قطعة قطن ملوثة تم استخدامها لتنظيف جرح طفل رضيع لم يتجاوز عمره وقتها سبعة أيام كانت كفيلة بإصابة هذا الطفل بــ"التيتانوس" وارتفاع درجة حرارته لــ 45 درجة مئوية مما أضر بمركز الحركة والكلام فى المخ حيث أصابه ضمور كامل فتحول من طفلا ظنه أهله سيكون طبيعيا لآخر قعيد لا يتكلم .
سيد ابن الــ 18 عاما، شكلت والدته تفاصيل قصته التى بدأت بطفل قعيد وانتهت بآخر يحصد الميداليات فى رياضة السباحة، بعدما كان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فى زيادة تمسك وحيدها بالحياة، "عبير" أو "أم سيد" كما تفضل دائما أن يناديها الناس تعطى من خلال رحلتها مع ابنها نموذج حى على الصبر والقوة وعدم الاستسلام او اليأس.
السيدة كانت فى الثلاثينات من عمرها عندما رُزقت بطفل قدر له ان يعيش حياه مختلفة عن أقرانه، رفضت ان تستجيب لكلمات الاهل " المُحبطة" أو تنصاع لرغبتهم فى عدم انفاق أى أموال من أجل علاج ابنها وتحسين حالته " قالوا لى لماذا كل هذا المجهود والأموال وفرى وقتك وفلوسك وفقط اشترى له كرسى متحرك لأنه سيقضى بقية عمره قعيدا إلى ان يختاره الله".
وأضافت: "لم ألق بالا لكل هذا الكلام وأتمنى من كل أم تمر بنفس ظروفى ألا تيأس أو تنظر لطفلها على أنه ابتلاء او عقاب من الله لأنه بمنتهى البساطة قد يكون سببا دخولها الجنة".
ضربت عبير بكلمات أهلها والمحيطين بها حتى بعض الأطباء الذين يئسوا من حالة سيد وتوقعوا لها عدم التحسن، عرض الحائط وقررت أن تكون هى جيش ابنها الوحيد وسنده خاصة بعدما انفصل عنها زوجها بعد عام واحد من ولادة طفله حتى لا يتحمل مسؤوليته على حد قولها.
بدأت البحث عن أطباء المخ والأعصاب لبدء مشوار علاج سيد ، كان عمره وقتها 4 أشهر حيث قالت:"قررت التدخل فى سن مبكر بحثت عن أطباء مخ وأعصاب وواظبت على العلاج بدأت الحالة تتحسن تدريجيا وبدأ الوقوف فى سن 4 سنوات ثم المشى فى سن 6 سنوات وبعد تحسن الجانب الحركى جاء دور تحسين النطق والكلام ، فقدمت له فى أحد مراكز التخاطب ومن بعده التحق بإحدى مدارس ذوى الاحتياجات الخاصة.. كنت أذاكر له وكان اتفاقى مع القائمين على المدرسة أن يأتى فقط وقت الامتحانات على أن يواظب على الحضور فى مركز التخاطب وهذا ما حدث".
لم يتوقف عطاء الأم عبير التى كان اقتناعها بقوة ابنها وتحسنه يزداد يوما بعد يوم عند هذا الحد، بل إنها بحثت عن طرق اأخرى لتنمية مهاراته الرياضية فاشتركت له فى أحد الأندية وقدمت له فى فريق خاص بذوى الاحتياجات الخاصة وناقشت مع المدرب أفضل أنواع الرياضة التى يمكن أن يلعبها نجلها.
ووقع الاختيار على الجرى والسباحة وكانت المفاجأة انه حصل على بطولة الجمهورية فى كل منهما، وإلى جانب اهتمامها بالجانب التعليمى والرياضى قررت عبير التى تخرجت فى كلية التربية النوعية قسم تكنولوجيا المعلومات أن تدرس تخصص أصحاب القدرات الخاصة لتتمكن من التعامل مع ابنها "كان أمامى طفل لا أجيد التعامل معه طوال الوقت ينظر إلى السقف لا يتحرك او يتكلم ، أطرافه ممدوده طوال الوقت ولا يغلق عيناه كنت لا أفهم شيئا.. قررت القراءة والدراسة وبالفعل أنهيت الماجستير فى اضطرابات النطق والدكتوراه فى التوحد ".
وأضافت: "رحلتى كانت طويلة وقاسية عاشها معى سيد بكل تفاصيلها لم يحيا بشكل طبيعى كأى طفل فى سنه، كان يحضر معى فى الجامعة وأصطحبه فى كل مكان، كنت أخفيه من المحاضرين أسفل الديسك او أعطيه لعامل البوفيه لحين انتهاء اليوم الدراسي.. لم ينم عدد ساعات طبيعية كمن هم فى عمره ولكنى أحمد الله على كل شيء.. أشكره على المنحة والعطية وأشكره لأننى انتصرت لسيد الذى تحسن مستواه كثيرا وهو الآن يدرس فى الصف الثانى الثانوى.
وأضافت:"اكتشف مواهب جديدة فيه يوما بعد يوم سواء من حبه لبرامج الفوتوشوب او عزف الآلآت الموسيقية بخلاف حبه للسباحة التى حقق فيها انتصارات كبيرة وصلت لإحرازه المركز الثانى والثالث على مستوى الجمهورية والجرى وحلمه الآن أن يرى الفنان محمد رمضان ويمثل معه وأن تتبناه إحدى شركات الكمبيوتر للتدريب والتعليم.
وتابعت :"أخيرا أشكر كل من احبطنى يوما لأنهم كانوا سبب التحدى بداية من أهلى الذين رفضوا الإنفاق على سيد وصولا الى أول طبيبة رأته وهو ابن ثلاثة اشهر وقالت لى: "حاولى تتكيفى مع الواقع.. ابنك لن يمشى ولن يتكلم طوال حياته وحتى الآن أتجنب المرور فى الشارع الذى توجد فيه عيادتها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة