أحمد إبراهيم الشريف

هل يتحدث الناس الفصحى غداً

السبت، 03 نوفمبر 2018 08:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت فى مناقشة علمية يدور موضوعها عن مدى التزام الصحافة بقواعد اللغة العربية السليمة، وبغض النظر عن النتائج التى توصلت إليها الدراسة ومدى القرب والبعد الذى أصاب المقالات والتقارير وفنون الصحافة الأخرى، فإننى فكرت فى سؤال جوهرى: هل من الممكن حقا أن يتحدث الناس لغة عربية فصحى غدا؟
 
طبعا ليس المقصود باللغة الفصحى هنا كلمات المعاجم والقصائد القديمة والمقامات العربية والتفاسير الدينة والأحاديث النبوية والآيات القرآنية بصفتها كلمات «منفردة» فى سياق ما، لكن المقصود هى اللغة السليمة الواضحة التى تضم كل مجالات الكلمات السابقة مع التنبه إلى ما فعله الزمن بها وما فعله السياق الحديث أيضا.
 
هل يمكن أن يحدث ذلك خاصة أن مجمع اللغة العربية يفتح المجال بشكل كبير ويقبل كلمات شائعة بين الناس، وكنا نظن أنه لا يفعل ذلك، وأنه يغلق أبوابه أمام كل شىء؟
 
عن نفسى أدرك أن طريقتنا فى الكلام لن يحدث لها أى انضباط لغوى، وأننا سوف نواصل رحلتنا ناحية التغريب اللغوى إلى أقصى مدى، وذلك ليس تشاؤما، لأن الأمر أكبر من ذلك، فهناك أسباب جوهرية تقود حياتنا، منها أن المدرسين وأساتذة الجامعات ومقدمى البرامج لا يتبنون فكرة اللغة السليمة فى دروسهم ومحاضراتهم وبرامجهم.
 
لكن أخطر ما فى الموضوع هو أن العقلية العربية لا تعرف بالضبط ما الذى تريده، بمعنى هى تريد التقدم «نظريا» لكنها تعيش فى الماضى «تطبيقيا» لكن معظمنا لا يعرف ذلك، فيسعى إلى محاربة الماضى فى أحد أشكاله وهى اللغة الخاصة، فكثيرون يظنون أن اللغة السليمة هى سبب «التخلف» الذى أصاب كثيرا من المجتمعات العربية، لذا كثير من الدول بدأت لغتها الخاصة «العربية» تختفى تقريبا تحت هجوم اللغات الأجنبية عليها، لدرجة أنك تدخل هذه البلدان وتخرج منها ربما دون أن تسمع كلمة عربية واحدة.
 
أما فى المجتمع المصرى، فظهر جيل لا يعرف عن التمرد سوى مظاهره، يؤمن بأن الشىء الذى لا يبدو على السطح لا قيمة له، وبالتالى هو يسعى لتغيير حياته، لكن معظمهم لا يتخذ العلم أو العمل سبيلا لهذا التغيير، بل يتبنى أفكارا «ظاهرية» مثل طريقة النظق والقدرة على استحداث ألفاظا معينة يختصرون بها العالم لكنها فى جوهرها ليست دالة إلا على ابتعادهم عن أنفسهم.
 
بالطبع لن نتحدث لغة عربية فصحى، لكن الواجب تجاه أنفسنا على الأقل، أن نحتفظ بخصوصيتنا فلا نتغرب فى حياتنا اليومية أكثر ونساق خلف أبطال الأفلام العشوائيين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة