تميزت الكاتبة الكبيرة رضوى عاشور بالمساهمة فى الكتابة الأدبية بشقيها الإبداعى والنقدى، حيث كتبت الرواية، وكتب النقد، وكانت لها إسهامات متميزة فى الشقين.
رضوى عاشور
ومع مرور الذكرى الرابعة على رحيل الكاتبة والروائية الكبيرة، التى رحلت عن عالمنا فى 30 نوفمبر عام 2014، عن عمر ناهز 68 عاما، توجهنا بالسؤال إلى عدد من النقاد، فى محاولة لتصنيف أكثر دقة عن الكاتبة الراحلة، وحول إن كانت روائية كتبت النقد، أم إنها تعد ناقدة كتبت الرواية، وما هو الكتابة الأدبية التى كرست حياتها فيها.
حسين-حمودة
وقال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن تجربة رضوى عاشور التى جمعت بين الكتابة فى النقد وممارسة الإبداع، ليست تجربة استثنائية في هذه الوجه التى تتمثل بالمشاركة فى نشاطين نقدى وأبداعى.. هناك فى هذه الوجه، ومن موقع قريب، أستاذتها وصديقتها لطيفة الزيات، وهناك فى موقع ليس بعيدا أيضا تجربة الدكتور شكرى عياد، وتجربة إدوار الخراط، وهناك طبعا فى ثقافات متعددة تجارب أخرى لأسماء مثل توماس ستيرنز إليوت، وازرا باوند، وميلان كونديرا.. إلى آخره.
وأضاف "حمودة"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، وفى هذه التجارب ومنها تجربة رضوى عاشور، هناك مساحة مشتركة بين الابداع والنقد، ولكن يتفاوت أو يتباين فى هذه المساحة حضور أى طرف من الطرفين، بمعنى أن رضوى عاشور فى كتاباتها النقدية كانت تستند إلى روح موضوعية بجانب استنادها إلى ذائقة جمالية موصولة بتكوينها الإبداعى.. وفى كتاباتها الروائية الإبداعية كانت تتحرر قليلا من هذه الروح الموضوعية، أو توظفها توظيفا مختلف فيما بين الكتابة الكتابة، أو قبل الشروع فى الكتابة، أو بعد الانتهاء منها.
وأوضح أستاذ الأدب العربى الحديث، على أى حال يصعب فى حالات كثيرة الفصل بين الجانب النقدى والجانب الإبداعى مع بعض الشخصيات، وربما كان كل مبدع حقيقى ينطوى على ناقد ما بداخله، كما أن بعض النقاد الحقيقين تتضمن الاروحاهم قبسا من الإبداع.
صلاح السروى
من جانبه قال الدكتور صلاح السروى، إن تجربة رضوى عاشور، تصنف على أنها روائية وأستاذة جامعية، وليست ناقدة بالشكل الملموس وإن كانت لها كتابات فى النقد من خلال رسالتها الجامعية فى الفرنكو أمريكى، أو الأدب الأفريقى المكتوب من السود الأمريكيين، والحقيقة إنها قدمت مدرسة رائدة فى تلك المجال.
ولفت "السروى"، لكن نشاطها كان مكرسا للرواية بشكل كبير، وإن كانت كانت لها تجارب أيضا نقدية على المستوى العربى، من خلال بعض المقالات النقدية، مثل ما كتابته عن رواية "وليمة لأعشاب البحار" والتى أحدثت رواجا وشهدت هجوم عنيف من جانب طلاب الأزهر والسلفيين.
وأشار الدكتور صلاح السروى، لكن تجربتها الإبداعية، كانت خصبة وثرية، وهى إمتداد نوعى للأديبة لطيفة الزيات، فكانت امتدادا نوعى للكتابة الواقعية الاجتماعية النقدية مثل رواياتها "فرج" عن الام أسر المعتقليين السياسيين، كما قدمت الشق التاريخى التى ختمت به حياتها وذلك من خلال ثلاثية الشهيرة "غرناطة" والتى تعتبر من عيون الأدب العربى، والعالمى أيضا، وذلك كونها تناولت فترة خروج العرب من الأندلس، ليس من الشكل البكائى، كما تتناوله أغلب الكتابات، لكنها أيضا تناولته بشكل ناقدى، محللة الأسباب التى أدت إلى تلك الخروج، مع تقديم بعض الاسقاطات حول الظروف المعاصرة، خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية.
وأتم "السروى"، كما قدمت أيضا الرواية التاريخية المعاصرة فى رواياتها "الطنطورية" وهى من الأعمال الكبرى فى تاريخ الأدب العربى أيضا، وتمثل فيها إمتداد نوعى لما قدمه الأديب الفلسطينى الراحل غسان كنفانى، حيث تعاملت مع القضية الفلسطينية من واقع تاريخى، فكانت كاتبة اجتماعية نقدية وتايخيه.
الناقد أحمد حسن عوض
فى السياق ذاته، قال الناقد أحمد حسن عوض، إن رضوى عاشور تنتمى إلى طائفة المبدعين النقاد الذين يجمعون فى قبضة واحدة بين الملكة الإبداعية والقدرة على صنع أعمال روائية بالغة التميز من ناحية والقدرة على التحليل النقدى والوعى التنظيرى.
وأضاف "حسن"، ولعل منا يميز أعمال رضوى عاشور الإبداعية، هو الحس النضالى اللافت والوعى التاريخى الفائق الذى نلمحه فى ثلاثيتها الشهيرة "سقوط غرناطه" والقدرة على سطر اختبار للذات العربية فى المراحل العربية التاريخية المأزومة، ومحاولتها لاستشراق آفاق لهذه الذات تنطلق إلى آفاق المستفبل بشكل أكثر وعيا واكثر تماسكا وصلابة.
واختتم الناقد أحمد حسن، ولا شك أن وجودها فى اسرة إبداعية نما الحس الإبداعى لديها، فزوجا الشاعر الفلسطينى الكبير مريد البرغوثى، الذى لا شك بلور أو ساهم فى بلورة وعيها بالقضايا العربية المعاصرة وأبعادها المختلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة