أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، تقريرا حول وضعية حقوق الإنسان فى اليمن، بالتزامن مع احتفال العالم بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان، قالت فيه إن 27 مليون يمنى بحاجة إلى الحد الأدنى من الخدمات للبقاء على حافة العيش.
وذكر تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن وضعية حقوق الإنسان فى اليمن واصلت تراجعها للعام الرابع على التوالى، حيث شهد اليمن خلال الفترة التى يغطيها التقرير تفاقم المحنة الإنسانية التى بات يتم تصنيفها بالأسوأ عالميًا، بما يشمل وضع اللاجئين خارج البلاد وأوضاع النازحين داخليًا والخاضعين للحصار والمحتاجين للحد الأدنى من الخدمات والإعانات للبقاء على حافة العيش (نحو 22 مليونًا من بين 27 مليون يمني)، وذلك فى ظل استمرار النزاع المسلح الذى تعيشه البلاد منذ تمرد مليشيا "الحوثي" بالتحالف مع القوات التابعة للرئيس السابق "على عبد الله صالح" فى 21 سبتمبر 2014، وهو التحالف الذى تصدع فى النصف الثانى من العام 2017، وصولاً إلى اغتيال مليشيا "الحوثي" للرئيس "صالح" فى ديسمبر 2017، ما كان له آثار متنوعة على مسار التطورات وتحولات المشهد.
ورأى تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن فشل جهود الوساطة والتسوية السياسية مستمر رغم التحولات التى تشهدها هذه الجهود منذ ربيع العام 2018 اتصالاً بجهود نوعية يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الجديد "مارتن جريفيث" المعروف بخبرته فى الشئون اليمنية، ولا يرجع فشل جهود التسوية لتمسك مليشيا "الحوثي" بخارطة طريق ذاتية لا تطرحها للنقاش على طاولة التفاوض فحسب، بل يرجع كذلك إلى الانقسام داخل معسكر الحكومة الشرعية الذى يأتى فى جزء منه انعكاسًا للتفاوتات وأحيانًا التنافرات داخل بنية التحالف العربى لدعم الشرعية بقيادة السعودية.
وأشار تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إلى استمر المدنيون فى دفع ثمن فاتورة النزاع المسلح فى البلاد على يد مختلف الأطراف المنخرطة فى القتال، فيما يسدد مجموع الشعب اليمنى فاتورة هذا النزاع.
كما أشار تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أن ظاهرات الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان، تنامت فى المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات "الحوثى"، بما فى ذلك إساءة استخدام المساعدات الإنسانية وسلبها لصالح المجهود العسكرى والضغط بها على المناطق التى تدعم الشرعية، واستفحلت جرائم الاغتيال والاعتقال والتعذيب والاختفاء القسرى والمحاكمات غير العادلة، جنبًا إلى جنب مع تكميم الأصوات وخنق الحريات والاستيلاء على الممتلكات، كما تصاعدت جرائم تجنيد الأطفال واستغلالهم فى النزاع المسلح.
ولفت تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إلى أن انتهاكات القتل ظهرت خارج نطاق القضاء والاحتجاز غير القانونى والتعذيب فى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية والتحالف العربى الداعم لها، وساهمت مليشيات عاملة تحت مظلة الحكومة الشرعية فى المناطق "المحررة" فى تأجيج ثقافة التطرف الدينى على نحو يصب فى خدمة سياسات مليشيا "الحوثي" خلال السنوات الأربع الماضية التى نالت من حقوق المواطنة والسلم الاجتماعى فى البلاد.
وذكر تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان أنه فيما يخص الحقوق الأساسية استمر انتهاك الحق فى الحياة بمعدلات كبيرة خلال الفترة التى يغطيها نتيجة استمرار النزاع المسلح فى البلاد، وتورط كافة الأطراف فى ارتكاب جرائم حرب بالنيل من المدنيين خلال القتال، أو من خلال الاستهداف العمدى، وكذا من خلال سلوك عدم التحوط فى تجنب المدنيين والأهداف المدنية.
وفى هذا السياق استمر تحالف مليشيا "الحوثى – صالح" فى استهداف المدنيين والأهداف المدنية بالقصف العمدى فى بعض الحالات بهدف الترويع وإحكام السيطرة والقصف العشوائى فى بعض الحالات، وخاصة فى محافظات تعز ومأرب والبيضاء، ما أدى إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى.
وذكر التقرير أنه على سبيل المثال فى 15 سبتمبر 2017 قصفت مليشيات "الحوثى – صالح" مناطق فى تعز، ما أسفر عن مقتل 8 أطفال فى مناطق حوض الأشراف والجحملية وفى 18 سبتمبر 2017 قصفت مليشيا "الحوثي" منزلاً فى مديرية صالة بتعز، ما أدى إلى مقتل أربعة أطفال وقد سقطت أعداد كبيرة من النساء نتيجة القصف المتكرر لمليشيا "الحوثي" على الأحياء السكنية والمناطق المأهولة بالسكان، ومن ذلك فى 7 سبتمبر 2017، حيث قصفت المليشيا مجمعًا سكنيًا للنازحين فى حى الروضة بمأرب، وسقط جراء القصف 4 نساء.
وقد تمركزت عناصر مليشيا "الحوثى" فى المناطق السكنية المأهولة كوسيلة للحيلولة دون استهدافها بأعمال القصف الجوى، وخاصة فى الأماكن الجبلية المرتفعة داخل المدن وعلى حواف البلدات، وأفادت مصادر المنظمة الميدانية ببعض الوقائع التى تؤكد استمرار المليشيا فى استهداف الأحياء السكنية بالقصف الصاروخى والمدفعى من العيار المتوسط بالتزامن مع غارات التحالف العربى الجوية على نحو يربط الضحايا من المدنيين بالقصف الجوى.
وأشار تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أنه فى الفترة من 21 مايو إلى 6 يونيو2017 قُتل 28 مدنيًا وأُصيب 59 آخرون خلال اشتباكات بين مليشيا "الحوثي" وقوات تتبع الجيش الوطنى، وأفادت مصادر المنظمة الميدانية فى تعز أن مليشيا "الحوثي" قصفت الأحياء السكنية المكتظة بالسكان فى وقت متزامن مع عمليات الجيش الوطنى وغارات التحالف العربى بهدف الربط بين الضحايا المدنيين وعمليات الجيش الوطنى والتحالف.
وتابع التقرير، استهدفت مليشيا "الحوثي" طواقم العمل الإنسانى، ففى 8 فبراير 2018 قتلت الناشطة الحقوقية "ريهام البدر" وزميل لها خلال مشاركتهم فى عمل إنسانى وأصيب آخرون من رفاقهم بعدما قصف مليشيا "الحوثي" تحركهم الجماعى فى الأحياء السكنية بتعز.
وأكد تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان على أن الاغتيالات كانت واحدة من أخطر مصادر انتهاك الحق فى الحياة خلال الفترة التى يغطيها التقرير، حيث توثق مصادر المنظمة الميدانية وجماعات حقوقية يمنية تفشى ممارسة الاغتيالات فى البلاد لأسباب سياسية ولأسباب ودوافع متنوعة.
واستطرد ويشكل اغتيال الرئيس السابق "صالح" وقيادات موالية له فى مطلع ديسمبر 2017 أبرز وقائع الاغتيالات المنظمة فى البلاد، حيث اغتيل من قبل مليشيا "الحوثي" إثر تصاعد الانقسام بين الحليفين بداية من أغسطس 2017 وإعلانه فى أواخر نوفمبر فض التحالف مع مليشيا "الحوثي"، وتفاقمت الأوضاع عقب اغتياله من خلال قيام مليشيا "الحوثي" بتصفية عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبى وبعض أفراد عائلة الرئيس السابق، فضلاً عن مداهمة منازلهم واعتقالهم وإخفائهم قسريًا، ورفض تسليم جثامين القتلى، وقد تجاوز عدد القتلى فر الصراع بين مليشيا "الحوثي" وأنصار الرئيس السابق "صالح" 200 قتيل خلال شهر واحد من حادثة الاغتيال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة