمر لمئات السنين.
قال الدكتور طارق العربى مدير وحدة إدارة مشروع المخلفات الطبية والإلكترونية، بوزارة البيئة، أن الوزارة تعمل منذ 2016، على إطلاق مشروع "الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة، من الانبعاثات غير المتعمدة للملوثات العضوية الثابتة، الناتجة عن الحرق والحرق المكشوف لمخلفات الرعاية الصحية والإلكترونية"، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومرفق البيئة العالمية، والذى تم التركيز فى بدايته على المخلفات الإلكترونية الناتجة من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لتقليل الانبعاثات الضارة الناتجة عن التخلص بطرق غير آمنة بيئيا من تلك المخلفات.
وأوضح العربى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": أن تلك الانبعاثات الملوثة للبيئة تصدر مع بداية محاولة فك تلك المخلفات للحصول على المعادن الموجودة داخلها، مثل الذهب والفضة والبلاتين، الموجودين داخل البوردات الخاصة بالموبايل والكمبيوتر، وغيرها من الأجهزة، مشيرا إلى أنه للحصول عليها يتم فك الجهاز الإلكترونى وحرقه أو استخدام مواد كيميائية، وبالتالى ينبعث منه أبخرة "ملوثات عضوية ثابتة" تظل فى البيئة لمئات السنين، وتدخل فى السلسة الغذايئة، وتضر بالبيئة وصحة الإنسان.
وأشار إلى أن المخلفات الإلكترونية من بينها أجزاء خطرة، مثل البطاريات، وبعض المواد الكيميائية، والتى تتطلب التعامل معها من قبل متخصصين، يدركون كيفية استخرج تلك المعادن الغالية بطرق سليمة، ويتخلص من المواد الخطرة بطرق بيئية، والتى من الممكن أن يدفع مقابلها أموال لتصديرها أو دفنها بشكل صحى، مضيفا: وذلك ما يتوافر فقط مع القطاع الرسمى، والمصانع المعتمدة طبقا لنص قانون البيئة، وفى بداية العمل كان عدد المصانع العاملة فى ذلك التخصص لا يتخط الـ3 مصانع، ولم يكن يصل لهم إلا نسب لا تتعد الـ2%، والباقى يتجه للقطاع غير الرسمى الممثلين فى تجار الخردة والورش ومصانع بير السلم، يحصلون على البوردات لتصديرها للخارج، خاصة أن هناك مصانع عالمية متخصصة فى التعامل معها.
وأضاف: وفى الوقت الحالى بدأنا فى تطبيق ذلك المشروع مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع الأربعة شركات الخاصة بتشغيل المحمول الموجودة فى مصر، واستجابوا معنا تماما، وكانت تلك البداية لمعرفة مزايا وعيوب النظام، والثغرات التى يستغلها تجار الخردة للحصول على تلك المخلفات، ولضرورة تعميم ذلك على كافة القطاعات كان لابد من التوسع فى القطاع الرسمى، فاتجهنا اتجهنا إلى التصدير والجمارك، وإعلامهم بتوقيع مصر على اتفاقية "بازل" والتى تمنع تصدير المخلفات الإلكترونية إلا بشروط محددة، وبالتالى اضطر التجار التوجه لوزارة البيئة لتوفيق أوضاعهم، وساهم ذلك فى ارتفاع عدد الجهات الرسمية إلى 13 مصنعا، بجانب عمل عدة جهات أخرى على توفيق أوضاعهم فى الوقت الحالى.
وتابع: أما عن 23 % من سوق المخلفات الالكترونية، وهو حجم الموجود فى المنازل، ونتيجة لأنه من الصعب إلزام أصحابها بعدم بيع تلك المخلفات إلا لمصانع محددة، كان لابد من وجود حافز وعائد مادى للمنازل، مع توفير السياسات اللازمة لجمع تلك المخلفات، وتدرس الوزارة فى الوقت الحالى إطلاق تطبيق إلكترونى "أبليكيشن"، وذلك لتسهيل عملية جمع المخلفات الإلكترونية من المنازل، وما يميز هذا التطبيق هو إشراك منتجى الأجهزة، انطلاقا من وجود مسئولية ممتدة للمنتجين يتم تطبيقها على مستوى العالم، حيث يتم إعادة الأجهزة بعد الاستغناء عنها للمصنعين، مشيرا إلى أن المسئولية الممتدة تم وضعها فى قانون تنظيم المخلفات الجديد المعروض على مجلس النواب.
واستطرد: تم الاتفاق مع أحد المنتجين للأجهزة الكهربائية، والذى عرض منح خصومات لكل شخص يرغب فى التخلص من المخلفات الإلكترونية، من خلال ذلك التطبيق، وجارى دراسة ذلك، ليكون مقابل الشراء منه بعد التخفيض والحصول على المخلفات الإلكترونية من المنزل، وبالتالى حقق المنتج مسئوليته المجتمعية، وحافظ على البيئة، وحقق مكسب له، وتحقق الوزارة مشروعها فى جمع تلك المخلفات، موضحا أن خارطة طريق المشروع من المفترض لها أن تنتهى فى نهاية 2020، لكن من المتوقع مدها لمدة عامين آخرين، أى بنهاية 2021.
فى سياق مُتصل، قال الدكتور طارق العربى: وفى الجمارك أيضا هناك حوالى 660 طن من المخلفات الإلكترونية منذ سنوات، الخاصة بشاشات التليفزيون القديمة، والمليئة بالرصاص، والتى لا يوجد فى مصر مصنع يمكنه العمل فى إعادة التدوير فى ذلك النوع من المخلفات، بجانب أنه لا يمكن عمل مصنع حاليا لتوقف انتاج هذا النوع من الشاشات، يتم حاليا دراسة إمكانية التخلص منها بشكل أمن.
ولفت إلى أنه تم إجراء مناقصة عالمية للتخلص منهم، والشركات تقدمت بعروض، مضيفا: وسيتم إجراء زيارة ميدانية لمندوبى الشركات من 2 وحتى 5 ديسمبر المقبل، للإطلاع على الوضع بعد إجراء جرد، لوضع العروض المالية والفنية الخاصة بهم للتخلص بشكل آمن منها خارج البلاد.
فى سياق متصل، أشارت المهندسة هدى شقرة المسئول الفنى لمشروع المخلفات الإلكترونية والطبية، إلى إرتفاع العائدات الاقتصادية لتدوير المخلفات الإلكترونية من 9 مليار دولار فى 2010 إلى 20 مليار دولار فى 2016 فى العالم، كما يعد استخراج بعض المعادن من المخلفات الإلكترونية من الناحية البيئية أقل استهلاكا للطاقة من استخراجه من المناجم حيث يوفر استخراج الألومنيوم طاقة بنسبة 95% عن استخراجه من المناجم، مضيفة ايضا إلى توفير تلك الصناعة العديد من فرص العمل حيث يمكن تدوير الحاسبات الآلية ل 10 آلاف طن وتوفير 296 فرصة عمل.
فيما قالت الدكتورة ناهد يوسف، رئيس جهاز المخلفات التابع لوزارة البيئة، أن المشروع يهدف إلى التقليل من الممارسات الخاطئة مع المخلفات الإلكترونية، بحيث لا يتم منحها إلا للحاصلين على موافقات من جهاز شئون البيئة، وموافقة هيئة التنمية الصناعية، لافته إلى أنه عقب الانتهاء من تعميم الأمر مع وزارة الاتصالات، سيبدأ العمل على قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى إعادة هيكلة القطاع غير الرسمى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة