مظاهرات متقطعة وعناد لا ينقطع تعيشه العاصمة الفرنسية منذ أن عرفت الاحتجاجات الفئوية طريقها إلى شوارع باريس والتى سرعان ما تحولت إلى صدامات وأعمال عنف ممتدة منذ ما يقرب شهر بعدما حملت الاحتجاجات فى أيامها الأخيرة طابعًا سياسيًا وبدأ المحتجون من المنتمين لحركة "السترات الصفراء" وغيرها يرصدون مطالب من بينها تغيير النظام والخروج من عضوية الاتحاد الأوروبى.
ورغم تنازلات الحكومة الفرنسية بتعليق الضريبة الخاصة بالمحروقات، والتى كانت نقطة الخلاف الرئيسية والتى أسفرت بدورها عن احتجاجات السترات الصفراء، ورغم القرارات التى أعلنها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى خطابه الأول منذ بداية الأزمة ، مساء أمس، إلا أن المظاهرات لم تنته، لتؤكد "السترات الصفراء" تمسكها بالتصعيد.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية فى تقرير لها صباح اليوم، إن حركة السترات الصفراء، ترى أن التعهدات التى قطعها ماكرون على نفسه فى خطاب الليلة الماضية بشأن الإصلاح الاقتصادى "غير مقنعة وغير كافية". متابعين: "يعطى الفتات للفرنسيين"، وذلك على الرغم من قرار زيادة الحد الأدنى للأجور.
وفى كلمته مساء الاثنين، قال ماكرون: "نريد فرنسا يعيش فيها المرء بكرامة من خلال عمله.. وقد سرنا فى هذا السبيل ببطء أكثر من اللازم.. وأطلب من الحكومة والبرلمان القيام بما هو ضرورى"، مشيرًا إلى أن البلاد تعانى مشكلة "عمرها 40 عامًا"، كما أعلن أن الحد الأدنى للأجور سيزيد 100 يورو شهريا دون تكاليف إضافية على أصحاب العمل، وستلغى الزيادة الأخيرة على ضرائب التأمين الاجتماعى لأرباب المعاشات الذين يتقاضون أقل من 2000 يورو، مؤكدًا فى الوقت نفسه على أنه سيلتزم بأجندته الإصلاحية، ورفض إعادة فرض ضريبة على الثروة.
خطاب ماكرون الذى قابلته "السترات الصفراء" بمزيد من الرفض، تزامن مع حالة من القلق بدأت تسلل لدوائر المال والأعمال داخل فرنسا، خاصة بعدما تم رصد إلغاء واضح لرحلات سياحية كان يعتزم خلالها آلاف زيارة باريس لقضاء عطلة نهاية العام، قبل أن تتحول معالم العاصمة إلى ساحة مفتوحة لحروب الشوارع.
وفى تقرير مساء الاثنين، قال البنك المركزى الفرنسى، إن الاحتجاجات التى تعصف بالبلاد ستبطئ النمو لما يقرب من الصفر فى الربع الأخير من العام، مما يعقد مهمة الرئيس إيمانويل ماكرون للتوصل إلى حلول وسط لتهدئة حركة "السترات الصفراء".
وتوقع البنك المركزى، أن يحقق اقتصاد فرنسا، ثانى أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، نموا بنسبة 0.2 % فقط فى الربع الأخير من العام انخفاضا من تقديرات سابقة بنمو 0.4%، فى وقت امتنع فيه وزير المالية برونو لو مير عن الإفصاح عن تقدير للنمو المتوقع لعام 2018 لكنه توقع أن تتسبب موجة الاضطرابات في خفض الناتج القومي بمقدار 0.1 نقطة مئوية. وتوقع نائبه تحقيق نموا بما يقرب من 1.5%.
وقالت سلسلة متاجر برينتان التى أغلقت فرعها الرئيسى فى باريس يوم السبت، أحد أزحم أيام العام قبيل عيد الميلاد، إنها شهدت تراجعا فى المبيعات بما بين 25 و30 % منذ بداية الاضطرابات.
وشهدت المتاجر على مستوى البلاد تراجعا بنسبة 17 % فى روادها وفقا لبيانات مجموعة (سى.إن.سى.سي) للمتاجر.
وفى مؤشر على زيادة مخاطر حيازة الدين الفرنسى، ارتفعت عائدات سندات الحكومة الفرنسية أمس مما أدى لاتساع الفجوة بين عائدات السندات الفرنسية والألمانية لأجل عشر سنوات إلى أكبر معدل منذ مايو أيار إذ بلغ حوالى 46 نقطة أساس فى التعاملات المبكرة.
وعلى مدار ما يقرب من شهر، أسفرت احتجاجات السترات الصفراء عن سقوط عشرات المصابين، بخلاف اعتقال ما يزيد على 1700 شخص فى المواجهات بين الشرطة والمحتجين الذين لجأ بعضهم لأعمال عنف وتخريب طالت ممتلكات عامة وخاصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة