تصدر القوانين لكى تُطبق، وإذا تعطلت وتوقف تطبيقها تفقد قيمتها، نقول ذلك بمناسبة الإعلان عن قانون جديد للمرور، ونحن لدينا عدد كبير من قوانين المرور تتضمن مواد يمكن فى حال تطبيقها أن تنظم المرور وتردع المخالفين، لكن بالرغم من كل هذه القوانين لا توجد آليات للتطبيق، فضلا عن أنه لا تتوفر سبل ضبط المخالفات ومحاسبة المخالفين، كما هو متبع فى كل دول العالم، لا توجد كاميرات ولا أدوات للمراقبة، وبالتالى فإن الإمساك بالمخالفات يتم بالمصادفة أو المزاج.
وعليه ربما لا نكون بحاجة إلى تشريعات جديدة للمرور بقدر ما نحتاج إلى تطبيق التشريعات القائمة وتفعيلها، ومهما أنتجنا من قوانين فلا يمكن توقع مواجهة مشكلات المرور مادامت هذه القوانين مرفوعة من الخدمة.
ولعل من أكثر علامات الارتباك فى المرور، أننا حتى الآن لا نمتلك طريقة لتنظيم التوك توك، ومازلنا بعد أكثر من 20 عاما على دخول التوك توك والسماح باستيراده نفكر فى طريقة للتعامل معه وترخيصه، وهذا بعد أن استفحلت مشكلات التوك توك وأصبحت أكثر تعقيدا، وقد يقول قائل: أن تأتى متاخرا خير من ألا تأتى، ولكن التأخر فى معالجة كوارث التوك توك يضاعف من مشكلاته.
وقد يرد البعض باعتبار التوك توك مشكلة صغيرة، لكنها كاشفة عن طريقة التعامل وتوقعات شكل تطبيق قوانين المرور الحالية والقادمة، فقد كانت هناك حكومات تسمح باستيراد وتجميع التوك توك، ولكنها لم تفكر فى تقنينه أو ترخيصه، وبقى شاهدا على وضع عشوائى ربما يكون بحاجة إلى أكثر من التشريعات.
لقد رأينا مؤخرا تحركات مختلفة على جبهة التوك توك، الحكومة توصى بوقف ترخيصه مؤقتا، بينما أغلب التوك توك غير مرخص، ونواب يتحدثون عما يمكن أن يحققه ترخيص التوك توك من عائدات ورسوم، وهناك من يشير إلى جرائم أو أطفال يقودون التوك توك بسرعة على طرق سريعة ويعرّضون حياتهم وحياة الركاب والآخرين للخطر، ناهيك عن عدم وجود قاعدة للأجرة أو أماكن للوقوف.. كل هذا ومازلنا نفكر ونفكر.
وإذا كان من الصعب التعامل مع ظاهرة من دون معلومات، فهناك شك فى أن الحكومة أو المحليات لديها إحصائيات بأعداد التكاتك التى تسير فى شوارع مصر، وتبدو أحيانا الحكومة وقد تركت مشكلات التوك توك، انتظارا لأن تحل من نفسها، والنتيجة أنها تزداد تعقيدًا وتشعبًا.
ونظن أنه لا أحد يحتاج إلى تشريع ليمنع الأطفال من قيادة التوك توك، أو أن تسير كل هذه التكاتك من دون ترخيص طوال هذه السنوات، الأمر لا يتطلب قوانين وإنما تطبيق القانون، لكن بالطبع فإن عدم تطبيق القانون يفتح باب التواطؤ ويحرم الدولة من رسوم وضرائب التراخيص، لتذهب إلى أفراد يجدون فى عشوائية التوك توك مجالا لتحقيق مكاسب بالابتزاز، على حساب سلامة المواطنين.
إننا بحاجة إلى تطبيق القانون وليس لقوانين جديدة توضع بجانب أخواتها من دون تطبيق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة