موقفان صنعهما الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاحه لعدد من المشروعات مؤخرا، الأول خاص باختبار محافظ القاهرة اختبارا شفويا أمام الجميع، لنكتشف أن المحافظ لا يعرف موارد محافظته ولا عشوائياتها ولا المشروعات الأساسية فيها، وفى اعتقادى أنه لو أجرى الرئيس هذا الاختبار للكثير من المسؤولين وليس محافظ القاهرة فحسب فسيكون ردهم هو ذات الرد «معرفش»، وفى الحقيقية فإنى لا أعيب هنا على هذا المحافظ أو ذاك، أو ألوم هذا المسؤول أو هذا الوزير، فما حدث ليس أكثر من كشف لعقلية قديمة تستسلم للعادى والعابر وتنهمك فى القرارات اليومية الروتينية وتترك الأهداف المرجوة الكبرى من محافظتها أو وزارتها أو مصلحتها، وهذا للأسف أصبح منهجا عاما بين الوزراء والمسؤولين، الذين تربوا على السكون، وقدسوا الأقدمية فأنجزوا اللاشىء، وأصبحوا هم الوحيدين الباقين على قيد الخدمة العامة فتولوا أرفع المناصب لا لاستحقاقهم وإنما لعدم وجود غيرهم.
ثانى المواقف التى صنعها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلافا لما هو معتاد من الرؤساء والمسؤولين، هو حديثه عن سمنة المصريين، فقد أكد أن ربع المصريين فقط هم الذين يتمتعون بأوزان معتدلة، بينما يعيش ثلاثة أرباع المصريين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وفى الحقيقة فقد كان صادما لى شخصيا أن يتحدث الرئيس عن هذا الأمر لعدم اعتيادى عليه، وبعد أن ذهبت الصدمة استولى على الإعجاب برجل يعتمد على الإحصائيات الرسمية التى صنعها ويكتشف أسباب تدهور صحة الكثيرين ويضع الحل لهذه الأزمة بجعل مادة التربية الرياضية مادة أساسية لأطفالنا فى المدارس.
فى الموقفين أراد الرئيس أن يصنع المستقبل، أراد أن يبعث برسالة لكل مسؤول «كن مستعدا» كن عالما بمشكلات نطاق مسؤوليتك، كن متخيلا لعناصر نجاحك، كن مدركا لنقاط ضعفك، وأراد أن يبعث برسالة للأجيال الجديدة «نحن حريصون على مستقبلكم، نحن نريدكم أصحاء، نريدكم أقوياء، نريدكم أجمل» وهذا هو الفارق بين رجل يعيش يوما بيوم، لا يرى أبعد من أنفه، ورجل يدرك تحدياته ويشمر ساعده ليقهرها، وفى الموقفين اللذين يراهما البعض مختلفين رسالة بليغة، بأهمية أن تتخلص مصر من سمنتها القاتلة، سواء كانت سمنة فى الوزن الفعلى الذى يؤدى إلى أمراض القلب والضغط والسكر أو الوزن العقلى الذى يؤدى بنا إلى تولية مسؤولين مغيبين.