لا أعرف ما الذى يريده الإرهابيون فى مصر تحديدا، وما الذى يظنونه بقتلهم الناس وترويعهم، ما الذى يقولوه لأنفسهم وكيف يبررون ما يقومون به، وما الحجة التى يقنعون بها أنفسهم، عندما يقتلون رجلا عجوزا وامرأة وطفلا، ما الشرع والفكر الذى يعتمدون عليه وما التراث الذى أوصلهم لذلك؟
لا عليك من الأسئلة السابقة، فلن نجد إجابة عنها، فهؤلاء قوم باعوا أنفسهم للشيطان، لكن السؤال الذى لن أتوقف عن طرحه «لماذا لا يذهب هؤلاء المتطرفون إلى فلسطين ويحاربون الكيان الصهيونى ويحررون القدس؟
لماذا لا يفعلون ذلك رغم أنه «القدس» يعانى على يد جيش الاحتلال، والشعب الفلسطينى المسلم يعانى هناك من سجن وتعذيب وقتل وتهجير، والصهاينة يخططون للاستيلاء على الأثر العربى الإسلامى، ولن يتوقفوا حتى يفعلون ذلك، ومع ذلك لا نجد من يحرك يدا لنجدة فرد فلسطينى أو لحماية جدار أو أثر، بل نشاهد قتلا لفقراء المصريين مسلميهم ومسيحييهم فى سيناء وفى أماكن أخرى.
كل هذه الأشياء أدعى للشك بل التأكد من أن مدعى التدين فى مصر وغيرها لا علاقة لهم بدين، فالكل يعرف أن مدينة القدس فى العقيدة الإسلامية لها مكانتها الجوهرية، وأن سقوطها فى يد جيش الاحتلال الإسرائيلى وتخريبها بمعتقداتهم سيغير أشياء كثيرة فى خريطة الإسلام، ومع ذلك لا نطالع سوى الصمت الغريب من الجماعات الإسلامية فى هذا الجانب والتركيز فقط على قتل المسالمين والأبرياء فى الجانب الآخر.
بالطبع هذا الفكر الغريب ليس جديدا على التنظيمات الإسلاموية، بل كان منتشرا منذ البداية، ومنذ سنوات قديمة، ففى ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، كانت كلمة «القدس» وتحريرها الأكثر تداولا فى الجامعات والمدارس والبيوت وحتى فى الإذاعات المدرسية، بل كانت الشعار الذى يتم من خلاله جذب العديد من الشباب، الذين كانوا يظنون أنهم بمجرد انضمامهم لهذه الجماعة الإسلامية سوف يكونوا فى اليوم الثانى على خط النار فى جيش صلاح الدين الأيوبى لمواجهة المحتلين، وبعدها بأيام قليلة سيدخلون المسجد الأقصى مهللين بنصر ربهم، يفكرون فى ذلك قبل أن يكتشفوا أن دورهم مقصور على مراقبة بنات شارعهم، خشية أن تظهر خصلة شاردة من شعرهن، وتعنيف أبناء حيهم لأنهم لا يرتدون الجلباب القصير.
لماذا لا يذهب المتطرفون لتحرير القدس؟ ما الذى يريدونه منا؟ هل يخشون اليهود هناك، أم أنهم متفقون جميعا على غاية واحدة؟ مفادها القضاء علينا وتسليط سمومهم على أطفالنا ونسائنا، هل شعارهم الجديد «نحن نقتلكم.. وللبيت رب يحميه»؟