سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 ديسمبر 2002.. دفن الفنانة سناء جميل دون أن يظهر أحد من أهلها بعد انتظار ثلاثة أيام من وفاتها

السبت، 22 ديسمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 ديسمبر 2002.. دفن الفنانة سناء جميل دون أن يظهر أحد من أهلها بعد انتظار ثلاثة أيام من وفاتها سناء جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماتت الفنانة سناء جميل يوم 19 ديسمبر 2002، فنعاها زوجها الكاتب الصحفى لويس جريس بطريقة غير السائد والمتداول فى مثل هذه المناسبات.. كتب «التقينا عام 1960، وتزوجنا عام 1961، واحتفلنا فى يوليو الماضى بعيد زواجنا الحادى والأربعين.. وسناء جميل التى رحلت عن دنيانا جسديا هى قريبة ونسيبة جموع الفنانين فى العالم العربى.. الفن فى حياتها محراب مقدس، ورسالة تدقق فيها بشدة، حياتها الفنية تشهد بذلك، وسوف يصلى على جثمان الفقيدة فى الكنيسة البطرسية فى العباسية».
 
كتب «لويس» النعى بهذه الطريقة وفاء للزوجة التى أحبها: «لم تكن مجرد زوجة رائعة، ولكنها كانت الأم والأخت والصديقة».. وأحبته منذ لقائهما فى حفل توديع صحفية سودانية أنهت تدريبها فى روزاليوسف عام 1960، وبالرغم من أنها ظلت تخطئ فى اسمه طوال الحفل بأن تناديه: «يوسف» فيصحح لها: «لويس»، لكنها أعطته رقم تليفونها وقالت له: «هتتصل بى بكرة وهنتقابل».. وكانت المقابلة التى تكررت حتى تم زواجهما.
 
بقيت جثة سناء فى المستشفى ثلاثة أيام على أمل أن يقرأ أحد من أهلها نعيه فيحضر للمشاركة فى جنازتها، فتتحقق أمنية فى موتها لم تحققها فى حياتها، لكن بعد ثلاثة أيام من الانتظار دون تحقيق المراد، قرر الزوج دفنها يوم 22 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 2002، وكان ذلك ختاما لقصة سناء بما فيها من دراما إنسانية تكفى للوجع، لكنها تؤكد على قورة إرداتها.
 
كانت كزهرة الصبار طبقا للدكتور حسن عطية الأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية فى كتابه «زهرة صبار قمرية»، الصادر عن «صندوق التنمية الثقافية» بمناسبة تكريمها فى المهرجان القومى الرابع للسينما المصرية.. تقول فى مطلع الكتاب: «حياتى الصعبة المليئة بالأشواك وصبرى الطويل، وقدرتى على تحمل كل هذه الظروف الشاقة تجعلنى مثيلة لزهرة الصبار.. فنحن رفيقتا مسير ومصير واحد فى الصبر والتحمل، ومواجهة الشدائد والمصاعب».
 
تكفى قصتها مع أهلها للتأكيد على أشواك الحياة التى جرحتها.. هى «ثريا يوسف عطالله» المولودة فى «ملوى» بمحافظة المنيا بصعيد مصر يوم 24 إبريل 1930، وحسب الفيلم التسجيلى «حكاية سناء» الذى أنتجه زوجها «لويس» وفاء لها، إخراج «روجينا باسالى»، يذكر «جريس»: «مع بلوغها سن التاسعة، وبعد قدوم والديها إلى القاهرة، اصطحباها إلى «الميرددبية» وهى مدرسة فرنسية داخلية، ودفعا لها المصاريف حتى مرحلة الثانوى، ثم اختفيا، لا يعلم أحد إن ماتا أو هاجرا، وظلت فى عزلتها الدراسية، حتى اهتدت لخالة لها تسكن بالقرب من مدرستها، وعاشت بصحبتها بعد أن أنهت تعليمها الثانوى، والتقت عندها بأخيها الأكبر، ولحبها التمثيل رغبت فى الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، لكنها واجهت رفضا، انتهى بطردها من المنزل بعد أن صفعها أخوها صفعة أدت إلى فقدان إحدى أذنيها للسمع».. «أحمد شوقى عقل، المدن، موقع إلكترونى».
 
خرجت إلى الشارع، وبقى هذا الحدث الأكثر ألما فى حياتها، ووفقا لجريدة «الجريدة الكويتية» فى حلقاتها «زهرة الصبار- ملكة الإحساس سناء جميل» لأميرة إيهاب: «لم تستطع رغم كل ماحققته من نجاح وتميز نسيان ماحدث، وفداحة الثمن الذى دفعته، لاتتمالك دموعها إذا ما استعادت تلك اللحظات البائسة، فكانت دوما تشعر بالخوف وكأن شبحا يطاردها وينثر القلق فى داخلها، وهو ما اعترفت به فى حوار تليفزيونى سجله معها مفيد فوزى، أكدت خلاله، أن شبح الخوف ولد معها يوم خرجت طريدة فى عز الليل».
 
محنة طردها تزامن، مع محنة كانت مصر تعيشها وهى حريق القاهرة يوم 26 يناير 1952، حسب تأكيد لويس جريس لمنى منصور فى مجلة «صباح الخير- 5 يناير 2016»: «خرجت يوم حريق القاهرة 26 يناير 1952..كانت تشعر بالخوف مما هو قادم من رحم الغيب، وهداها تفكيرها إلى اللجوء للفنان الكبير زكى طليمات الذى وفر لها إقامة فى بيت للموظفات والطالبات المغتربات، وعندما تم تعيينها وأصبحت تمتلك دخلا 12 جنيها بحثت عن شقة فى شارع عبدالعزيز للإقامة فيها».
 
اختار لها «طليمات» اسمها الجديد «سناء جميل»، وضمها إلى فرقة المسرح الحديث التى أسسها من طلابه فى معهد الفنون المسرحية فى خمسينيات القرن الماضى، وانطلقت تقاوم تخلى الأهل الذين هم صلبها ودمها، إلى تكوين أهل جدد عبر فنها، فحصلت عليه وساما للعلوم من الرئيس عبدالناصر عام 1969، ووساما للفنون من الرئيس السادات عام 1976، واشتمل وفقا لحسن عطية على، ثلاثين مسرحية، وعشرين فيلما، ثلاثة أفلام منها فى قائمة «المائة الأفضل» فى تاريخ السينما المصرية وهى «بداية ونهاية» السابع فى الترتيب، و«الزوجة الثانية» الـ16، و«المستحيل» الـ62.. ومسلسلات أبرزها «الراية البيضا» لأسامة أنور عكاشة، ودورها العلامة فيه «فضة المعداوى».. يشهد «عكاشة»: «ما منحته سناء للشخصية من حياة وروح فاق كل توقعاتى وتصوراتى، وأنا أنسج خيوطها على الورق، فهى أضفت عليها تألقها الخاص»، وتقول هى: «كنت كلما شاهدت فضة المعداوى على الشاشة أتعجب من بعض حركاتها أو طريقة مشيتها وكلامها، وأسأل نفسى كيف استطعت تجسيدها على هذا النحو».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة