وائل السمرى

هكذا تصبح المؤتمرات إضافة حقيقية

الخميس، 01 فبراير 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بحثًا عن مسألة مهمة فى تاريخ الموسيقى، فتحت أمس ذلك الكتاب المرجعى العظيم عن أعمال مؤتمر الموسيقى العربية الذى عقد فى القاهرة سنة 1932، قضيت تقريبا الليل كله وجزءا كبيرا من الصباح وأنا أقلب بين صفحات هذا المرجع المهول، وأقول هنا إنه «مهول» لكثرة المواد الموسيقية الموضوعة فيه، وكثرة المباحث والمناقشات والاختلافات والاتفاقات التى تمت فى هذا المؤتمر، وقد كان هذا المؤتمر بحق «مؤسسيا» بمعنى أنه كان خاضعا للإشراف المباشر من قبل الملك فؤاد ملك مصر، وكان مكان إقامته فى «المعهد الملكى» للموسيقى، الذى تحول فيما بعد إلى «معهد الموسيقى العربية»، وكانت الدعوات توجه إلى المشاركين باسم الملك الذى حضر إلى حفل الافتتاح وأناب رئيس مجلس الوزراء لحضور حفل الختام، كما أقام حفلا لاستقبال المشاركين فى المؤتمر وصافحهم مرحبا بهم، ولهذا كان هذا المؤتمر من أهم المؤتمرات الموسيقية فى تاريخ مصر والعالم العربى، بل لا أبالغ على الإطلاق لو قلت إنه الأهم «على الإطلاق»، وإذا أرادت مصر أن تتخلص من لعنة مؤتمرات «المكلمة» و«العنعنة» والاستعراضات الفارغة، فما عليها إلا مراجعة ما حدث فى هذا المؤتمر ونسخه فى ما تريد من مؤتمرات.
 
بدأت فكرة المؤتمر من أجل الحفاظ على الموسيقى العربية وتطويرها، وكان هذا هو الشغل الشاغل لصانعى المؤتمر، ولهذا خصصت لجانا لدراسة كل تخصص من تخصصات الموسيقى العربية، فمنها لجنة للآلات الموسيقية التى أوصت بعمل متحف للآلات الموسيقية الكائن الآن بشارع رمسيس، ومنها لجنة السلم الموسيقى التى أوصت مع اللجان الأخرى بضرورة عمل مجمع للموسيقى العربية وقد كان، كما كانت هناك لجنة لدراسة فكرة وضع منهج موسيقى للطلبة والطالبات، وقد كان، كما أوصت بعض اللجان بعمل بيانو شرقى، وقدم البعض اختراعات تفيد فى ضبط الإيقاعات والأوزان الموسيقية المختلفة، وقبل تشكيل هذه اللجان وضع صانعو المؤتمر العديد من الأسئلة أمامهم لتجيب عنها كل لجنة، فيما يشبه المشروع البحثى، ثم اجتمعت اللجان لبحث هذه الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها فيما يشبه ورشة العمل، وحينما فرغت كل لجنة من عملها وضعت ورقة لما اتفقت عليه وما اختلفت فيه، لتتم مناقشتها فى اللجنة العامة، ليرى كل المهتمين النتائج ويدلوا بدلوهم، ولا أبالغ إذا قلت إن هذا المؤتمر بهذا الاهتمام وهذا الوعى وهذا الحس الوطنى الواضح صار من أهم أسس نهضة الموسيقى الشرقية فى الثلاثينيات والأربعينيات، فلماذا لا نكرر تلك الآلية العملية التى أثمرت عن العديد من الفوائد، بدلا من الغرق فى مؤتمرات البوفية المفتوح، وقاعات الكلام المعلب؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة