فى أكتوبر عام 2017 أى منذ أكثر من عام وشهرين بالتمام والكمال، زار الرئيس عبدالفتاح السيسى، فرنسا والتقى نظيره الرئيس إيمانويل ماكرون، فى قصر الإليزيه بباريس، وبحثا التعاون المشترك وملفات الإرهاب والتسوية السياسية بليبيا وسوريا.
وعقب اللقاء، عقد الزعيمان مؤتمرا صحفيا، كان اللافت فيه، سؤال لأحد الصحفيين الفرنسيين موجه للرئيس السيسى، حول ما تبقى من الربيع العربى فى مصر، وهنا أجاب السيسى على السؤال، بسؤال، قائلا: وهل كان ذلك فعلا «ربيعا»، وعما إذا كانت اليمن وسوريا والعراق تراه كذلك؟!
ثم حذر السيسى من أيديولوجية جماعة «الإخوان» الإرهابية ومن استخدامها للسياسة بهدف الاستيلاء على السلطة، موضحا أن الجماعات الإرهابية كلها باختلاف مسمياتها، مثل «حسم، القاعدة، داعش، بوكو حرام» وغيرها، تنتهج نفس الفكر القاتل وتسعى لتدمير ليس فقط العالم العربى بل العالم بأسره.
كما أطلق الرئيس وأكثر من مرة من فوق منبر الأمم المتحدة تحذيراته من «الفوضى الخلاقة» التى ستجتاح أوروبا، وقال نصاً: «على أوروبا أن تنتبه أن الإرهاب سيمتد إليها قريباً جدا».
تحذيرات الرئيس عبدالفتاح السيسى، قائمة على رؤية كونه رجل مخابرات بالدرجة الأولى، فيمتلك المعلومة، بجانب الخبرة المصرية فى مكافحة الإرهاب الأسود، منذ أن تأسست جماعة الإخوان الإرهابية عام 1928 وحتى الآن، وما من عهد إلا ولها بصمة فى إثارة الفوضى، وتدشين العمليات الإرهابية، واغتيال الرموز الوطنية، والأهم، الارتماء فى أحضان كل الدول والكيانات والجهات المعادية للوطن..!!
بجانب عشرات التحذيرات، منذ ثورة 30 يونيو 2013، وحالة الدعم الأمريكى والأوروبى المطلق للعمليات الفوضوية التى تبنتها جماعة الإخوان الإرهابية، وحلفائها، فى مصر، وكانت كل التحذيرات تصب فى أن لا يوجد شعب بمنأى من أن تطوله نيران الإرهاب، والفوضى، إلا أن أمريكا وأوروبا أعلت من شأن مصالحها، وتعاملت بشكل براجماتى نفعى بحت، معتبرة أن الأورام السرطانية الإرهابية، ملتصقة فقط بالجسد العربى، وأن أجسادهم صحية لن يتسلل لها الأورام الإرهابية السرطانية.
وبما أن الإرهاب الأسود لا وطن له، ولا قيم تحكمه، فإنه تسلل إلى قلب أوروبا، عاصمة النور، باريس، وبدأ ينال بقوة وعنف من أمنها واستقرارها، ووجدنا سيناريو ما كان يحدث فى مصر على سبيل المثال، من حرق متاحف وسلب ونهب المحلات التجارية، واقتحام البنوك، وأقسام الشرطة، وإشعال الحرائق، وتكسير وتحطيم المنشآت العامة، ومهاجمة الشرطة، يطبق كل أنحاء بلاد النور.
ثم سرعان ما تسللت شرارة نيران الإرهاب إلى خارج فرنسا، لتصل إلى بلجيكا ومن بعدها هولندا، وفى الطريق ألمانيا ثم إيطاليا، لتتسع وتطول كل أوروبا..!!
نحن لا نتشفى، ولكن مصر، التى صدرت منذ فجر التاريخ، العلم والنور للعالم، وعلمته القيم الأخلاقية، وتوصلت إلى الضمير الإنسانى قبل هبوط الرسالات السماوية بما لا يقل عن 2000 عام، هى أيضا التى حذرت وبح صوتها من إطلاق صيحات التحذير من خطورة الإرهاب الأسود، وطالبت كل الدول التى تساند هذا الإرهاب، أن تدينه، وتلفظه، وتحاربه، وإن لم تفعل، فإنه سيأتى يوم وينقلب عليها الإرهاب، ويضرب قلبها، وينال من أمنها واستقرارها، وهو ما حدث..!!
نحن لا نتشفى، ولكن نشاهد عظمة انتقام السماء من الذين ساندوا ودعموا الفوضى والخراب والدمار فى بلادنا، وأعطوا لأنفسهم الحق فى التدخل فى شؤوننا، بإزاحة الأنظمة، والدفع بأنظمة موالية لهم، واعتبار أن الحراك الفوضوى التخريبى المدمر لأوطاننا «ربيع مزدهر» ويجب على الأنظمة والمؤسسات الخضوع له، بينما عندما تسللت لهم هذا الحراك الفوضوى، وجدنا التعامل معه بتناقض مخيف، واعتباره تخريبا وتدميرا، وسمعنا مصطلحات من عينة أن الشارع لا يدير الدول، وأن المؤسسات تعى وتعرف ولديها تقديراتها السياسية، وأطلقت يد الشرطة ورجال الأمن لسحل واعتقال المتظاهرين..!!
لم نجد وسائل الإعلام الفرنسية، تبث المظاهرات على الهواء مباشرة، ولم نجد قناة الـ«CNN» تبث مباشرة، ولا الجزيرة الحقيرة تتحدث عن الربيع الأوروبى، وتخصص قناة باسم «الجزيرة مباشر فرنسا» مثلما فعلت فى تدشين قناة حقيرة «الجزيرة مباشر مصر» للمساعدة والعون على نشر الفوضى والتخريب بوطننا، ولم نجد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، من عينة «هيومان رايتس ووتش» و«العفو الدولية» وغيرها من المنظمات الحقيرة، تعد تقارير إدانة عنف الشرطة الفرنسية مع المتظاهرين «الكيوت» وتندد أيما تنديد بمقتل متظاهر، ولم نسمع برلمانات أوروبا تنتفض، والبيت الأبيض، والخارجية الأمريكية، تخرج لتطالب ماكرون بضرورة تلبية مطالب المتظاهرين، واعتبار أن الشباب الفرنسى، ثائر وطاهر ونقى..!!
لم نجد «سيرك» سياسيا منصوبا للمظاهرات التخريبية الفرنسية، ونحن كمصريين لدينا قناعة تامة بأن ما يحدث فى فرنسا تخريب وتدمير وفوضى، وأن ما كان يحدث فى مصر إبان سرطان 25 يناير 2011 يتكرر فى فرنسا، من حرق وتخريب وسرقة واقتحام السجون وتدمير المتاحف وظهور القناصة أعلى البنايات، والتعدى على رجال الشرطة، وتشويه الرموز، والتسفيه من الرئيس، لكن نتعجب من أمرين:
الأول: وصف المظاهرات بالمخربة والمدمرة للدولة الفرنسية، وهذه حقيقة مؤكدة، لكن التناول فيه الكيل بعدة مكاييل، فالمظاهرات فى مصر وسوريا وليبيا، نقية ومطالب شرعية، بينما نفس المظاهرات فى أمريكا وفرنسا وبلجيكا، مخربة..!!
الثانى: قناة الجزيرة لم تتناول الأحداث الفرنسية، ولم تعتبرها ربيعا أوروبيا، ما يؤكد أن قطر يهمها بالدرجة الأولى إسقاط مصر فى الفوضى، وليس الهدف دعم حراك ديمقراطى يدفع ببلادنا للتقدم والازدهار، وإنما بهدف إسقاط مصر من فوق الخريطة الجغرافية لتندثر اندثار الديناصورات..!!
مصر ستبقى دولة كبيرة، مستقرة، آمنة، وأن السماء ترسل لنا رسائلها العظيمة، وتقول لنا، شاهدوا بأنفسكم، كل من ساند ودعم الخراب فى بلادكم، يدفعون الثمن الآن، ويذوقون من نفس الكأس، وأن تحذيراتكم، ونصائحكم، كانت الحق، شوفوا ما يحدث لقطر وتركيا وإيران وأمريكا وفرنسا وبلجيكا وفى الطريق ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا..!!
ولك الله.. ثم جيش قوى.. وشعب صبور يا مصر..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة