لا يمل الواحد من الكتابة والإشادة بقصص النجاح لعديد من أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بدعم جهاز تنمية المشروعات، لأن هذه القصص تغير المجتمع المصرى إلى الأفضل وتعيد الاعتبار لقيم كثيرة افتقدناها خلال العقود الخمسة الماضية منها، إتقان العمل والبدء من الصفر والتقدم خطوة خطوة، والتخصص فى قطاعات حرفية وصناعية، وإطلاق الأفكار الإبداعية والعمل على تحقيقها، وبفقدان مثل هذه الأفكار خلال العقود الماضية، فقد المجتمع بوصلته ونشأت أربعة أجيال على الفهلوة وممارسة الأعمال دون تخصص ودون تدريب، الأمر الذى أدى إلى انهيار مستوى الحرف والفنيين فى مصر.
الدكتورة نيفين جامع، الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات، تعمل من خلال رؤية واضحة لتأسيس قاعدة صناعية عريضة تقوم على المشروعات الصغيرة، بالتوازى مع الشركات العملاقة التى يؤسسها القطاع الخاص وشركات قطاع الأعمال العام الجارى إعادة هيكلتها، ومن هنا يقدم جهاز تنمية المشروعات الدعم المادى والفنى لأصحاب المشروعات الصغيرة ويساعدهم على تنفيذ مشاريعهم، بداية من فكرة المشروع وإعداد دراسة الجدوى، وحتى التمويل وتسويق المنتج بكل أنواعه ومتابعة المشروعات بعد تمويلها لتذليل أى عقبات تصادفها، وهو ما كنا نفتقده فى مراحل سابقة.
هدف الجهاز الأساسى من وجهة نظر الدكتورة نيفين هو دعم أصحاب الأفكار القابلة للتطبيق لتوفير مزيد من فرص العمل، وليس مطلوبا ممن لديهم أفكار إبداعية جديدة إلا أن يتقدموا بها للجهاز أو أن يتصلوا على الخط الساخن من جميع محافظات الجمهورية، فالجهاز ليس حكرا على القاهرة وكبريات المدن فقط، وأن يتركوا بياناتهم ليتم الاتصال بهم وبحث تقديم المساعدة الفنية والمادية لهم، بدءا من تحويل الفكرة إلى دراسة جدوى مقبولة وتقديم الدعم المادى والفنى لهم.
ليس هذا فقط، بل إن من لديهم أفكار أو حتى رغبات صادقة فى دخول سوق العمل عليه أن يذهب فقط إلى الجهاز وهناك سيلحقونه ببرنامج تدريبى مع غيره من المتقدمين، ومن خلال حضور هذه الدورة التدريبية ستتولد لدى المتقدم فكرة مشروع تتناسب معه ومع مؤهله والبيئة التى يعيش فيها، ومن يعملون من منازلهم لديهم فرصة للتمويل ولكن بحدود، فالأفضل أن يحصل الراغب فى بدء مشروعه على عقد إيجار لمكان المشروع على أن يساعده الجهاز فى استخراج التراخيص والأوراق اللازمة ليصبح مشروعه رسميا وقانونيا
4.1 مليار جنيه، ضخها الجهاز قروضا لأصحاب المشروعات الصغيرة خلال تسعة أشهر فقط، من يناير إلى سبتمبر 2018، حيث تمت المساعدة فى إنشاء 190 ألف مشروع، وتوفير 300 ألف فرصة عمل، ومع الوقت يزداد الوعى العام بدور الجهاز فى توفير فرص العمل ومساعدة المواطنين على إقامة مشروعاتهم والدخول بها إلى نطاق الاقتصاد الرسمى ويزيد الإقبال على الجهاز من جميع المحافظات، لكن الأهم من وجهة نظرى، هو الدور الذى يقوم به جهاز تنمية المشروعات فى إحياء روح العمل والعصامية والكدح بين مختلف طبقات المجتمع.
فقد عانينا لعقود طويلة من سيطرة الأحلام الزائفة والرغبة فى الثراء السريع على عقول الشباب والكبار، وتحول الحلم من تأسيس المشروع الخاص والنمو به إلى أن يصبح صرحا كبيرا، كما كان سائدا فى النصف الأول من القرن العشرين وحتى السبعينيات من القرن الماضى، تحول إلى حلم العاطلين بالوراثة الراغبين فى نهب ثروة من تجارة الآثار أو المخدرات أو النصب على المواطنين فى توظيف الأموال، ثم التمتع بإنفاقها دون عمل مع توهم الإفلات من العقاب القانونى.
الآن يبزغ حلم العصامية من جديد ويستقر فى أذهان كثير من الأجيال الجديدة أن العمل الحقيقى المنتج هو الوسيلة الوحيدة للترقى والصعود الاجتماعى، وأن الثروة يمكن تحقيقها بإعادة الاعتبار لقيمة العمل وصعود السلم خطوة خطوة، لأن ما يأتى بالعرق والكدح يبقى وينمو ويفيد أصحابه والمجتمع أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة