لم يكن خالد صلاح من شيوخ المهنة، حين أصابه مس من حلم كبير، كان عنوانه «اليوم السابع»، فوقتها لم يكن قد مر على تخرجه فى كلية الإعلام أكثر من خمسة عشر عاما، وكان لا يزال فى الثلاثينيات من عمره، ومثله من قبل كان بشارة تقلا، حين تصدى لإصدار أكبر صحيفة مصرية «الأهرام» ومن بعده كذلك مصطفى أمين وشقيقه على أمين حين أقدما على إصدار «أخبار اليوم»، وللصحيفتين ما لهما فى تاريخ الصحافة، ليس فى مصر وحدها، ولكن على امتداد الخريطة الإعلامية العربية، وكذلك جاء «اليوم السابع» بمثابة النقلة الكبرى فى تاريخ الصحافة والإعلام المصرى، من دون مبالغة، فالفكرة الجديدة تحولت إلى قاطرة طافت بالصحافة المصرية فى سماوات الفضاء الإلكترونى، ومثلما كانت صلاحية نشر الخبر أو الموضوع الصحفى من عدمها تقاس من قبل بما إذا كانت صحف بعينها نشرته على صفحاتها الإخبارية، أو تناولته فى تحقيقاتها، صار السبق الخبرى حكرا على موقع «اليوم السابع» وشبابه، واحتكر الموقع الناشئ ختم الصلاحية لنشر الخبر من عدمه، وشيئا فشيئا تحول ما ينشره إلى مادة تقوم عليها برامج المحطات الفضائيات وتبنى عليها تحقيقات وتقارير الصحف الأخرى.
حين أصدر بشارة تقلا مع أخيه سليم تقلا العدد الأول من «الأهرام فى 5 أغسطس 1876 كان عمره 24 عاما، فهو من مواليد 1852، وكان عمر أخيه سليم أكبر منه بثلاثة أعوام، أى لم يجاوز الـ27 عاما، وحين تصدى مصطفى أمين وعلى أمين لإصدار «أخبار اليوم» فى العام 1944، لم يكن عمر كل من التوأمين جاوز الثلاثين بعد، فهما من مواليد العام 1914، وكذلك انطلقت «اليوم السابع» بفكرة شابة، وبشاب يقودها ويدير دفتها ومن حوله بالتأكيد عدد من الخبرات الكبيرة فى عالم الصحافة، وتحت يديه كتيبة من الشباب، شاركت فى صنع الملحمة، ودفعت بمؤسستها إلى أن تصبح قاسما مشتركا فى كل ما يتناول تاريخ الصحافة فى مصر فى سنواتها الأخيرة، سواء تعلق الأمر بكتابات راصدة لذلك التاريخ، أو أبحاث ودراسات توثق له.
فى أول الاجتماعات التأسيسية للفكرة كان لى شرف المشاركة فى واحد منها، ومثلى فى ذلك مثل أى صحفى زميل، لم يكن الأمر يتجاوز عندى أنه اجتماع يؤسس لصحيفة أسبوعية، ربما برخصة أجنبية، أو حتى تابعة لشركة مساهمة، ستصدر جريدة تنضم إلى بقية الصحف القائمة، وتصبح باب عمل جديد للزملاء الصحفيين، إضافة إلى الصحف التى يعملون فيها بالفعل من دون أن تضيف لهم شيئا.. وحده زميل الدراسة بكلية الإعلام «خالد صلاح» وقتها كانت الفكرة مكتملة الملامح فى ذهنه، وكان يبدو مصمما على إنجازها، لتولد «اليوم السابع» قوية وتتواصل قوة يوما بعد الآخر، حتى تحتل صدارة المشهد الصحفى بعزيمة شبابها، وليسمح لى حسن الحظ بالعودة إلى الالتحاق بكتيبتها مع التجهيز لانطلاقة العدد اليومى من نسختها الورقية، متابعا جهد أسرة المؤسسة الذى لا يتوقف لحظة، وفرحا بكل انطلاقة وفكرة جديدة تولد بين جدرانها.
التجربة إذن أتثبت أن الشباب قادر على صنع المستحيل، وإحياء الأفكار العملاقة من العدم، وتحويلها إلى كائن يحيا بيننا على الأرض، ويتنفس قوة وتطويرا يوما بعد الآخر، فقط علينا أن نوسع لأنفسنا مساحة الأحلام، وأن نمتلك العزيمة لتحقيقها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة