أكرم القصاص

ثمن العولمة.. الكم والكيف والفوضى المتوقعة من أفغانستان والعراق إلى باريس ولندن

الجمعة، 14 ديسمبر 2018 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما يجرى اليوم على ساحات السياسة هو نتيجة لأحداث وتفاعلات لوقائع جرت ربما قبل عشر سنوات، وربما عشرين عامًا، ولا يمكن فصل الأحداث والتفاعلات والمصادمات التى تشهدها أوروبا عما جرى خلال العقدين الأخيرين من غزو وحروب وصراعات فى الشرق الأوسط.
 
وقد ظلت نتائج الحرب العالمية الثانية تتفاعل، وبدأت الحرب الباردة بين المعسكرين السوفيتى والأمريكى، وانتهت ليبدأ الحديث عن نهاية التاريخ عند التجربة الرأسمالية الأمريكية، قبل أن تظهر العولمة واتفاقيات التجارة التى أسفرت عن واقع جديد يبدأ فى التشكل وما يزال يتفاعل، وبعد أن كانت الولايات المتحدة تدفع نحو حرية التجارة الدولية، ظهرت مقاومة تجاه المنافسة الصينية ولجأت إدارة الرئيس ترامب إلى فرض رسوم حماية ضد السلع الصينية والأوروبية.
 
وبينما جرى دخل الاتحاد السوفيتى لأفغانستان نهاية السبعينيات من القرن العشرين، لتكون خطوة تنهى الاتحاد السوفيتى والحرب الباردة لصالح أمريكا فى بداية التسعينيات، وفى نفس الوقت دعمت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة والمجاهدين ضد الاتحاد السوفيتى، لتدفع الثمن فى هجمات سبتمبر من تنظيم القاعدة الحليف السابق.. وتغزو أمريكا أفغانستان والعراق بعد سبتمبر 2001، ليظهر تنظيم داعش فى سوريا والعراق.
 
ولم يعد من السهل الفصل بين ماجرى فى الشرق الأوسط والربيع العربى والحروب الطائفية والعرقية، وانعكاساته على أوروبا فى انتفاضة السترات الصفراء بفرنسا ودول أوروبا، وهى تعكس أزمات الطبقات الوسطى اقتصاديًا واجتماعيًا، نتيجة لسياسات اقتصادية غير عادلة اجتاحت العالم، لصالح الشركات العابرة للجنسية. وكما أشرنا فقد توقع نقاد العولمة أن ينتهى النظام العالمى غير العادل إلى فراغات وفوضى تنتج اضطرابات فى العالم كله وليس فقط فى مناطق الصراعات الساخنة.
 
وقد أشار هرالد شومان وكريستيانة جريفة فى كتابهما «العد العكسى للعولمة عدالة أم تدمير الذات»، عام 2009، إلى السيناريوهات المتوقعة لتكرار الأزمة المالية العالمية لأن أسبابها لم تنته. فى أعقاب الأزمة المالية العالمية، بل أن هرالد شومان حذر مبكرًا فى عام 1996 مما أسماه «فخ العولمة» واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء دوليًا وداخليًا. ثم أكد فى «العد العكسى» أن السياسات الاقتصادية الكونية، والتى تقودها الدول الكبرى تدفع العالم إلى فوضى قد تكون مدمرة بشكل أكبر فى حال استمرار هذا السلوك الرأسمالى الأنانى الذى لا يراعى مصالح البشر بالقدر الذى يراعى فيه مصالح نخبة قليلة من الشركات الكبرى التى تحكم العالم.
 
وتسير هذه النظريات فى اتجاه آخر يظهر فيه سقوط الحواجز بين اليسار واليمين، لتظهر تحركات تحمل مواصفات تختلف عما كان فى السابق، وهو ما ظهر فى مظاهرات السترات الصفراء فى فرنسا وأوروبا، والتى حيرت بعضًا ممن يتجاهلون كونها انعكاسًا للعولمة، وفى نفس الوقت توظيفًا لمفردات العصر التى تجعل المقارنة والتشبيه بين مايجرى فى الغرب وما جرى فى الشرق واردًا.
 
وكل هذا يدعم نظريات الكم والكيف التى ترسم سيناريوهات اليوم فى فرنسا وبريطانيا وأوروبا، بناءً على تغيرات كمية تراكمت على مدى عقدين وربما أكثر مع توقعات بأزمات اقتصادية ربما تكون أقل أو أقوى مما كان قبل عشر سنوات. مثلما تبدو الروابط بين ما جرى فى أفغانستان والعراق وما يجرى فى اليمن، أو فرنسا وبريطانيا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة