أحمد إبراهيم

حب زايد الخير لمصر.. شهادة للتاريخ

الأحد، 02 ديسمبر 2018 11:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يمر اليوم 100 عام على ميلاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو ما يوافق العيد الوطنى الـ47 لدولة الإمارات العربية، وجميعنا فى مصر نتذكر الأيادى البيضاء لزايد الخير، وحبه الجارف لمصر والمصريين، والذى تجلى فى كثير من المواقف.

ويكشف المفكر الإماراتى على محمد الشرفاء الحمادى عن حجم هذا الحب، مؤكدا أن الشيخ زايد كان يعتبر الدولة المصرية هى المظلة الوحيدة للعالم العربى، وقائدته للتقدم.

ويقول "الشرفاء"، الذى كان عمل مديرا لديوان رئيس دولة الإمارات فى التسعينيات: "أكتب شهادتى للتاريخ، حول رجل اقتربت منه وعرفته، وشهدت على إخلاصه وحبه وعشقه الوطنى لمصر، أتحدث عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وعن محطات مضيئة عشتها معه، تؤكد أنه يستحق عن جدارة لقب حكيم العرب، ولعل ذاكرتى تستدعى أنه أثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب فى الكويت عام ١٩٧٣ سألنى الشيخ زايد، ماذا كانت نتائج المؤتمر؟! فأجبته: قرروا تخفيض إنتاج البترول ٥% فقط، فاكفهر وجهه، وطلب منى أن أتصل بوزير البترول الإماراتى الدكتور مانع العتيبة، وقمت بتوصيله تليفونيا مع الوزير وسمعته يأمره بعقد مؤتمر صحفى فورا، يعلن فيه أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقطع البترول بالكامل عن الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية التى تساند إسرائيل، ثم قال مقولته الشهيرة: ليس النفط العربى بأغلى من الدم العربى، وبعد الإعلان عن هذا القرار توالت قرارات الدول العربية، وهنا أذكر أنه فى مؤتمر قمة دول الأوبك فى الجزائر عام ١٩٧٥ فى كلمة الافتتاحية، أشاد الرئيس بوميدين بموقف الشيخ زايد البطولى بقطع البترول، وكان ذلك بحضور الرؤساء والملوك".

 

وأضاف "الشرفاء" فى مؤتمر بغداد ١٩٧٦ – ١٩٧٧: "كانت تتم مناقشة موضوع اتفاقية كامب ديفيد، واقترح الشيخ زايد عدم اتخاذ أى إجراء ضد مصر وضد السادات إلا بعد اختيار ثلاثة من الرؤساء بالمؤتمر، للقيام بزيارة الرئيس السادات والاطلاع على قراره بشأن الاتفاقية، فإذا كانت فى صالح مصر والعرب، فنحن معه، وإن كانت عكس ذلك، فسوف يتم الحوار فى كيفية معالجة الموقف، واقترح أن يكون الرؤساء الذين يذهبون إلى السادات، هم، الملك حسين، والأمير فهد بن عبد العزيز، والشيخ زايد".

 

وأضاف: "ولأن هناك قوى داخل هذا المؤتمر كانت لا تريد لمصر أن تبقى فى الصدارة للعالم العربى، فقد تم تخصيص مستوى الوفد من الرؤساء وإلى درجة وزراء الخارجية، منهم وزير خارجية الإمارات أحمد خليفة السويدى وغيرهم، وحملوهم برسالة للرئيس السادات، وأثناء ذهابى إلى وزير خارجية الإمارات لتوصيله إلى المطار، كانت الإذاعات العربية تذيع نص الرسالة لإفشال المهمة، ولذلك عندما وصلوا إلى المطار بالقاهرة لم يجدوا أحدا فى استقبالهم، وقضى على المهمة قبل أن تبدأ".

 

وتابع: "ومن بين الشهادات التى يجب توثيقها أيضا، أن الشيخ زايد كان دائما يقول: إن مصر يجب ألا تتحمل المسئولية كاملة تجاه القضية الفلسطينية، لكن نحن ندعو إلى توحيد الصف الفلسطينى ونقف جميعا خلفه، فهو كان يعتبر مصر المظلة الوحيدة للعالم العربى، وهى التى تقود الأمة العربية نحو التطور والرقى".

 

رحم الله الشيخ زايد الذى ترك قبل وفاته وصية سار على دربها الأبناء والشعب الإماراتى، قائلا: "نهضة مصر نهضة للعرب كلهم.. وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائمًا إلى جانب مصر.. وهذه وصيتى، أكرّرها لهم أمامكم، بأن يكونوا دائمًا إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم.. إن مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقّف القلب فلن تُكتب للعرب الحياة".

 

قصة قيام دولة الإمارات العربية تدل على عبقرية الشيخ زايد، حيث التقى بالشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبى، وذلك فى ١٨ فبراير عام ١٩٦٨ واتفقا على إقامة دولة، ووجها دعوة لبقية الحكام للانضمام إليهما، وفِى اجتماع عقد خلال الفترة من ٢٥- ٢٧ فبراير ١٩٦٨ استجاب حكام إمارات أم القيوين والشارقة والفجيرة وعجمان فى اجتماع دبى الأول على الانضمام للوحدة، وفِى ١٨ يوليو عام ١٩٧١ والذى شهد اجتماع دبى الثانى تم التوقيع على اتفاقية قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وتضم أبوظبى ودبى وأم القيوين والشارقة والفجيرة وعجمان، وصدر الدستور المؤقت.

 

وفِى ٢ ديسمبر عام ١٩٧١ اجتمع حكام إمارات الست أبوظبى ودبى والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، وأقروا الدستور وتم إعلان قيام الاتحاد، وتم رفع علم الوحدة بقصر الضيافة فى دبى، وانتخب الشيخ زايد رئيسا للاتحاد والشيخ راشد نائبا له.

 

واستطاع زايد خلق ولاء للكيان الاتحادى عوضاً عن الولاء للقبيلة أو الإمارة، وترسيخ مفهوم الحقوق والواجبات لدى المواطن. عرف عنه حبه لعمل الخير، فخلال أربعة عقود أنفق الشيخ زايد مليارات الدولارات فى مساعدة ما لا يقل عن 40 دولة فقيرة. كما كان له دور كبير فى حل المشاكل العربية، حيث ساعد أيضاً كوسيط سلام بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) أثناء النزاعات الحدودية فى عام ١٩٨٠.

 

وخلال طفولته، تلقى الشيخ زايد مبادئ العلوم والمعارف على يد عالم دين والذى كان يسمى آنذاك "المطوع"، فحفظ القرآن الكريم وتعلم أصول الدين. وقد كان لنشأته فى مدينة العين ومحيطها الصحراوى القاسى أثراً واضحاً فى تكوين شخصيته؛ إذ كان يتسم بسعة الصدر ونفاذ البصيرة وطول البال والحكمة، ولذلك لقب بـ "حكيم العرب".

 

وتولى الشيخ زايد منصب ممثل الحاكم فى المنطقة الشرقية عام ١٩٤٦، حيث انخرط بشكل مباشر بالشئون الحكومية وبدأ يمارس تجربته فى الحكم من مدينة العين. وخلال عامين تحول إلى شخصية نافذة وقوية فى المنطقة تتميز بالحزم والإرادة والتصميم، كما برز كمستمع ومصلح ووسيط فى حل النزاعات، وهى الصفة التى لازمته طوال فترة حكمه، ليصبح لاحقاً خير من يساهم فى حل الخلافات إقليمياً وعربياً ودولياً.

 

وبعد نجاحه فى إطلاق عجلة تطوير مدينة العين فى الخمسينيات بالرغم من قلة الموارد، تولى الشيخ زايد حكم إمارة أبوظبى فى أغسطس عام ١٩٦٦، ووضعها على طريق النمو المستدام والتنمية حيث يضرب بها وبدولة الإمارات المثل اليوم فى المنطقة كلّها.

 

ويعود الفضل للشيخ زايد، رحمه الله، فى استغلال عائدات النفط التى كانت تتزايد سنوياً لدفع عجلة التنمية والتطوير، ليعود ذلك بالفائدة على جميع الناس الذين يعيشون فى ظل حكمه، بالإضافة إلى وضعه الهيكلية الحكومية الجديدة التى أرست دعائم الحكم فى الإمارة والدولة حتى يومنا هذا.

 

وقد أدرك المغفور له الشيخ زايد أنه من أجل تعزيز الانسجام الداخلى والتماسك والتلاحم الوطنى بين أبناء شعبه فإنه يحتاج فى البداية إلى نسج خيوط الثقة وبنائها من خلال التفاعل الشخصى مع كافة المواطنين. وقد عرف عنه قربه لشعبه وتمتعه باللقاءات والاجتماعات مع المجتمع المحلى. وكلف حكومته ببناء وتعزيز قدرات الدولة فى مجال الصحة والتعليم والعدالة والرعاية الاجتماعية، وتوفير الفرص لجميع مواطنى الدولة من أجل أن يكون لهم دوراً فعّالاً فى نجاح الأمة، حيث لا تزال هذه الفلسفة واضحة فى الدولة حتى اليوم.

 

ومن الناحية الاقتصادية نجح الشيخ زايد، رحمه الله، فى توظيف عائدات النفط فى بناء اقتصاد قوى ومتماسك مما وضع دولة الإمارات العربية المتحدة فى مصاف الدول المتطورة اقتصادياً فى المنطقة. وبفضل رؤيته الثاقبة، تحتل دولة الإمارات اليوم، المركز الثانى بين دول مجلس التعاون الخليجى، بعد السعودية، من حيث حجم الاقتصاد، والمركز الثالث فى منطقة الشرق الأوسط ككل، كما أصبحت تمثل بحسب كثير من التقارير الدولية المرموقة، أهم مركز مالى واقتصادى فى المنطقة. وقد ظهر أثر ذلك فى مستوى معيشة المواطنين.

 

وعلى المستوى الخارجى وضع الشيخ زايد، أسس سياسة خارجية متميزة تتسم بالحكمة والاعتدال، والتوازن، ومناصرة الحق والعدالة، وتغليب لغة الحوار والتفاهم فى معالجة كافة القضايا. وقد أكسبت هذه السياسة المتوازنة المستمرة، إلى يومنا هذا، دولة الإمارات العربية المتحدة احتراماً واسعاً على المستويين الإقليمى والدولى. كما حظى الشيخ زايد، رحمه الله، بمكانة رفيعة المستوى عند جميع القادة العرب، وهذا ما مكنه من القيام بدور الوسيط بينهم فى أكثر من مناسبة، كما كانت مواقفه المشرفة والأصيلة حاضرة فى كل مناسبة.

 

أما على صعيد العمل الإنسانى فقد أكسب الدولة سمعة دولية فى العمل الإنسانى والخيرى من خلال دعمه عدد من القضايا الإنسانية فى جميع أنحاء العالم، وهو النهج الذى لا يزال قادة الدولة يسيرون عليه حتى يومنا هذا.

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة