يتحدث الجميع عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى، وبالطبع ذلك فى منتهى الأهمية لكننا نحتاج جنبا إلى جنب مع تجديد الخطاب الدينى العمل بالتوازى من أجل تجديد الخطاب الثقافى، خاصة فى الصعيد حيث تسود ثقافة تحتاج إلى تغيير، لأنها تعتبر البيئة الحاضنة للتطرف والإرهاب طوال الثلاثين عاما الماضية، ورغم أن الصعيد بة خمسة جامعات إقليمية ومنها جامعة أسيوط العريقة، فإن محافظات الصعيد تفتقر إلى وجود منتديات ثقافية، وعلى سبيل المثال كان بالصعيد من أربعين عاما، 33 دار سينما لم يعد الآن إلا حوالى خمسة دور سينما فقط أغلبها قامت القوات المسلحة بافتتاحها مثل المنيا، وكان فى الصعيد 34 مسرحا فى قصور الثقافة والمجتمع المدنى، لم يعد يوجد إلا مسار المحافظات، وهى أقرب لقاعات العرض، رغم أن الصعيد ووفق دراسة للكاتب به حوالى 15 عشر فرقا مسرحية ومئات من المسرحيين، وفى هذا المقال سوف نترك الحديث لشابين واعدين من فنانين المسرح بالصعيد.
شادى جمال أسعد عبدالملاك، من مواليد محافظة أسيوط، مدينة القوصية، خريج المعهد العالى للفنون المسرحية 2009، يعمل ممثلا ومخرجا بفرقة المسرح الحديث بمسرح الدولة التابع لوزارة الثقافة «مسرح السلام»، بدأ حياته الفنية بالعمل فى المسرح، حيث شارك بالتمثيل فى مسرحية الصرخة، ياحنا ياهما، عربى جمهورية، فى إيه يا مصر، إحنا وظروفنا، وغيرها.. كما شارك بالتمثيل باللغة الإنجليزية فى مسرحيات «القناع الذهبى، سجين زندا»، ومن المسرح انطلق للمشاركة فى الكثير من الاعمال السينمائية مثال «كرم الكينج، دكان شحاته، المشخصاتى 2، أخلاق العبيد، يوم مصرى» وغيرها.... وفى الأعمال التليفزيوينة مثال «امرأة فوق العادة، المصراية، ابن ليل، حكايات بنات، أهل كايرو، أهل الهوى، خلف الله، لدينا أقوال أخرى، عوالم خفية» وغيرها.. إلى جانب الأفلام الوثائقية «الحسن بن الهيثم، أيام الدم، وادى الأسرار».
بدأ تعلقه بالفن منذ حداثته من خلال المسرحيات التى قدمها داخل الكنيسة بمسقط رأسه بمدينة القوصية، وداخل قصور الثقافة بمحافظته، وهو ما جعله يعشق التمثيل ويؤمن برسالة الفن وتاثيره فى المجتمع، فاتجه للدراسة الفنية بالمعهد العالى للفنون المسرحية وترأس اتحاد طلابه واتحاد طلاب أكاديمية الفنون بكل معاهدها الفنية عام 2006، ليصبح أول رئيس اتحاد طلاب مسيحى فى تاريخ أكاديمية الفنون.
قام أسعد بالمشاركة فى مسرحية سياسية تحت عنوان «المسيح يصلب فى فلسطين»، وتم تقديمها بمسرح بمدينة سمالوط وبعض مسارح القاهرة، وحاول عرض المسرحية بمدينته القوصية إلا أن الأمن قد منع عرضها لأسباب أمنية، إلى جانب عدم توافر مسرح بالمدينة رغم أن مدينة القوصية كانت تحتوى على العديد من المسارح، وعلى أقدم سينما من سينمات مصر، إلا أن جميعهم تم غلقهم وتم تحويل السينما إلى مول تجارى، حالها حال معظم سينمات الصعيد والإقاليم .
يؤمن شادى أسعد أن الفن لا ينفصل عن السياسة، فهما وجهان لعملة واحدة تهتم بأمور المجتمع وإصلاحه، كما يؤمن بدور الفن كقوة ناعمة فى تغيير مجرايات الأمور وتحسين أحوال المجتمع، لذا شارك فى العديد من الأعمال الفنية التى تناقش أهم القضايا السياسية مثال مسرحية «فى إيه يا مصر» التى ناقشت ملف الفتنة الطائفية، ومسرحية «يا إحنا يا هما» التى ناقشت الصراع العربى الإسرائيلى، ومسرحية «ولاد البلد» التى ناقشت الفتنة الطائفية وبطولات الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب.
كما قام بإخراج مسرحية «فى المنطقة» التى ناقشت الصراع العربى الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية، وأخرج مسرحية «الظالم والمظلوم» التى ناقشت معاناة الإنسان المصرى، وما يلقاه من صعوبات داخل المجتمع المصرى منذ مولده وحتى وفاته.
يحلم أسعد بإخراج مسرحية «قداس الشيخ رضوان» عن قصة الكاتب الكبير خيرى شلبى التى تحمل نفس الاسم، وتقدم العلاقة المسيحية الإسلامية الصحيحة فى أبهة صورها، كما يحلم بتجسيد شخصية المناضل الثورى جيفارا لما تحمله من ثراء درامى وسياسى يتناسب مع مجتمعنا.
الفنان الثانى، كريم مجدى ملك طالب بالمعهد العالى للفنون المسرحية عملت بالتمثيل والإخراج المسرحى بداية من قصور الثقافه مرورا بمسرح الجامعة نهاية ببعض الأعمال التليفزيونية، مثل الدولى بطولة رانيا يوسف وباسم سمرة وإخراج محمد النقلى والمغنى بطولة محمد منير وابن النظام بطولة هانى رمزى، وعمل بالعديد من الأعمال المسرحية والإعلانات إعلان البنك المصرى إخراج أحمد مكى والأفلام السينمائية مثل عائلة ميكى، وبرنامج صعايدة سات على النايل كوميدى إخراج أكرم فريد، ونظم العديد من الحفلات الغنائية بمحافظات مصر، قمنا بتأسيس شركة كايرو ديزنى للإنتاج الفنى المتخصصة فى إنتاج عروض مسرحية خاصة بالطفل والأسرة بشكل عام، نعتمد ف العروض على عناصر عمل متخصصة من خريجى المعاهد ودار الأوبرا المصرية المتخصصون فى الديكور والإخراج والملابس.
لكن هؤلاء الشباب تعوزهم المبادرات الحكومية التى تستدعى إعادة النظر فى ندرة المسارح، لأن أى مسرح فى مكان خاص يطلب من هؤلاء الشباب آلاف من الجنيهات مقابل العرض، ولا توجد كل معدات الإضاءة أو الديكور، مما يجعل مئات الفنانين وعشرات الفرق تعجز عن إمكانية العمل، مما يجعلهم يهجرون الصعيد إلى العاصمة.
نحن بصدد قضية مهمة تستحق الاستيعاب من وزارات الثقافة والشياب، وسنوالى طرح تلك المكونات والإشكاليات فى مقالتى القادة عبر هؤلاء الفنانين الشباب.