ذهبت أنا وأبى فى يوم الاختيار إلى محل. أبى ليس طويلا وأنا لست أحسن حالا منه، ولهذا كانوا يسموننى فى المدرسة الأجر الأدنى، وهو شىء كان موجودا من قبل، ولكنه نفد للأسف، لأنه كان، كما يقولون، عقبة أمام تحقيق التنافس.
كان المحل يعج بشعراء، من كل الأصناف، قصار، طوال، شقر، بنظارات «وهم الأغلى» علما أن الجزء الأكبر منهم، اثنين وسبعين فى المائة، كانوا صلعا وثمانية وسبعين فى المائة كانوا ملتحين.
أعجبنى واحد كان أخنف وأحدب قليلا ولكن له انحناءة ممدودة. يرتدى سترة مزروعة، خمسة وسبعين فى المائة القماش، وباقى الخمسة والعشرين فى المائة من النيلون، وسروالا بنيا، بانتون سبعمائة واثنين وثلاثين. وحذاء جلديا مهترئا، ويمسك بكتاب تحت ذراعه، ليس لملابسه رعاية من أية ماركة.
صافح أبى البائع باللباقة المعهودة فى هذه المناسبات، هناك دائما جدية وقدسية كبيرتان فى لحظة بدء تجارة ما:
ما هى الأرقام المناسبة له؟
نمو وازدهار، أجاب البائع.
أشار أبى إلى الشاعر الأخنف، الذى لا توجد أسماء ماركات راعية على ملابسه، وسأله إن كانت تلك النسخة مخربة؟ وهى الخاصية الأكثر شيوعا بين الشعراء وتضاهى العنف لدى الكلاب.
أجاب صاحب المحل:
أقل من اثنين فى المائة. من الضرورى دائما أن يكون لديهم قليل من التخريب وإلا فإن القيمة الشعرية لديهم تنزل كثيرا ولا تحقق أرباحا، لا أحد يشتريهم، فينتهى بهم الأمر إلى راقصين أو هامسترز.
وماذا يأكل؟
أى شىء، ليسوا متطلوبين كثيرا، فى أغلب الأحيان، وبعد مرورهم بثلاث حالات خاصة بهم أو أربع حالات فى الأسبوع، يصلون إلى درجة نسيان الأكل تماما، بعضهم يغادر الطعام عن المنتصف ويهيم من دون وجهة، يحدث لهم ذلك كثيرا عند غروب الشمس أو ظهور القمر أو الضباب. وهذا سلوك معهود وتقليدى لديهم. لا تستغربوا إن رأيتموهم واقفين لمدة طويلة وكأنهم يقومون بحسابات ما، لا ليسوا كذلك، فهم أبسط من أن يقدروا على عملية حسابية بسيطة. تلك الوقفات هى بالضبط اللحظات التى يبدأون فيها بخلق القصائد فى أذهانهم. إنها عملية باهرة. لن تندموا إن اشتريتم شاعرا. هذا علاوة على أنهم أكثر نظافة من الرسامين.
سمعت بذلك.
فقلت متدخلا بينهما:
هل هناك شىء آخر علينا معرفته بخصوص صيانة واحدة من هذه النسخ؟
لترفيهه، اشتر له دفترا بأوراق بيضاء وأقلام. يمكن أيضا أن تشترى له كتبا. لدينا كل الماركات.
هذا جزء من رواية «هيا نشترى شاعرا» للكاتب البرتغالى «أفونسو كروش» فى روايته القصيرة الصادرة عن دار مسكيليانى ترجمة عبدالجليل العربى.