أحمد إبراهيم الشريف

عندما شرب الثور ثم قال الحمد لله

الإثنين، 03 ديسمبر 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تاريخ العرب حافل بالحكايات والقصص التى تكشف طريقة تفكيرهم ومعالجتهم للأزمات والمشكلات، معظم هذه الحكايات غرائبية ومتخيلة ولها أغراض تدميرية للعقل والروح، لكن الكتب وثقتها وتعاملت معها بكونها حقيقية أو شبه حقيقية، ومن ذلك أننى كنت أنظر فى كتاب النجوم الزاهرة فى نجوم مصر والقاهرة لابن تغرى بردى، وبالتحديد فى الجزء الثامن، فوجدته يحكى عن مجاعة وقعت فى مصر سنة 695 هجرية عندما كان يحكمها الملك «كتبغا».
 
ويقول الكتاب الشهير، إن المصريين عانوا من الغلاء حتى إن إردب القمح تضاعف سعره أكثر من ست مرات، وأكل الناس الميتة والكلاب، ومع ذلك يحكى قصة غريبة نقلا عن شخص اسمه الشيخ قطب الدين البونينى يقول فيها: «إنه فى العشر الأول من المحرم حكى جماعة كثيرة من أهل دمشق، واستفاض ذلك فى دمشق، وكثر الحديث فيه عن قاضى «جبة أعسال»، وهى قرية من قرى دمشق أنه تكلم «ثور» بقرية من قرى «جبة أعسال» وملخصها، أن «الثور» خرج مع صبى يشرب ماء من هناك فلما فرغ «حمد الله تعالى»، فتعجب الصبى، وحكى لسيده مالك الثور، فشك فى قوله، وحضر فى اليوم الثانى بنفسه، فلما شرب «الثور» حمد الله تعالى، ثم فى اليوم الثالث حضر جماعة وسمعوه يحمد الله تعالى، فكلمه بعضهم فقال «الثور»: «إن الله كان كتب على الأمة سبع سنين جدبًا، ولكن بشفاعة النبى، صلى الله عليه وسلم، أبدلها بالخصب، وذكر أن النبى، صلى الله عليه وسلم، أمره بتبليغ ذلك، وقال «الثور»: يا رسول الله ما علامة صدقى عندهم؟ قال أن تموت عقب الإخبار، قال الحاكى: ثم تقدم الثور على مكان عالٍ فسقط ميتًا، فأخذ الناس من شعره للتبرك وكفن ودفن.. انتهى.
 
انتهت الحكاية، وربما لو أكمل الكتاب لأفاد بأن الناس بعدما دفنوا «الثور» بنوا له مقاما وصاروا يحجون إليه ويتبركون به ويدعونه للشفاعة لهم عند الله سبحانه وتعالى.
 
ما نريد قوله هو أن التاريخ العربى ممتلئ بمثل هذه القصص الخرافية التى لا تحترم العقل ولا المنطق، كما أنها تفيد من زاوية أخرى أن العرب عاشوا فى دور الطفولة العقلية كثيرا، لأن أمثال هذه الحكايات تأتى فى مرحلة من العقلية الإنسانية، وسريعا ما تتجاوزها، لكن يبدو أننا استرحنا كثيرا فى هذه المرحلة التى تخرج بنا من دائرة المسؤولية دافعة بنا إلى الاستسلام وانتظار «ثور» يطمئننا بالمستقبل. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة