هو موضوع واحد، التعايش والتنمية والعدالة فى توزيع ثمار التنمية والوعى، كلها قيم تقاوم الكراهية والتطرف والطائفية، وهى عناوين للإرهاب.. والكراهية هى العنوان الأبرز لكل هجوم إرهابى، وخلف كل إرهابى يتحرك ليقتل أو يفجر هناك الكثير من الأفكار التى تملأ رؤوس مئات من الدمى وتحولهم إلى أدوات للقتل وخلف كل جريمة إرهابية، هناك عقول تنتج المواد القاتلة فى الرؤوس قبل الأيادى.
من هنا، فإن رد الفعل المتكرر تجاه الإرهاب الموجه للمصريين، ربما لا يكون كافيا ويحتاج إلى خطوات إضافية أهمها مكافحة من ينشرون الكراهية ويزعمون أنهم دعاة للدين، بينما هم دعاة كراهية وقتل وتخريب يكسبون من نشر أفكار القتل.
لقد تزامن حادث الهجوم الإرهابى على الأقباط فى طريق دير الأنبا صموئيل الذى سقط فيه شهداء، مع انعقاد منتدى الشباب العالمى الذى جمع مئات الشباب من مصر وأفريقيا وأوروبا وأمريكا ودول عربية وآسيوية ليبحثوا عن قيم التعايش والسلام.
ومن بين المتحدثين كانت كلمة نادية مراد، الفتاة الإيزيدية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، وهى التى كشفت عن واحدة من أكثر جرائم الكراهية والتى ارتكبها تنظيم داعش ضد آلاف الإيزيديين من شيوخ وسيدات وبنات والأطفال حولهم إلى سبايا للبيع والشراء فى القرن الواحد والعشرين.
جرائم داعش تلخص الكثير من التفاصيل حول مدى صناعة الإرهابى الذى يقتل من يختلفون معه فى الدين أو المذهب ثم المختلفين مع تفسيره المتطرف للدين، وجريمة داعش هنا يتشارك فيها عشرات العقول ممن ألفوا ونشروا فتاوى تكفر المسيحيين والإيزيديين، وتدعو لقتلهم، لمجرد أنهم يختلفون فى الدين، ولم يكن تنظيم داعش نبتا ذاتيا، لكنه نتاج لتراكمات من التطرف الذى كان ولايزال هناك من ينشره ويصنعه، شياطين فى ملابس وهيئات دعاة، هم من صنع أفكار داعش من يستحقون العقاب معهم، فالذين أطلقوا النار فى المرتين وقتلوا الأقباط إرهابيون وقتلة يشاركهم من شحنوا عقولهم بأفكار الجهل والظلام، ومن مول داعش بالسلاح شريكا مع من صنع أفكارهم القائمة على الكراهية والتعصب.
نادية مراد استعرضت جرائم داعش وتقول إن «أكثر من 6 آلاف امرأة وطفل إيزيدى أصبحوا سبايا فى القرن الحادى والعشرين، وتعرضوا للبيع والشراء والعنف الجسدى والجنسى والنفسى، وهدموا بيوتهم ونهبوا ممتلكاتهم، وأجبروا نصف مليون إيزيدى أعزل للهروب من الإبادة.
وتدعو نادية مراد والإيزيديات إلى محاكمة داعش ومن وراءه كمجرمى حرب، وهى تشير إلى جريمة دولية تستحق أن ينتفض العالم من أجلها، لكن العالم مشغول عن مثل هذه الجرائم، لأن هناك أطرافا كبرى مولت داعش بالمال والسلاح ووظفتهم بتطرفهم وكراهيتهم لتحقيق أغراض متعددة سياسية واقتصادية، والضحايا آلاف الإيزيديين والمسيحيين والمسلمين بمذاهبهم المختلفة فى سوريا والعراق.
نادية مراد أدانت الهجوم الإرهابى الذى استهدف حافلة للأقباط فى محافظة المنيا، وقتل الأبرياء بسبب الدين، وهى فى الواقع تشرح كيف يمكن أن تتحول العقيدة إلى أداة للقتل بعد التكفير، ولا تتوقف عند اختلاف الدين، لكنها تمتد إلى اختلاف المذهب أو حتى اختلاف التفسير.
الإرهاب جريمة لا تخص فقط ضحاياها ولكنها تتعلق باختلال فى العقول المتطرفة، وتحتاج إلى مقاومة متعددة تنتزع الكراهية من المناهج والفتاوى والأفكار التى تنتج آلات قتل تتحرك بعمليات شحن مستمرة، ومن أجل مواجهتها الأمر يتطلب الكثير من الخطوات، أهمها وأولها مواجهة عقول أخطر من القنابل والرصاص يعيش أصحابها بيننا ويحصلون على الكثير من المساحات التى تتحول إلى منصات إطلاق الكراهية.