أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «أثر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية على الاقتصاد الإسرائيلى»، الذى أعده الباحث حسين خلف موسى، ونشره المركز الديمقراطى العربى.
يشير البحث إلى أنه فى عام 1992 أصدر الكونجرس الأمريكى قرارًا بإعطاء السلطات للرئيس الأمريكى لتقديم القروض المطلوبة لإسرائيل بالضمانات اللازمة، وذلك كنتيجة مباشرة لتزايد تعداد المهاجرين اليهود إلى إسرائيل، ومن أجل المساعدة لتوفير إمكانيات استيعابهم فى المجتمع الجديد، ومن ثم أصبحت هذه القروض أمرًا واقعًا من خلال تقديم مليارين من الدولارات سنويًا على مدى خمس سنوات، كما طالبت إسرائيل الإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات لها بمئات الملايين من الدولارات للمساعدة فى عملية نقل المهاجرين، وتوفير الإقامة لهم.
ومن ثم يمكن القول إن برنامج القروض الأمريكية لإسرائيل قد حقق نجاحًا كبيرًا خلال عقد التسعينيات، وقد وجهت إسرائيل جزءًا كبيرًا من هذه القروض والمساعدات نحو دعم قطاع الأعمال الإسرائيلى ومشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والجسور والكهرباء وغيرها، كما أسهمت هذه القروض فى مساعدة إسرائيل على بناء المساكن والمستعمرات لليهود الوافدين من الاتحاد السوفيتى السابق، وكذلك قدمت لهم فرص العمل فى المجالات المختلفة، ومن ثم استطاعت أن توفر العمل لمعظم المهاجرين الجدد وبنفس نسبة المواطنين العاديين، كما أدت القروض الأمريكية إلى دعم الاقتصاد الإسرائيلى أمام الأسواق العالمية من خلال الثقة التى منحتها الولايات المتحدة الأمريكية للاقتصاد الإسرائيلى ليصبح اقتصادًا عابرًا للحدود.
المساعدات الأمريكية لإسرائيل «1994 - 2001»
بلغت المساعدات الأمريكية لإسرائيل خلال الفترة من 1994 إلى 1999 نحو 3.1 مليار دولار سنويًا، منها 1.8 مليار دولار مساعدات عسكرية، بنسبة نحو 60%، و1.2 مليار دولار مساعدات اقتصادية، بنسبة نحو 20%، هذا بالإضافة إلى منح لتوطين المهاجرين اليهود، والتى بلغت نحو 80 مليون دولار سنويًا، وفى عام 1996 قُدّم دعم لإسرائيل لمواجهة الإرهاب، بلغت قيمته 100 مليون دولار مقسمة على عامى 1996 و1997.
ولا تشمل المساعدات العسكرية المشروعات العسكرية التى تسهم فيها الولايات المتحدة الأمريكية لدعم إسرائيل، مثل مشروع إنتاج الصاروخ المضاد للصواريخ نظام «أرو»، والذى حصلت منه إسرائيل على منح قدرها 628 مليون دولار منذ عام 1996، من أجل دعم القدرات الدفاعية الإسرائيلية.
وفى عام 1998 قدمت إسرائيل مقترحات للإدارة الأمريكية لتقليل اعتماد اقتصادها على المساعدات الاقتصادية الأمريكية من خلال اتفاقية وقعت مع حكومة الإدارة الأمريكية، والتى تنص على تخفيض المساعدات الاقتصادية التى تصل إلى مليار و200 مليون دولار بنسبة 120 مليون دولار كل عام، بحيث يمكن أن تتقلص تمامًا خلال عشر سنوات، بالإضافة إلى تحويل نصف هذا المبلغ السنوى «60 مليون دولار»، من أصل 120 مليون دولار إلى المساعدات العسكرية، من أجل تأمين المطالب العسكرية لتوفير الأمن الإسرائيلى.
وفى نهاية عام 1998 طلبت إسرائيل مليارًا و200 مليون دولار، دعمًا إضافيًا من أجل بناء معسكرات لقواتها العسكرية التى أعيد تمركزها خارج الأراضى الفلسطينية المحتلة، طبقًا للاتفاقية التى وقعت بهذا الشأن فى 23 أكتوبر 1998، والتى أطلق عليها اسم «واى بلانتيشن».
وتطبيقًا لاتفاق عام 1998 حصلت إسرائيل فى عام 1999 على مليار و80 ألف دولار مساعدات اقتصادية، ومليار و860 مليون دولار مساعدات عسكرية، والواقع أن 26% من المساعدات العسكرية الأمريكية تتسلمها إسرائيل لدعم قدراتها العسكرية فى مجال صناعاتها العسكرية وتطويرها، أما النسبة الباقية وقدرها 74% فتنفق داخل الولايات المتحدة الأمريكية للتعاون المشترك من أجل دعم الآلة العسكرية الإسرائيلية، والأمر الآخر هو أن إسرائيل حصلت على مدى العقود الماضية على أكبر نسبة مساعدات أمريكية تحصل عليها دولة فى العالم، وعلى سبيل المثال فإن المساعدات الاقتصادية تمنح مباشرة للحكومة الإسرائيلية، حيث لا تخضع لنظم المساعدات الأمريكية لباقى الدول، كما تحصل إسرائيل منذ بداية العام المالى على كل مخصصاتها، ولا تُجزأ على أربع مرات كما يحدث مع باقى الدول.
وخلال عام 2000 حصلت إسرائيل على مساعدات عسكرية قدرها مليار و940 ألف دولار، قسمت على مرحلتين خلال العام، بواقع مليار و370 ألف دولار مع بداية العام، و550 مليون دولار خلال منتصف العام، كما بلغت المساعدات الاقتصادية 949.1 مليون دولار، كما حصلت إسرائيل على منحة إضافية خلال عام 2000 بإجمالى مليار و200 مليون دولار، ليصبح إجمالى المساعدات العسكرية 4129.1 مليون دولار.
وخلال عام 2001 وصل حجم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل إلى مليار و981 مليون دولار، بالإضافة إلى 840 مليون دولار مساعدات اقتصادية. وبسبب الانتفاضة الفلسطينية بالأراضى المحتلة، وما سببته من خسائر كبيرة للاقتصاد الإسرائيلى، فقد طالبت إسرائيل فى ديسمبر 2002 الإدارة الأمريكية بمنحها 4 مليارات دولار منحة لا ترد لدعم الاقتصاد الإسرائيلى، علاوة على قرض تضمنه الإدارة الأمريكية تصل قيمته إلى نحو 12 مليار دولار، وهذا بالطبع سيؤدى إلى استعاضة إسرائيل من خسائرها ويدعم من اقتصادها.