وصف الكاتب النمساوى ستفين تسفايج عملية إعدام الملكة الأسكتلندية مارى ستيوارت فى 8 فبراير لعام 1587 فى كتابه الشهير "مارى ستيوارت"، الذى نشره عام 1935: اختارت مارى ملابس احتفالية رائعة لآخر خروج لها على منصة الحياة، وكان فستانها الجميل المخصر مصنوع من المخمل البنى الغامق، مع قطعة فراء جميلة وياقة بيضاء وأكمام متدلية وعباءة سوداء من الحرير تحيط بهذا اللباس الرائع الفاخر، وعلى الرغم من أن طرف عباءتها كان طويلاً وثقيلاً، لكن كان على حاجبها ميلفيل أن يحمله بكل احترام.
لقد كانت مارى بلباس الأرملة، وهو عبارة عن غطاء أبيض كالثلج وقد غطى جسدها من رأسها حتى أخمص قدميها.
أما المسبحة الثمينة والمزخرفة، فقد كانت بديلاً عن زينتها المرصعة بالذهب والألماس، حتى أن حذاءها الأبيض المغربى لم يكن يسمع له صوت حتى لا يحدث اضطراباً فى هذا الصمت الهامد فى اللحظة التى توجهت نحو منصة الإعدام.
وهنا أخرجت الملكة بنفسها المنديل الذى سيغطى عيونها. وتحسباً للحظات الأخيرة الدامية، ارتدت مارى ستيوارت ثوباً من الحرير القرمزى، وأمرت أن يصنع لها قفازات نارية اللون طويلة حتى كوعها، وذلك من أجل ألا يتلوث فستانها من الدم الذى سيكون على الفأس. وهذه هى المرة الأولى التى تستعد فيها سجينة لتنفيذ حكم الإعدام بهذا الشكل.
وفى الساعة الثامنة صباحاً، قُرع الباب، لكن مارى ستيوارت لم تجب، إذ أنها مازالت واقفة على ركبتيها، راكعة أمام منبر وتقرأ الصلاة. وبعد أن انتهت وقفت، ولدى قرع الباب مرة أخرى فتحته، فدخل الشريف، وأخذ يقول بكل احترام ووقار شديدين: "يا سيدتى لقد أرسلنى اللوردات وهم فى انتظارك". فأجابته مارى ستيوارت وهى تستعد للخروج "هيا بنا".
صعدت مارى درج المقصلة ورأسها مرفوع بكل فخر، بنفس الصورة التى اعتلت فيها عرش فرنسا لمدة 15 عاماً، وكان لها أن تصعد بنفس الصورة عرش إنجلترا، لو أن القدر وقف إلى جانبها.
ولدت مارى ستيوارت فى 8 ديسمبر 1542 وفى الرابعة عشر من عمرها تزوجت من دوفين فرنسا، ولكن بعد بضعة أشهر من زفافها بات عرش إنجلترا شاغراً بشكل مفاجئ، وكانت مارى وريثته الشرعية، كونها تعود لسلالة الملك هنرى السابع، لكنها كانت تعتنق الكاثوليكية، فى الوقت الذى أصبحت البروتستانتية دين الدولة الرسمى، لهذا نصبوا وريثة أخرى وهى إليزابيث ابنة هنرى الثامن ملكة على عرش البلاد.
ومع ذلك واصلت مارى التعبير عن رغبتها اعتلاء عرش إنجلترا، وتحت ضغط من الملك الفرنسى اعتمدت شعار انجلترا ووحّدته مع شعار اسكتلندا. وهذا بالطبع أثار غضب إليزابيث، التى سرعان ما اكتسبت شعبية كبيرة أثناء حكمها فى إنجلترا.
وفى الوقت الذى مكثت مارى ستيوارت فى فرنسا، حدثت ثورة دينية فى اسكتلندا، حيث تم تبديل الديانة الكاثوليكية بالبروتستانتية، وبعد أن توفى ملك فرنسا وزوج مارى ستيوارت فرنسيس الثانى، فى عام 1560، لم يبق أمام الأرملة إلا أن تتوجه إلى وطنها.
بدأت شعبيتها تتهاوى عندما تزوجت من عشيقها بوثويل، كما أنها أصبحت تحكم بطريقة استبدادية، زيادة إلى عدم تسامحها مع الأفكار الدينية الأخرى وتطرفها لحساب مذهبها الكاثوليكى، وتم إجبارها على التنازل عن الحكم (1567م). ولجأت إلى عَدُوتِها السابقة، إليزابيث الأولى، فقامت بحبسها، واستغلت بعض الأطراف الكاثوليكية فرصة تواجدها فى إنجلترا، فتم إقناعها لأن تشترك فى مؤامرات ومخططات لإسقاط النظام، إلا أنها كُشِفت وانتهى الأمر بإعدامها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة