لم أكن أعرف أن الأفارقة على قدر كبير من خفة الدم، قبل أن أركب الطائرة المتجهة إلى شرم الشيخ من مطار القاهرة، لأحضر جلسات منتدى شباب العالم، فتاة تنزانية رأيتها قادمة نحوى، كانت تبتسم وأصدقاؤها يبتسمون، وقفت أمامى وكنت جالسا بجوار الشباك، قالت لى من فضلك مقعدى بجوار الشباك وضحكت، نظرت إلى أصدقائها فوجدتهم يضحكون، قلت لأصدقائها: هذه الفتاة كاذبة أليس كذلك؟ فقالوا جميعا «نعم» وغرقوا فى الضحك، فأجلستها مكانى مرحبا.
كانت الفتاة التنزانية سعيدة إلى حد لا يوصف، سألتنى عدة أسئلة مشفوعة بالشغف عن مصر والأهرام وشرم الشيخ، قالت إن أصدقاءها أقاموا لها حفلة ابتهاجا بزيارتها لمصر، وحكت لى كيف كانت تحلم بتلك الزيارة منذ صغرها، لم ألتق بها بعد ذلك، لكنى التقيت الكثير من الشابات والشباب الأفارقة أثناء جلسات المؤتمر، من ملاوى وتشاد ونيجيريا وغيرها من دول، كانوا منطلقين كما لو كانوا فى أوطانهم، مبتهجين باعتزاز مصر بهويتها الأفريقية، سعداء بوجود أصحاب البشرة السمراء على اللافتات الترويجية للمهرجان، دعم هذا الاحتفال البصرى بأفريقيا اهتمامًا كبيرًا ظهر فى جلسات المؤتمر التى تناولت مشكلات القارة ومستقبلها.
كانت هذه المشاهد من أروع ما حدث فى المنتدى، دعم هذا ما صدر من الرئيس عبد الفتاح السيسى، من توصيات ترقى إلى درجة القرارات ومنها إعلان مدينة أسوان المصرية عاصمة للشباب الأفريقى لعام 2019، وإقرار الدولة المصرية إعلان شرم الشيخ للتكامل العربى الأفريقى، وتكليف الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب لوضع آليات تنفيذية لتدريب الشباب العربى الأفريقى فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بإطلاق البرنامج الرئاسى لتدريب الشباب الأفريقى على القيادة، بما يعنى أن مصر تؤسس لوجود طويل المدى فى العقول والقلوب الأفريقية ليعوض ما فاتنا من حضور طوال العقود السابقة، وهو أمر لو تعلمون عظيم.