منذ عدة أشهر أثير موضوع المدارس اليابانية فى مصر، خاصة بعدما تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقرر تأجيل بدء الدراسة فى هذه المدارس إلى العام الدراسى المقبل، لوجود مشاكل فنية وإدارية تطلبت التريث، ومن وقتها والجدل لا ينتهى، هل سيتم إلغاء المشروع أم ماذا، إلى أن أعلن مجلس الوزراء قبل أيام بدء تلقى طلبات التقدم للمدارس اليابانية 15 فبراير الجارى، وأن وزارة التربية والتعليم استلمت فعلياً 22 مدرسة من أصل 45 مدرسة ستشهد البداية، متوقعًا بدء الدراسة فى سبتمبر المقبل.
قصة هذه المدارس تعود إلى زيارة الرئيس السيسى لليابان فى 2016، حين زار مدرسة يابانية وأعجب بهذه التجربة وقرر نقلها إلى مصر، ووصف السفير هيروشى أوكا، مدير إدارة أفريقيا والشرق الأوسط، بالخارجية اليابانية، انطباع الرئيس السيسى عن هذه التجربة بقوله إن «اليابانيين قرآن يمشون على الأرض»، وأبدى اهتمامه بالمدارس اليابانية لما لديهم من تعود على النظام والمسؤولية، ووقتها أكدنا للرئيس أن اليابان مستعدة وسعيدة بالتعاون مع مصر فى هذا المجال، ولتقوية إطار التعاون فى مجال التعليم تم الاتفاق على إرسال 2500 طالب مصرى للدراسة فى اليابان على مدى خمسة أعوام، واتفقنا على إنشاء 200 مدرسة تطبق النموذج اليابانى، ونحن نعتمد على تأهيل المدرسين وهناك برنامج لذلك، وأيضاً إمداد المدارس بما تحتاجه من مستلزمات لتطبيق البرنامج، وهذه المدارس ليست مدارس يابانية وإنما مدارس على النموذج اليابانى.
وفقاً لما سمعته من أحد المطلعين على ملف المدارس اليابانية فى مصر، فإن قرار التأجيل جاء لتلافى المشاكل التى بدأت تظهر مع التطبيق، خاصة مشكلة التمويل، لأن الجانب اليابانى كان يعتقد فى البداية أن الدراسة فى هذه المدارس ستكون بنفس مصاريف المدارس الحكومية، وأن الجانب المصرى هو من سيتولى بناء المدارس والأنفاق عليها، وأن مهمة اليابان فى توفير النموذج التعليمى فقط، وحينما ظهر الخلاف حول هذا الأمر، تقرر إرجاء التنفيذ لحين الاتفاق على كل التفاصيل، خاصة أن وزارة المالية لم تدرج فى حينها هذا المشروع ضمن الموازنة العامة للدولة، وخلال الأيام الماضية جرت مفاوضات مارثونية بين القاهرة وطوكيو وتم الاتفاق على العمل التدريجى فى المدارس، إلى حين الوصول إلى تطبيق النموذج فى 200 مدرسة، ومن المتوقع أن يقوم وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى بزيارة اليابان خلال الأسابيع المقبلة للاتفاق على بقية التفاصيل.
بجانب المدارس اليابانية هناك أوجه تعاون مشترك كثيرة بين القاهرة وطوكيو، تقودها هيئة التعاون الدولى اليابانية «جايكا»، التى كانت مصر أول دولة أفريقية تقيم معها علاقات قوية وتنفذ معها مشروع المتحف المصرى الكبير الذى يعد ثانى أكبر متحف على مستوى العالم، وهو المشروع الذى تقدم خلاله اليابان الدعم فى مجال البناء من خلال القروض الميسرة والدعم الفنى، وهناك نماذج حاضرة فى ذاكرتنا تتعلق بجم التعاون بين مصر واليابان منها دار الأوبرا المصرية، وغيرها من المشروعات التى تشير إلى حجم التفاهم الكبير بين البلدين، خاصة فى المجال الثقافى والتعليمى.
كما تتوافق مصر واليابان حول الكثير من الملفات، ومنها بطبيعة الحال ملف محاربة ومكافحة الإرهاب، وكان هذا الموضوع مثار حديث مطول بين الوفد الصحفى المصرى الذى زار طوكيو مؤخراً، والسفير هيروشى أوكا، مدير دائرة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة الخارجية اليابانية الذى أكد أن مشكلة الإرهاب نقطة صعبة ولا يوجد نموذج محدد لمواجهته، لكن يمكن التعاون مع مصر فى موضوع تأمين الحدود لمواجهة التسلل والإمداد بالأجهزة الأمنية الضرورية لذلك، متحدثاً عن نقطة مهمة وهى أن مصر تستطيع تصدير الإسلام الوسطى غير المتشدد من خلال الأزهر، ويمكن أن تساند مصر فى هذه الرسالة خاصة فى إيصال هذه الرسالة إلى منطقة شرق أسيا، مقترحا أن يقوم شيخ الأزهر بزيارة اليابان وإيصال رسالة سلام تعبر عن وسطية الاسلام.
وللتدليل على ما قاله بشأن اهتمام بلاده بدعم مصر فى مجال مكافحة الإرهاب، قال السفير هيروشى أوكا، أن اليابان تقدم تمويلا لمصر من خلال مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، لتنفيذ عدد من البرامج بدأت فى إبريل الماضى ومستمرة حتى الشهر المقبل، منها تعزيز مكافحة غسل الأموال وتعزيز تمويل مكافحة الإرهاب مصر، وهو البرنامج المستمر لمدة عام، بمساهمة مالية قدرها 319 ألف و859 دولار أمريكى، فضلاً عن مشروع عالمى بشأن تعزيز النظام القانونى لمكافحة الإرهاب فى مصر الذى ساهمت فيه اليابان بـ540 ألف دولار أمريكى، وبرنامج دعم أجهزة إنفاذ القانون المصرية وتعزيز التعاون الإقليمى فى مجال إنفاذ القانون، من أجل التصدى بفعالية للاتجار عبر الحدود على الحدود المصرية الذى انتهى فى مارس 2016، بمساهمة يابانية قدرها نصف مليون دولار.
من مجمل مع سمعته من مسؤولين يابانيين فإن اليابان تؤمن بأهمية تقوية العلاقات مع مصر فى كل المجالات، وأنهم يعولون كثيراً على الدور المصرى المهم فى المنطقة الذى سيساعد اليابان فى أن يكون لها تواجد معقول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة