الحرب على الإرهاب، ليست قوة فقط، لكنها معلومات وسياسة وقرار وإرادة.. نجحت تنظيمات مثل داعش والقاعدة، فى دول تعرضت لعمليات شق طائفى وعرقى وتشكيك، وحرب نفسية مهدت للهزيمة، صدمة ورعب ورايات سوداء، وفى مصر فشل الإرهاب فى صناعة شرخ أو شكوك. المصريون يختلفون فى السياسة والاقتصاد، ولا يختلفون على الجيش والدور الأسطورى فى مواجهة الإرهاب والحفاظ على نواة الدولة.
الإرهاب الذى دمر دولا، وفكك أخرى وأدخل ثالثة فى متاهات الفوضى بعد إنهاء الدولة.. وما جرى مؤخرا من أحاديث ودعايات لم يكن غرضه السياسة، لكن ومحاولة التفرقة بين الحرب وقرار الحرب. ومن المهم التفرقة بين وجهات النظر المتعددة فى السياسة والاقتصاد، وبين الاستسلام لشروخ بين الشعب والدولة والجيش.. وحتى هؤلاء الذين يزعمون الخلاف مع الرئيس السيسى، من المعارضة، يعرفون الفرق بين الاختلاف السياسى، والاختلاف الداعم للإرهاب.
من المهم قراءة الأوراق والتحركات الميدانية لتنظيمات الإرهاب والقنوات والمواقع، التى تدعمهم، يمكن التقاط إشارات متعددة، هدفها زرع الشك، وهى محاولات تتم بوعى لدى أطراف مختلفة، التقارير المغسولة فى منصات إعلامية وحقوقية، يتم تمريرها وتتضمن معلومات مغلوطة أو فبركة مصاغة بشكل احترافى.. تسربها أجهزة إلى وسائل إعلام لتحصل على توثيق، وتستغل منصات أو صحف قابلة لبيع مساحات تحت ضغط الأزمات المالية، أو ضمن صفقات سياسية.. وبجانب مواقع التواصل وقنوات الدعاية، تطلق قنوات قطر وتركيا اسم مسلحين على الإرهابيين، نفس الدول التى تمول داعش والقاعدة، تشترى مساحات فى منصات إعلامية كبرى لتسويق التقارير المغسولة.
خلال شهر واحد كانت هناك تقارير وحوارات تستهدف العلاقة بين الجيش والقيادة، تقرير فى هاآرتس الإسرائيلية يزعم مشاركة إسرائيلية فى قصف الإرهاب بسيناء، يجد طريقه إلى بى بى سى، ونجد تعبير الدولة العبرية فى المنصة البريطانية، تقرير يغض الطرف عن العلاقات الغامضة بين داعش وإسرائيل، لم يحدث أن هاجم التنظيم إسرائيل ولو بالكلام، وكانت الأكثر أمنًا فى وجود داعش.. بل إن هزيمة التنظيم وهروب فلوله من سوريا والعراق، تبعته هجمات إسرائيلية على سوريا، تزامنًا مع العدوان التركى فى عفرين.. فيما بدا محاولة لتنفيذ ماعجز داعش عن تنفيذه.
ثم تقرير غامض تبثه رويترز عن منشقين مزعومين ينضمون للإرهاب، وهو تقرير منسوب كالعادة لمصادر مجهلة، ويخلو من أى معلومات.. واحتفت به قنوات الإخوان، ومواقع ممولة من قطر.. ثم يختفى شاب إخوانى ليظهر فى أفلام داعش إرهابيا محترفًا.. ولم تعد منظمات الدفاع عن الإرهاب قادرة على إقناع جمهور يراها تنشر لمن يدفع وليس لمن يتألم.
وحتى الدعايات المتعلقة بمرشحين مزعومين تجاوزت السياسة والترشح لتدخل فى محاولة الوقيعة بين الجيش والشعب.. تحرص «الجزيرة وهاف بوست» القطريتان، على استدراج المستشار جنينة لإطلاق مزاعم نسبها للفريق عنان، الذى ينفى ويقدم بلاغا، ثم يحاول المستشار التراجع. وتلاه حديث لأبو الفتوح، يستدرجه لإطلاق كلام يحاول فيه التفرقة بين الجيش والشعب أو الجيش والقائد الأعلى، فى وقت يخوض فيه الجيش بقرار قائده الأعلى حربًا واسعة ضد التنظيمات الإرهابية.. وهى محاولة سطحية للتفرقة بين القرار السياسى والعسكرى.. وتبدو مكشوفة لمن يتابع تحركات التقارير المغسولة والحوارات الموجهة.
وقد يدفع بعض أصحاب النيات الحسنة إلى تصوير الأمر على أنه خلاف فى السياسة، وهو طرح يفتقد إلى العقل والمنطق.. والدليل أن قناة الجزيرة تنسب لمنظمة حقوقية دولية مزاعم بأن الجيش يستخدم أسلحة محرمة، بينما الواقع يؤكد أن طول فترة مواجهة الإرهاب بسبب حرص القوات على أرواح المدنيين، لدرجة إلغاء عمليات مطاردة، لأن الإرهابيين يختبئون كالجرذان وسط المدنيين من أهالى سيناء.. ثم تساقطت مزاعم بشهادات أهالى سيناء.
الجزيرة تزعم مرة أن الدولة فشلت فى مواجهة الإرهاب، ثم تزعم أن هناك تجاوزات، وتكشف عن صدمة وارتباك بين الإرهابيين، لدرجة استدعاء أيمن الظواهرى، زعيم القاعدة، وإخراجه من النسيان، ليصدر بيانًا مهترئًا، يدعم فيه داعش التى سبق أن كفره.. ويدعو الظواهرى لتوحد الإرهابيين حول العالم لمقاتلة الجيش المصرى، الذى أوجعتهم ضرباته، وهو يكسر آخر أوهامهم.. بفضل وحدة الشعب وقواته المسلحة، التى تخوض حربًا فى مواجهة إرهاب الرايات السوداء.