صدر فى سلسلة عالم المعرفة كتاب هام عنوانه (ملف جوجل) من تأليف تورستن فريكه وهو صحفى ألمانى متخصص فى تكنولوجيا المعلومات، وأولريش نوفاك وهو متخصص ألمانى فى التسويق الإعلامى، وترجمة عدنان عباس وهو مترجم عراقى صدرت له العديد من الكتب المترجمة.
المؤلفان يريان أن جوجل فى كل مكان تترك بصماتها على حياتنا، جوجل تتسلل إلى خصوصياتنا، جوجل تحدد قواعد المسيرة الاقتصادية، وتؤثر فى العلوم والمنجزات العلمية، جوجل تحدد أيضًا، الأجندة السياسية، جوجل قوة عظيمة مؤسسة تمارس بمفردها الفاعلية والتأثير اللذين تمارسهما جوجل عمليا، بلا رقابة وبلا محاسبة.
نجح سيرجى يرين ولارى وبيج مؤسسا جوجل فى إبداع جوجل وهو اسم مستقى من googol أى من مصطلح رياضى يشير إلى الرقم 1 يليه مائة صفر، أو 10 أس 100، هذا التلاعب بالألفاظ يعكس الهدف الذى تطلع إليه برين وبيج هو تنظيم الكم اللانهائى من المعلومات المتاحة فى الويب، ونجحا فى تصميم صفحة البدء على نحو يتسم بالبساطة والاختصار، وأدى هذا التصميم إلى تصعيد سرعة الدخول إلى الموقع، هذا ما أدى بجوجل إلى إزاحة الآخرين من حلبة المنافسة، وإملاء إرادتها وفرض تصوراتها على قطاعات اقتصادية بالكامل، والتأثير فى الإرادة واتخاذ القرارات السياسية وفى الانتخابات العامة مثلا وليس حصرًا.
وكانت عبارة don’t be evil لا تكن شريرًا هى الشعار الذى دأبت جوجل على ترديده فى الأيام الخوالى، بيد أن هذه الرومانسية، العائدة إلى زمن البدايات الأولى لتأسيس الشركة، صارت فى ذمة التاريخ، فعلى وقع الربحية، التى تتجاوز معدلاتها العشرين بالمائة بكثير، باتت شركة جوجل إحدى كبرى شركات العالم من حيث تحقيق الأرباح.
تسجل جوجل بنحو شرعى، ولكن غير أخلاقى، المعلومات التى تحصل عليها فى كل مرة يدخل فيها المرء على صفحة الويب، فالمرء الذى لا يوجد لديه شىء يحرص على التستر عليه، لن يخاف من البيانات التى تجمعها جوجل عن كل واحد من بنى البشر.
ولكن، هل هذه هى الحقيقة فعلا؟
ويتساءل المؤلفان ما العمل يا ترى إذا تحولت هذه الشفافية الفردية بنحو مفاجئ إلى أسلوب إجبارى؟ إلى أسلوب يُفرض على الجميع؟
ما العمل إذا منحت المصارف الزبائن الذين يستخدمون خدمة Google Now شروطا ميسرة، وذلك من أجل تضييق الخناق على الأفراد الذين يريدون حماية بياناتهم الخاصة؟
وما العمل إذا منحت شركات التأمين الصحى علاوة استثنائية لأولئك المرضى الذين لا يعيقون فرص مراقبتهم للتأكد مما إذا ما كانوا يتقيدون بتناول عقاقيرهم ويمارسون الرياضة بنحو منتظم؟
نعم، كل هذه الأمور لا تزال اختيارية.
ومع هذا فإن هذا النوع من الشفافية قد يتحول إلى إكراه، ويصبح استعبادًا، وقد يرغم بنى البشر على تنفيذ أمور، أو الامتناع عن ممارسة أفعال، أو البوح بمعلومات، تخالف هواهم كلية.
سيطرت جوجل على العديد من خدمات الإنترنت فأطاحت بمنافسيها، ومن هذه الخدمات:-
مفكرة جوجل Google Notebook: مفكرة جوجل خدمة تقدمها جوجل لتمكين المستخدمين من جمع المعلومات وتدوين الملاحظات بيسر أثناء تصفح الإنترنت.
وتسترشد مفكرة جوجل بويب 2.5، متيحة بذلك للمستخدم الفرصة المناسبة لتنسيق بياناته ونتائج البحث التى توصل إليها بنفسه من خلال حاسوب متصل بالإنترنت، ولتزويد طرف آخر بهذه البيانات والمعلومات عند الحاجة.
مؤشر جوجل Google Bookmarks: من غير الحاجة إلى إغلاق نافذة مستعرض الويب، يستطيع مستخدم هذه الخدمة تخزين كل ما لديه من نصوص وصور وروابط تشير إلى صفحات ويب أخرى، فى "مؤشر جوجل"، غير أن جوجل توقفت فى يوليو من العام 2012 عن تقديم هذه لخدمة. ونقلت جميع البيانات إلى ملفات جوجل Google Docs، علما أن هذا البرنامج قد بات لاحقا جزءا من برنامج "جوجل درايف" Google Drive.
حزمة جوجل Google Pack: حزمة جوجل تشتمل على أكثر من عشرة برامج كان ممكنا تحميلها من شبكة الويب مجانا، ولكن بسبب عدم نجاح هذه الحزمة توقفت جوجل عن تقديمها منذ العام 2011.
جوجل بيكاسا Google Picasa: هو برنامج لتنظيم وتحرير الصور الرقمية. ورسميا تقدم جوجل هذه الخدمة مجانا- وبحد لا يتجاوز ميجابايت واحدا بالنسبة إلى المستخدمين العاديين، الذين لديهم حساب فى جوجل، وفى شروط استخدام هذه الخدمة أباحت جوجل لنفسها حق تغيير هذه القواعد وقتما تشاء، وأخذت لنفسها حق الاستحواذ على الصور، فقد ورد فى بنود خدمة جوجل ما نصه:
"عند تحميل المحتوى أو تقديمه أو إرساله أو تلقيه عبر خدمتنا، فإنك تمنح جوجل، والجهات التى تعمل معها جوجل، ترخيصا عالميا لاستخدام هذا المحتوى واستضافته وتخزينه وإعادة إنتاجه وتعديله وإنشاء أعمال اشتقاقية منه مثل الأعمال الناتجة من الترجمات أو الموائمات أو غيرها من التعديلات، التى نجريها على المحتوى الخاص بك حتى يتناسب مع خدمتنا، ونقله ونشره وعرضه وتوزيعه بشكل علني. أن الحقوق التى تمنحها فى هذا الترخيص هى ذات أغراض محددة لا تتخطى تشغيل خدماتنا وترويجها وتحسينها وتطوير خدمات جديدة. ويستمر هذا الترخيص حتى إذا توقفت عن استخدام خدامتنا".
باحث جوجل Google Scholar: هو محرك بحث متخصص، يتيح لمستخدمه فرصة التنقيب عن وثائق أدبية وعلمية، وأطلقت جوجل هذا المحرك فى نوفمبر من العام 2004. ويتولى "جوجل سكولار" مهمة التفتيش عن وثائق مجانية يمكن الدخول عليها فى الويب، وعن تلك الوثائق أيضا التى يجب دفع رسوم معينة لقاء استخدامها. وفيما يجرى، فى أغلب الأحيان، عرض نصوص كاملة، تُقدَّم أيضًا، ومن حين إلى آخر، عناوين موضوعات لها علاقة بالمادة المنقب عنها. ويقوم برنامج جوجل سكولار بتحليل واستخراج أقوال مأثورة واقتباسات من النص المعني. غير أن الملاحظ هو أن بعض الخبراء يتهم "جوجل سكولار" بعدم مراعاة متطلبات الشفافية: "فمقارنة ببنوك البيانات المتخصصة، لا يعير جوجل سكولار أهمية ذات بال لمعايير الشفافية والكمال، التى يأمل الكثير من المستخدمين الحصول عليها من موقع مختص بتقديم معلومات وبيانات علمية. ولكن بصفته عاملا مكملا للبحث فى بنوك البيانات المختصة- وفى تلك المجلات، بنحو مخصوص، التى يمكن الوصول إليها من دون عقبات مالية وقانونية أو تقنية- يمكن لجوجل سكولار أن يكون أداة نافعة".
يكمن العيب الآخر فى "جوجل سكولار" فى أنه يُعلى كثيرًا من أهمية المؤلفات الناطقة بالإنجليزية، بفعل تعاونه المتين مع العديد من الجامعات الأمريكية. أضف إلى هذا المشكلة الأخرى التى تلاحق خدمات جوجل عادة: التصعيد اللولبى للتيار المهيمن. فمن خلال تزايد تكرار المسائل المستفسر عنها، تتكرس أكثر فأكثر التصورات والأفكار المهيمنة أصلا على الساحة، وتختفى عن الأنظار تصورات وأفكار الأقلية (راجع، أيضًا بهذا الشأن: "شركة جوجل تجعل العالم أكثر غباء" فى الفصل السادس من هذا الكتاب).
جوجل للتسوق Google Shopping: أطلقت جوجل هذه الخدمة باسم فروغل Froogle أولا، وبعنوان "جوجل للبحث عن منتجات" لاحقًا، وباسم جوجل للتسوق فى آخر الأمر وذلك باعتبار أنها باتت تشكل سوقا جديدة بالكامل. وتنتهج جوجل هاهنا الاستراتيجية نفسها التى اعتادت اعتمادها فى مثل هذه الحالات، أعنى تنفيذها استراتيجية تقوم على ثلاث نقاط:
أولا: ترك الشركات الأخرى تتولى مهمة تطوير السوق.
ثانيًا: تقديم منتج مشابه مجانا، وذلك لزيادة حصته فى السوق بفضل الدعم المقدم من قبل منتجات جوجل الأخرى.
ثالثا: تحويل المنتج المعروض مجانا إلى منتج يدفع الشخص الراغب فى الحصول عليه رسما ماليا معينا (راجع بهذا الشأن: "التجارة الإلكترونية E- Commerce تحت رحمة جوجل" فى الفصل السادس من هذا الكتاب).
وبما أن المواقع الأخرى تتهم شركة جوجل باستخدام قوتها فى السوق بنحو تعسفى، لذا تقدمت هذه المواقع بشكوى قضائية ضد جوجل لدى السلطات المكلفة فى المفوضية الأوروبية بمحاربة التوجهات الاحتكارية.
جوجل سكتش آب Google Sketch: هو برمجية جيدة الأداء ويسيرة الاستخدام لتطوير رسومات ثلاثية الأبعاد، ولدمج هذه الرسومات بجوجل إيرث بعدما تسمح جوجل بتنفيذ عملية الدمج هذه. واشترت جوجل هذه البرمجية فى مارس من العام 2006، من شركة @Lsat Software. لكنها باعتها فى أبريل من العام 2012 لشركة Trimble Navigation.
جوجل توك Google Talk: فى أغسطس 2005 أطلقت شركة جوجل خدمتها المسماة "جوجل توك" المخصصة للتراسل الفورى والصوتي. وفى يونيو من العام 2012 أعلنت جوجل أنها دمجت "جوجل توك" ببرنامج جوجل هانغ أوت وببرنامج جوجل مسنجر Google Messenger.
شريط أدوات جوجل Google Toolbar: يُستخدم "شريط أدوات جوجل" فى متصفحات الويب. وهو متوافر لمتصفح إنترنت إكسبلورر ومتصفح فيرفوكس. ويفضل التعديلات التى أُدخلت عليه، بات شريط الأدوات هذا يصلح للوقوف فى وجه الإعلانات غير المرغوب فيها. والعيب فى هذا البرنامج هو أنه ينقل عناوين كل صفحات الويب التى دخل عليها المستخدم إلى جوجل، ويرسل الأخطاء الإملائية التى تخللت النصوص المحررة فى استمارات الويب إلى أحد خوادم جوجل.
جوجل للتنقل والسفر Google Transit: برنامج جوجل للتنقل والسفر (جوجل ترانزيت) جزء مهم من برنامج خرائط جوجل، وهو يتضمن معلومات موسعة عن الاتجاهات والطرقات الممكن استخدامها للوصول إلى هدف معين... ولا يقدم برنامج جوجل ترانزيت معلومات بشأن المسافة بين مكان وآخر، وبشأن الزمن الذى تستغرقه الرحلة فقط، بل يقدم أيضًا التذاكر الضرورية لاستخدام وسائط النقل العامة. وبهذا المعنى، فإن جوجل ترانزيت يمكن أن يتطور إلى مكتب للسفر متكامل الخدمات، وقد يتحول إلى منافس قوى للشركات الناشطة فى هذا المجال. فبما أن لدى جوجل البيانات الخاصة بالرحلات المختلفة، لذا يمكن أن تتمخض عن التنقيب عن الاتجاهات والطرقات عروض أخرى. من قبيل فنادق وسيارات للأجرة.
اتجاهات جوجل Google Trends: من خلال برنامج "اتجاهات جوجل" يمكن التعرف على روح العصر. فهاهنا، يمكن التعرف على ماهية المصطلحات والموضوعات والأشخاص والأحداث، وما شابه ذلك، التى جرى الاستفسار عنها، وزمن ذلك الاستفسار على وجه التحديد وكم المعلومات التى كانت متاحة للإجابة عن هذه الاستفسارات. وحتى الاختلافات الجغرافية، يمكن هاهنا رصدها والتعرف عليها وذلك من خلال عناوين الآى بى IPsالخاصة بالأسئلة التى جرى رصدها.
ترجمة جوجل Google Translate: برنامج إلى بات الحاسوب يتولى فيه ترجمة أكثر من ثمانين لغة. ومبدئيًا تُترجم النصوص أولا إلى الإنجليزية ثم إلى اللغة المستهدفة. وتسفر هذه الترجمة غير المباشرة عن نتائج مضللة وخاطئة. على صعيد آخر، تحصل جوجل من خدمة "ترجمة جوجل" على النصوص المعنية تلقائيا، الأمر الذى يؤدى إلى إشكاليات لا يستهان بها بخصوص سلامة الخصوصية.
جوجل فيديو Google Video: جوجل فيديو هو موقع فيديو مجانى، وكذلك محرك بحث للفيديو من جوجل، وأُغلق هذا الموقع فى أغسطس من العام 2012، وانتقل تلقائيا إلى موقع يوتيوب.
البحث فى محرك جوجل Google Web Search: هو منتج جوجل الأول مرتبة. آى جوجل iGoogle: هى صفحة بدء الدخول على موقع جوجل. ويمكن إضافة تطبيقات تناسب حاجة مستخدم موقع جوجل. وتسمى هذه الإضافات Google- Gadgets. أطلقت جوجل منتجها هذا فى العام 2005، وألغته فى نوفمبر من العام 2013، اعتقادا منها أن جوجل كروم وبرنامج آندرويد يعوضان عنه كلية.
أوركوت Orkut: هو موقع للتواصل الاجتماعى ابتكره مهندس البرمجيات التركى أوركوت بيوكوكتن، ولذا أسمته جوجل باسمه.
يوتيوب YouTube:فى أكتوبر من العام 2006 أعلنت جوجل عن استحواذها على موقع يوتيوب، الذى هو ليس أكبر موقع للفيديو فقط، بل هو أيضًا ثانى أكبر محرك بحث فى العالم بعد محرك جوجل.
والسؤال المطروح الآن: لماذا ألف هذا الكتاب فى ألمانيا؟
فى حقيقة الأمر أن هناك قلقا ألمانيا وأوربيا من الوحش الأمريكى على شبكة الإنترنت فى عالم تكنولوجيا المعلومات سواء كان هذا الوحش جوجل أو أبل أو غيره، فالتصنت الأمريكى على جوال أنجيلا ميركل جعل الألمان يعيدون حساباتهم، كما أن الصين تبنى حواجز لكى لا تخترق وروسيا حققت قفزات نوعية مرعبة فى حقل البرمجيات.
فى الوقت الذى قرصنت فيه جوجل آلاف الكتب العربية، لا يزال العرب لديهم قصور كبير فى التعامل مع هذا الموضوع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة