ارتفاع صادرات أمريكا النفطية للصين يغير قواعد اللعبة العالمية

الأحد، 11 فبراير 2018 04:46 م
ارتفاع صادرات أمريكا النفطية للصين يغير قواعد اللعبة العالمية النفط -أرشيفية
رويترز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى البداية، أدى الهبوط الحاد فى واردات الولايات المتحدة من النفط الخام إلى تقلص أكبر سوق كان منتجون مثل منظمة أوبك يعتمدون عليها لعدة سنوات، والآن، فإن ارتفاع الصادرات الأمريكية، التى كانت فى معظمها محظورة من الكونجرس حتى تم رفع هذا الحظر منذ نحو عامين فقط، يشكل تحديا لأوبك فى المنطقة الأخيرة التى تهمين عليها وهى آسيا.

وارتفعت شحنات النفط الأمريكية إلى الصين لتخلق تجارة بين أكبر قوتين فى العالم لم تكن موجودة حتى 2016، وتساعد واشنطن فى جهودها لتقليص العجز التجارى الضخم مع بكين.

وانعكس هذا التحول فى الأرقام التى نشرت فى الأيام الماضية، وأظهرت أن الولايات المتحدة تنتج الآن كميات من النفط الخام تتجاوز إنتاج السعودية، أكبر مصدر للنفط فى العالم، وهو ما يعنى أن من المرجح أن تتفوق أمريكا على روسيا لتحل محلها فى المركز الأول فى إنتاج النفط على مستوى العالم بنهاية العام.

وشكل هذا النمو مفاجأة حتى لمسؤولى إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، التى رفعت الأسبوع الماضى توقعاتها لإنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام فى 2018 إلى 10.59 مليون برميل يوميا، بزيادة 300 ألف برميل يوميا عن توقعات سابقة لها قبل أسبوع فقط.

وعندما بدأت الولايات المتحدة تصدر النفط الخام فى 2016، اتجهت أولى الشحنات إلى كوريا الجنوبية واليابان وهم شركاء واشنطن فى اتفاقية التجارة الحرة، وتوقع قليلون أن تصبح الصين مشتريا رئيسيا.

وتظهر بيانات من منصة تومسون رويترز آيكون أن شحنات الخام الأمريكى إلى الصين بدأت من الصفر قبل 2016 لتصل إلى مستوى قياسى بلغ 400 ألف برميل يوميا فى يناير كانون الثانى ، بقيمة نحو مليار دولار، وبالإضافة إلى ذلك ، تسلمت الصين نصف مليون طن من الغاز الطبيعى المسال الأمريكى بقيمة نحو 300 مليون دولار فى يناير كانون الثانى.

الفائض التجارى يتقلص

ستساهم الإمدادات الأمريكية فى خفض الفائض التجارى الصينى الضخم مع الولايات المتحدة، وربما تساهم فى دحض إدعاءات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأن بكين تقوم بممارسات تجارية غير عادلة.

وقال ماركو دوناند الرئيس التنفيذى والشريك المؤسس لميركيوريا لتجارة السلع الأولية: "فى ظل إدارة ترامب، هناك ضغوط كبيرة على الصين لموازنة الحسابات مع الولايات المتحدة .. سيساهم شراء النفط الأمريكى بوضوح فى تحقيق هذا الهدف وتقليص الاختلال".

ومع ارتفاع صادرات الطاقة، تقلص العجز التجارى الصينى مع الولايات المتحدة فى يناير إلى 21.895 مليار دولار من 25.55 مليار دولار فى ديسمبر ، بحسب أرقام صينية رسمية نُشرت يوم الخميس.

ولا تزال مبيعات الطاقة الأمريكية إلى الصين متواضعة مقارنة مع كميات من النفط بقيمة 9.7 مليار دولار شحنتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى الصين فى يناير، لكنها استحوذت بالفعل على نصيب من سوق تهيمن عليه دول مثل السعودية وروسيا، مع تهديد بمزيد من المنافسة فى المستقبل.

وقال مدير مصفاة لدى شركة سينوبك الصينية الكبيرة للنفط، طالبا عدم نشر اسمه لأنه ليس مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، "نرى الخام الأمريكى مكملا لقاعدتنا الكبيرة من الخام" من الشرق الأوسط وروسيا، مضيفًا أن سينوبك تتطلع إلى طلب شراء مزيد من الخام الأمريكى هذا العام.

وأظهرت بيانات رسمية يوم الخميس أن واردات الصين من الخام ارتفعت إلى مستوى قياسى بلغ 9.57 مليون برميل يوميا فى يناير.

ومن جهة أخرى، انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام إلى أقل من أربعة ملايين يوميا، مقابل مستوى قياسى مرتفع بلغ 12.5 مليون برميل يوميا فى 2005.

وبناء على متوسط كميات ديسمبر، تُقدر مبيعات الولايات المتحدة من النفط والغاز إلى الصين بنحو عشرة مليارات دولار سنويا، وبحساب الصادرات إلى اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان فإن هذا الرقم يزيد إلى المثلين.

وكان من الممكن أن تكون الصادرات الأمريكية أكبر من ذلك لولا قيود البنية التحتية، فلا يوجد ميناء فى الولايات المتحدة يستطيع مناولة ناقلات النفط العملاقة وهى أكبر ناقلات نفطية فى العالم .

ولمعالجة هذا القصور، يتم توسعة أحد أكبر المنشآت على خليج المكسيك، لويزيانا أوفشور أويل بورت سيرفيسيز، بهدف مناولة تلك الناقلات فى وقت قريب.

 

تسعير النفط

وبالنسبة للمشترين الصينيين، فإن ما يجذبهم للخام الأمريكى بشكل رئيسى هو السعر، وبفضل طفرة النفط الصخرى، فإن الخام الأمريكى أقل سعرا من خامات من أرجاء أخرى.

وعند حوالى 60.50 دولار للبرميل، فإن الخام الأمريكى حاليا أقل بنحو أربعة دولارات من خام القياس العالمى مزيج برنت، الذى يتم تسعير معظم الخامات الأخرى بناء عليه.

وبالنسبة لمُصدرين كبار للنفط مثل أوبك وروسيا قاموا بتقليص إنتاجهم منذ 2017 فى محاولة لدعم الأسعار، فإن تلك التدفقات الجديدة من النفط تشكل خسارة كبيرة فى الحصة السوقية.

وقال دوناند "تقبلت أوبك وروسيا، إن الولايات المتحدة ستصبح منتجا كبيرا نظرا لأنهما تريدان ببساطة أن تجلبا السعر عند المستويات الحالية".

ومنذ بداية تخفيضات الإنتاج التى قادتها أوبك فى يناير 2017، ارتفعت أسعار النفط 20 فى المئة، رغم تعرضها لضغوط مجددا فى فبراير ،لأسباب على رأسها ارتفاع الإنتاج فى الولايات المتحدة، وربما يغير سيل النفط الأمريكى طريقة تسعير الخام، فمعظم منتجى أوبك يبيعون الخام بموجب عقود طويلة الأجل يتم تسعيرها شهريا، وفى بعض الأحيان بأثر رجعى، وعلى العكس، يصدر المنتجون الأمريكيون الخام بناء على تكلفة الشحن وفوارق السعر بين الخام الأمريكى وخامات أخرى.

وأدى هذا إلى ارتفاع كبير فى حجم تداول العقود الآجلة للخام الأمريكي، المعروف بغرب تكساس الوسيط، وهو ما جعل تداول العقود الآجلة لخامات أخرى مثل برنت أو دبى أقل كثيرا.

وقال جون دريسكول مدير جيه.تي.دى لخدمات الطاقة، ومقرها سنغافورة، "بدأ المشترون، مثل بائعى الخام الأمريكي، التحوط فى خام غرب تكساس الوسيط"، ورغم كل التحديات لنظام النفط التقليدى، يظهر المنتجون التقليديون شجاعة فى المواجهة.

وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذى لأرامكو السعودية النفطية الحكومية العملاقة "ليس لدينا أى قلق على الإطلاق من زيادة الصادرات الأمريكية. مصداقيتنا كمورد لا تضاهى، ولدينا أكبر قاعدة من العملاء باتفاقيات مبيعات طويلة الأجل".










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة