تحاول "إخوان تونس" على مدار العام الماضى الحفاظ على ثباتها الانفعالى وهى ترى الحرب المستعرة فى المنطقة ضد التنظيم الدولى للإخوان، ومحاصرة تيار الإسلام السياسى هنا وهناك واتهامات الإرهاب تلاحقه إقليميا ودوليا، فارتدت ثوب الوطنية والمدنية وتنصلت من التنظيم الذى تعد جزءا منه، وأكدت أنها حركة تونسية خالصة تفصل بين الدعوى والسياسة.
إخوان تونس أو حركة النهضة الإسلامية لم يتمكنوا من التزام الصمت كثيرا.. فمع تضييق الخناق واتهامات علاقة الحركة بتنظيمات وأنظمة على علاقة بالإرهاب انفجرت قياداتها وسقط قناع الدبلوماسية لتتكشف الحقائق، وخلال الـ٢٤ ساعة الماضية لم تنشغل الساحة التونسية الداخلية إلا بتهديدات الإخوان لكل من يناصبها العداء والتى بلغت حد التلويح بدخول تونس لـ"حرب أهلية".
فى البداية أصدرت الحركة مساء السبت عقب اجتماع مطول لمجلس شورى الحركة بيانا أحدث صدمة لدى الشارع التونسى الذى يعتبر أن حرية الإعلام من أهم مكاسب ثورته فى ٢٠١١، حيث أعلنت النهضة عن مقاضاة كل الاشخاص والمؤسسات الإعلامية التى وصفتها بالمنخرطة فى حملات مغرضة ضدها.
وكلف المكتب التنفيذى لحركة النهضة مكتبى الشئون القانونية والإعلام والاتصال فى الحركة بإعداد الملفات والقيام بالإجراءات اللازمة ضد ما أسماه تتالى الحملات التشويهية الممنهجة ضد حركة النهضة، وتمادى بعض الأصوات الإعلامية فى إلحاق التهم الباطلة والتعريض بالحركة والتحريض على قياداتها والشحن ضد أعضائها وأنصارها.
وقالت صحيفة الشروق التونسية أن فى نظر عدد من المتابعين فإن المسألة لا تتعدى حدود "الفرقعة الإعلامية "المضادة واستمالة الأنصار، على اعتبار أن الملاحقة القضائية لمن يشوه الحركة هو مطلب لعدد من القواعد الذين طالبوا فى مرات عديدة عدم السكوت أمام التهم المتعاظمة فى المشهد السياسى لها والمتعلقة بعلاقتها بالإرهاب وغيرها.
وأوضحت الصحيفة أن البعض الآخر يرى فى سكوت حركة النهضة طيلة السنوات الماضية إزاء الخطاب ضدها تكتيكا لاستعطاف الجماهير وزيادة شعبيتها، إلا أن عضو المكتب التنفيذى للحركة النائبة فريدة العبيدى أرجعت دوافع القرار الأخير إلى ملاحظة جزء كبير من الخطاب الإعلامى مضمونه التحريض ضدهم سبا وشتما وتعريضا بما يحيد عن الرسائل الهادفة والنقد البناء.
وأضافت العبيدى أن تزايد منسوب الخطب التحريضية ضد الحركة ووصفها بالإرهابية تم تسجيله بشكل أدق فى الإعلام المرئى نافية وجود دوافع سياسية للقرار حيث قالت: "عديد الأنصار والمنخرطين يلوموننا دائما إزاء السكوت ضد الخطب التحريضية التى تتجاوز مستوى النقد".
ولم تكد تلك الضجة التى أثارها إعلان حركة النهضة بحرب إعلامية حتى خرج رئيسها راشد الغنوسى ليتوعد التونسيين بحرب أهلية، حيث اعتبر من يتهمون حركة النهضة بقتل السياسى شكرى بالعيد وبالإرهاب، ومن يجرمون قيادات النهضة دون إدانة قضائية "دعاة إقصاء"، مشددا على أن هذا الأمر قد يوصل إلى الحرب الأهلية".
وأوضح أن النهضة متمسكة بالديمقراطية ما جعلها تستمر كحركة على مدى أكثر من 50 سنة، ملاحظا أن الديمقراطية صلب النهضة مبنية على أسس فكرية وأهمها التعايش وبأن تونس يمكن أن تسع لجميع الاتجاهات، وشدد على أن تونس نجحت فى إرساء الديمقراطية ولم يعد يفصلها على استكمال هذا المسار سوى الانتخابات البلدية التى وصفها بكونها "من استحقاقات الثورة التونسية".
وفى انتقاد واضح للحكومة التونسية قال الغنوشى أن على تونس أن تساعد نفسها أولا قبل طلب أية مساعدة من العالم"، معتبرا أن البلاد تعيش حالة "استرجاء ونقص فى العمل وتصنيف تونس ضمن لائحة بلدان تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يعود إلى تأخر الإجابة وإرسال الملفات للأطراف المعنية فى الآجال المناسبة.
يأتى هذا التصعيد النهضوى فى أعقاب حالة الغضب الداخلى التى تفجرت عقب قرار البرلمان الأوروبى بوضع تونس فى القائمة السوداء لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، حيث حمل عدد من السياسيين والخبراء حركة النهضة المسئولية بأنها فتحت أبواب البلاد على مصراعيها أمام التنظيمات الإرهابية خلال فترة حكمها.
وقال الخبير الاقتصادى ووزير المالية الأسبق حسين الديماسى أنه تم اتهام تونس بالإرهاب بسبب حركة النهضة المتهمة بتسفير الشباب إلى الدواعش وتهريب الأموال وتمويل حزبها بأموال مهربة. وأضاف بخصوص تصنيف تونس بالقائمة السوداء لتمويل الإرهاب: "إذا ظلّ الواقع السياسى على ما هو عليه الآن، لا أظن أن تتغير نظرة أوروبا لتونس"، "ما هو الإرهاب فى تونس؟ أليس حركة النهضة؟، وقال أيضا إن للتصنيف الأخير للبرلمان الأوروبى انعكاسات خطيرة على المستوى الاقتصادى مشيرا إلى أن القرار شبه زلزال بالنسبة لتونس ولاقتصادها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة