سالم الكتبى

عام التسامح.. الإمارات وقوتها الناعمة

السبت، 22 ديسمبر 2018 04:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من يقرأ توجهات القيادة الرشيدة فى دولة الإمارات يستنتج أن هناك رؤية استراتيجية واعية تنفذ عاماً بعد آخر، وفق نهج مدروس فى مختلف المجالات، فبعد عام الخير، وعام زايد، أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله، تخصيص 2019 ليكون عاماً للتسامح فى الإمارات، فى خطوة تستهدف بالدرجة الأولى مأسسة وحوكمة هذه القيمة الإنسانية الراقية، وتسخير كل الجهود الإماراتية لنشرها فى العالم، ولفت أنظار الجميع إلى أهمية هذه القيمة الإنسانية الفريدة، وما يمكن أن تحققه من أمن واستقرار فى حال اهتم بها الجميع كما تهتم بها الامارات وتسعى إلى تكريسها ونشرها.
 
ليس هناك منطقة فى العالم أحوج إلى التسامح أكثر من منطقتنا الشرق أوسطية، حيث يتفشى التطرف والعنف والتشدد والإرهاب، وحيث اشتعلت الفتن بين الطوائف والمذاهب بسبب دعم بعض الدول الإقليمية لهذه الفتن وتمويلها لتنظيمات الإرهاب وتشجيع قادتها ورموزها على التوسع فى نشر الفكر الإرهابى المتطرف، وإيواء بعض قادة هذه التنظيمات وتوفير منصات إعلامية لها، وتمويل منصات لبعضها الآخر فى دول أخرى!
 
العالم أيضاً بحاجة إلى الاهتمام بالتسامح من أجل التصدى للعنف والتطرف فى كثير من دوله ومناطقه، فهناك عنف متباين الأسباب وهناك انحسار للأمن الاجتماعى والتعايش وهناك تمدد للفكر الإقصائى والعداء للأجانب والتحريض ضد الآخر، وانتشار للعنصرية وفوبيا الأجانب والعداء للأديان وأتباعها.
 
فى ضوء ما سبق كله، تبدو المبادرة الإماراتية الرائعة خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف للإمارات والعالم معاً، فالإمارات تسعى على ترسيخ مكانتها كعاصمة عالمية للتسامح، بعد أن نالت لقب العاصمة العالمية للإنسانية، وترسخ دورها كأكبر دولة فى مجال تقديم المساعدات الإنسانية نسبة إلى ناتجها المحلى الإجمالى، كما تسعى أيضاً إلى مأسسة التسامح واستدامته عبر منظومات عمل متكاملة وتشريعات تكرس هذه القيمة الإنسانية فى المجتمعات، فضلاً عن نشر المبادرات والسياسات الإماراتية التى باتت نموذجاً عالمياً يحتذى، كون الإمارات نجحت فى بناء حالة استثنائية فريدة من التعايش الإنسانى فى ظل وجود عمالة وافدة تنتمى إلى أكثر من مائتى جنسية يشاركون فى العمل والبناء ودفع مسيرة التنمية والتطور فى دولة الإمارات.
 
التسامح ليس فكرة عابرة فى الإمارات، ومن عاش، بل من قام بزيارة عابرة إلى الامارات يستطيع ان يستنتج بسهولة أن التسامح هو نبت هذه الأرض الطيبة، فهو غرس القائد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فهو من قال "إن الواجب يحتم على أهل العلم أن يبينوا للناس جوهر الإسلام ورسالته العظيمة بأسلوب يليق بسماحة الدين الحنيف، الذى يحث على الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى يستجيب الناس ويواجهوا الإرهاب باسم الدين والقتل باسم الدين".
 
التسامح قيمة أساسية من بين منظومة قيم ومبادئ غرسها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فى قلوب شعب الإمارات، ومن ثم فإن عام التسامح هو امتداد طبيعى لعام زايد، والعلاقة بينهما كعلاقة الفرع بالأصل، وتدرك القيادة الرشيدة أن التسامح قيمة مهمة لبناء المجتمعات واستقرار الدول وسعادة الشعوب، ومن ثم فإن مبادرة عام التسامح تنطلق بشكل مؤسسى وفق خمسة محاور أولها تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب فى المجتمع من خلال التركيز على قيم التسامح لدى الأجيال الجديدة، وثانيها ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى فى هذا الإطار منها المساهمات البحثية والدراسات الاجتماعية والثقافية المتخصصة فى مجال التسامح وحوار الثقافات والحضارات، وثالثها التسامح الثقافى من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة، ورابعها طرح تشريعات وسياسات تهدف إلى مأسسة قيم التسامح الثقافى والدينى والاجتماعى، وأخيرا تعزيز خطاب التسامح وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة.
 
النموذج الاماراتى فى التسامح يقوم على ركائز موجودة بالفعل، فهناك بالإضافة إلى الجنسيات المتعددة التى تنعم بكامل حقوقها على أرض الامارات، هناك نحو 40 كنيسة ومعبداً هندوسياً، وهناك تشريع قانونى غير مسبوق هو قانون د مكافحة التمييز والكراهية والذى يقضى بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير، ويحظر هذا القانون المهم ويجرم كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أو المواقع الإلكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أية وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أو الكتابة أو الرسم.
 
هى إذا مبادرة متكاملة، والحصاد سيكون لمصلحة العالم أجمع من خلال بناء جسر تواصل وتلاقى بين الشعوب، وليس هناك أكثر من ثقافة التسامح كجسر يرتكز على الاحترام المتبادل وقبول الآخر ونبذ العنصرية والتطرف والتحريض والحقد والكراهية.
 
نودع عام زايد، وتبقى قيمه ومبادئه، ونستقبل عام التسامح لنؤكد للعالم أن هذه القيم والمبادئ راسخة متجذرة فهى إرث القائد المؤسس الذى يجرى فى شرايين شعب الإمارات، ويبقى زايد ملهمنا وملهم العالم لمزيد من السلام والأمن والاستقرار.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة