مع كل أزمة أو مشكلة تظهر، نكتشف غياب المعلومات حول الموضوع، وتضاربها، ويبدو السؤال: هل يمكننا إدارة قضية مثل التعليم والعلاج والمستشفيات والاقتصاد من دون امتلاك معلومات وبيانات حول هذه القضايا؟. وهل نعرف عدد مركبات التوك توك فى مصر ونحن بصدد تصريحات عن تنظيم عملها وتقنين تراخيصها؟ وهل يفترض أن يعرف المحافظ دخل المحافظة التى يحكمها وموازنتها، وما الذى يجب أن يعلمه مسؤول عن إنتاج زراعى يتعلق بمنتجات وسلع أساسية مثل الأرز والزيت والسكر والبطاطس، والطماطم؟، ولماذا نعانى من نقص المعلومات فى عصر المعلومات، ولدينا كل هذا العدد من مراكز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، يمكن أن تقدم خرائط للأحياء والشياخات والقرى، والأرقام الخاصة بالدخل والدين والاحتياجات.
قلنا إن الأمر لا يتعلق بواقعة محافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال، وإنما بسياق عام تفتقد الإدارة فى عموم مصر، وبالرغم من أن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يعمل بشكل مستمر ويقدم أرقاما ومعلومات عن كل تفاصيل الحياة فى مصر اجتماعيا واقتصاديا، فإن حجم الاستفادة من هذه الأرقام يكاد يكون منعدما.
ليس صعبا على المسؤول أن يعرف بدقة المعلومات والبيانات الضرورية حول مهمته، وليست المعلومات فقط هى التى يجب أن يعرفها الوزير أو المحافظ فى أى مجال، بل كيفية توظيف هذه المعلومات، وهناك قاعدة أنه لا يمكن إدارة أمر يصعب عده وحسابه، فإذا أردنا تنظيم الإدارة والموظفين فى مصر، يبدو هذا صعبا من دون التعرف على أعدادهم ومهام كل منهم والمجالات التى تعانى من زيادة فى عدد الموظفين، وتلك التى تعانى من نقص، حيث يمكن بإعادة توزيع المهام ضبط العمل الإدارى.
توقف البعض فقط عند واقعة اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، عندما تردد فى إجابة بعض الأسئلة التى وجهها له الرئيس حول صندوق العشوائيات، أو دخل محافظ القاهرة، البعض دافع عن المحافظ وقال إنه ليس بالضرورة أن يعرف كل هذا المهم أن يدير، لكن هؤلاء لم يقدموا دليلا على أن الإدارة جيدة أو أن أحياء القاهرة مغطاة بالخدمات ومشمولة باهتمام المحافظ ورؤساء الأحياء.
الظاهرة أننا بالفعل نعانى من مشكلات فى المحليات والأحياء والإشغالات وغيرها، ولا يوجد حصر للمخالفات، يمكن للمحافظ ومساعديه أن يديروا هذه المشكلات، ولا يقتصر الأمر على محافظ القاهرة، بل يمتد إلى الغربية والإسكندرية وغيرها.
ضربنا مثلا بالتوك توك ليس لدى أى جهة حصر شامل بأعداد التوك توك فى أنحاء البلاد.
وبعد أسبوع من واقعة محافظ القاهرة وعجزه عن الإجابة حول حجم إيرادات محافظة القاهرة باغت الرئيس مسؤولة الصوب الزراعية بالعاشر من رمضان بسؤال عن حجم استهلاك مصر من الطماطم فى العام الواحد، وفشلت المسؤولة فى الرد، وهنا يطرح السؤال هل من الضرورى أن يعرف من يديرون الزراعة حجم إنتاج مصر واستهلاكها من الطماطم والبطاطس، وكيف ومعنى يكون الإنتاج فائضا ومتى يكون غير كاف، هذه المعلومات توفر لمتخذ القرار تفاصيل مهمة، خاصة أن هناك مواسم وأوقات ورأينا أثناء أزمة البطاطس قبل أسابيع، بسبب فرق العراوى الزراعية، يفترض أن يعرف المسؤول إنتاج مصر من الفول والأرز وحجم الاستهلاك، وقبل سنوات كانت أزمة أنابيب البوتاجاز تظهر فى الشتاء وتتكرر فى مواعيد محددة ولما انتبهنا لها نجحنا فى علاج الفجوة.
القضية لا تتعلق فقط بمحافظ القاهرة، ولكنها ظاهرة تشير إلى أن بعض المسؤولين يتم اختيارهم من دون أن يكون لدى أى منهم معلومات حول القطاع الذى يديره.
والأهم من المعلومات هو أن يكون لدى المسؤول المبادرة، وألا ينتظر التعليمات وهذا أمر يتعلق بالحكومة وليس بالفرد، حيث يفترض أن تكون معلومات مراكز المعلومات، متاحة للمسؤولين والمواطنين بسهولة حتى يمكن أن تكون هناك مناقشات على مستوى المسؤولية، وليس مجرد تسديد خانات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة