فى البداية سوف تضحك عندما تقرأ أن مباحث الأموال العامة بغرب الدلتا تلقت بلاغاً من أحد المواطنين، مقيم مينا البصل بالإسكندرية، باستغلال «وائل.م» 40 سنة، مسؤول بحى غرب الإسكندرية، ومقيم مينا البصل موقعه الوظيفى فى الرقابة، وإجراء المعاينات اللازمة للمدافن والمقابر وفحص طلبات المتقدمين للعمل بوظيفة «مساعد تربى، وتربى»، وتزكيتهم، والاتفاق معه على تقاضى مائة وخمسين ألف جنيه، على سبيل الرشوة لإنهاء إجراءات تعيينه فى تلك الوظيفة.
بعد ذلك سوف تتعجب أن هناك موظفين بهذا الجبروت، يفسدون فى الأرض بهذه الطريقة، يستغلون كل شىء حتى حاجة الناس للعمل فى المقابر، لم يسأل نفسه ذلك المرتشى الذى باع دينه وأمانته من أين سيحصل إنسان فقير يريد أن يعمل «تربى أو مساعد تربى» على 150 ألف جنيه يدفعها رشوة كى يحصل على مرتب لا يكاد يكفى يومه وشهره.
بعد ذلك سوف تشعر بالعجز فمن أين سيأتى الفقراء بـ150 ألف جنيه، كى يدفعونها رشوة لموظف جشع يعرف أنهم فقراء، لكنه لا يهتم بشىء، لا يريد سوى المال والكثير منه.
بعد ذلك سوف تستغرب، كيف لرجل يملك 150 ألف جنيه ثم يسعى ليدفعها رشوة كى يعمل بين الموتى، فى ظنى أن الحياة بين الموتى صعبة وليست جميلة وستلقى بظلالها على حياة الإنسان وتعامله مع كل شىء حوله، وفى ظنى أنه لو أن إنسانا معه مثل هذا المبلغ لماذا لا يفكر فى عمل شىء يكسب منه قوت يومه ويرزقه الله رزقا حلالا طيبا بعيدا عن المقابر وفزعها.
بعد ذلك سوف تسأل نفسك: ما الذى ينتظره المجتمع من رجل باع كل ما يملك من أجل أن يجمع 150 ألف جنيه يدفعها رشوة كى يعمل «تربى أو مساعد تربى»؟ والإجابة أننا، حتما، سنسمع عن كل الكوارث المتوقعة من سرقات للرفات كاملة ولأجزائها وستقع الكثير من الانتهاكات التى لايعلم بها إلا الله.
الموضوع ليس مضحكا بالمرة إنه أكبر من ذلك، هو ليس مجرد رشوة عادية مما نسمع عنه كل يوم، إنها جريمة متكاملة فى حق المجتمع، فى استغلال الفقراء والغلابة وفى استغلال الموتى أيضا، لأن مثل هذه الرشاوى تعطى ضوءا أخضر لارتكاب كل الموبقات فى الأرض، وعليه وجب أن يعاقب أمثال هذا الموظف بشكل قاسٍ لأن الموضوع خطير.